الإفصاح عن مشاريع وزارة الإسكان

  • 10/24/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انتهت جلسة نهاية الأسبوع الماضي لمجلس الشورى، بإسقاط توصيتين كانتا تطالبان وزارة الإسكان، وكانتا بحاجة إلى ثلاثة أصوات فقط من أعضاء المجلس ليكتمل شرط الموافقة عليهما، إلا أن ذلك لم يتحقق بكل أسف. تعلقتا بشفافية تعاقدات الوزارة، ومحاربة الاحتكار والتكتلات العقارية، كانت التوصية الأولى: تطالب الوزارة بإعلان تفاصيل عقودها مع شركات التطوير العقاري الأجنبية، والتوصية الثانية: تطالب الوزارة بوضع الضوابط والأنظمة المناسبة لمحاربة التكتلات العقارية غير المشروعة بهدف الحد من احتكار الأراضي والمضاربة بأسعارها. اللافت جدا؛ أن إسقاط هاتين التوصيتين جاء بعد فترة قصيرة جدا من نشر تقارير إعلامية محلية، تتحدث عن تعثر عديد من مشاريع وزارة الإسكان في مختلف مناطق المملكة، التقرير الأول: ما أبرزته صحيفة الاقتصادية منتصف الشهر الجاري، بوجود ستة مشاريع تطوير أراض لتنفيذ البنية التحتية بكامل الخدمات، لم تتسلمها وزارة الإسكان من المطورين حتى تاريخه، على الرغم من مرور نحو عامين على الموعد النهائي لتسليمها. ووفقا للتقرير؛ بلغت قيمة تلك المشاريع نحو 2.53 مليار ريال بمساحة إجمالية فاقت 15.5 مليون متر مربع، تستهدف استيعاب نحو 136.4 ألف نسمة، توزعت تلك المشاريع على ثلاث مناطق، تقع أربعة مشاريع في المنطقة الشرقية، ومشروع واحد في كل من منطقتي المدينة المنورة وتبوك، وذلك بحسب بيانات عقود هذه المشاريع التي وقعتها وزارة الإسكان مع مطورين عقاريين محليين، في شهر شوال 1434 الموافق آب (أغسطس) من عام 2013، وأعلنت عنه في العام نفسه. التقرير الثاني: نشره موقع أرقام، حول نتائج برنامج أداء الذي يتابع المشاريع في منطقة المدينة المنورة، كاشفا تعثر جميع المشاريع التابعة لوزارة الإسكان في المنطقة، البالغ عددها ثمانية مشاريع للإسكان، تتركز على تنفيذ أعمال البنية التحتية ومشاريع إنشاء إسكان، بلغت قيمتها الإجمالية نحو 1.2 مليار ريال. التقرير الثالث: نشرته صحيفة سبق، حول تعثر مشروع وزارة الإسكان الواقع غرب مطار الملك خالد شمالي مدينة الرياض، أظهر التقرير عدم تقدم تنفيذ أي من مراحل المشروع طوال العامين الماضيين بدءا من الأعمال الإنشائية، مرورا بأعمال الكهرباء، انتهاء بالتشطيبات والأعمال الخارجية، ووفقا للتقرير؛ لا تزال أرض الموقع خاوية من أي تطوير أو إنجاز. وأنت تقرأ خبر إسقاط التوصيتين في مجلس الشورى، اللتين كانتا تستهدفان فرض الشفافية والإفصاح على تعاقدات وزارة الإسكان كافة، المفترض أن تشمل أي عقود تبرمها الوزارة سواء مع شركات تطوير عقاري محلية أو أجنبية، والتوصية الأخرى المتعلقة بضرورة وضع الضوابط والأنظمة المناسبة، لمحاربة التكتلات العقارية غير المشروعة بهدف الحد من احتكار الأراضي والمضاربة بأسعارها. ثم تقرأ في الوقت ذاته سيطرة التعثر على مشاريع وزارة الإسكان في عديد من مناطق المملكة، فلا شك أن الأمر هنا يتجاوز مجرد الحيرة والتساؤل، إلى ما هو أبعد من كل ذلك. أولا: إن الثقل الأكبر لرفض التوصيتين في جلسة مجلس الشورى، أتى أغلبه من داخل لجنة الإسكان في المجلس، ورغم قوة الحجج التي قدمها مقترحا التوصيتين، وفقا للتقارير الصحافية التي نشرتها بالتفصيل، إلا أن الحجج المضادة للأصوات الرافضة للتوصيتين، لم تقدم حتى 1 في المائة من قوة الإقناع أو حتى القبول كأسباب للرفض. باختصار شديد؛ كان الصدام بين وجهتي نظر، الأولى أرادت تحقيق الشفافية والإفصاح، وفرض مزيد من الرقابة والمحاسبة والمتابعة على مشاريع هي في الأصل مشاريع للدولة، تتفق تماما في توجهها ذلك مع منطلقات رؤية المملكة 2030، ومع روح برنامج التحول الوطني 2020، بينما لم يجد أصحاب وجهة النظر الثانية، المتمثلة في رفض المقترح أي حجة مقنعة يمكن الاستناد إليها، وفهم موقفهم التصويتي أثناء الجلسة الشورية. ثانيا: كان أحرى بوزارة الإسكان أن تبادر قبل غيرها من الجهات، بالالتزام المسبق بمنطلقات رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، فتقوم في جهد مسؤول وعمل متقن سيسجل لها لا عليها، بالكشف عن كل تفاصيل تعاقداتها المحلية والأجنبية فيما يختص بتنفيذ مشروعات الإسكان لديها، حينها سيسهل عليها لاحقا التعامل مع أي إشكالات أو تعثرات المحتمل حدوثها مع الأطراف المتعاقد معها، وليس كما هو قائم الآن من تبادل للتهم بينها وبين تلك الأطراف؛ كل طرف يحمل الطرف الآخر مسؤولية تعثر تنفيذ المشاريع! ثالثا: إن الطرف الأهم والخاسر من كل هذه الوعثاء، لا شك أنه المتمثل في الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء، وهو الطرف الأثقل وزنا في ميزان هذه الحكاية التنموية البالغة التعقيد، والمفترض أن يكون هو الهدف الأول والمرجح لأي قرار يخطط لاتخاذه؛ سواء في وزارة الإسكان أو غيرها من الأجهزة التنفيذية، أو تحت قبة مجلس الشورى بمختلف لجانه العاملة وأعضائه، الذي لو كان هذا الأمر حاضرا بقوة أفضل وأبرز، لما وجدنا هذا التضارب والاختلاف على تحقيق مصلحة البلاد والعباد، قبل أي اعتبارات أخرى لا شك أنها ستكون أقل شأنا، مقارنة بالهدف الأسمى والأثقل، ممثلا في ضرورة المحافظة على المقدرات الوطنية وتحقيق المصلحة لها. إننا جميعا على يقين تام، بأنه في ظل الالتزام التام بكل من رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، وتحت المتابعة المستمرة من لدن فريق العمل النشيط في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بأن كفة الشفافية والإفصاح ومكافحة الاحتكار والتكتلات العقارية، التي نصت عليها توصيتا عضوي مجلس الشورى، رغم إسقاطهما أخيرا، إلا أننا سنرى بمشيئة الله تعالى استجابة لهما، وسنراهما قريبا على أرض الواقع، وما نأمله جميعا أن يتحقق ذلك على وجه السرعة، استدراكا لمعالجة السقوط المتتابع والمتكرر لمشاريع الإسكان، وهو ما لن يتأخر إصلاحه بمشيئة الله تعالى. والله ولي التوفيق. نقلا عن الإقتصادية

مشاركة :