افتتح أندرو ماكدونالد عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "الإفلا"؛ مؤتمرًا بعنوان "تخطيط إدارة الكوارث في المكتبات والأرشيفات والمتاحف"، وخالد الحلبي رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات "اعلم"، ولمياء عبدالفتاح رئيس قطاع المكتبات بمكتبة الاسكندرية، مؤتمر "تراثنا المعرض للخطر: التحديات وكيفية التعامل معها"، والذي تنظمه مكتبة الإسكندرية على مدار يومين. يركز المؤتمر بشكل خاص على إدارة الكوارث والتراث الثقافي في الوطن العربي، وكيفية التخطيط المسبق لحفظ التراث في المكتبات والمتاحف والأرشيفات، ويهدف إلى التعرف على طرق الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري المعرض للخطر نتيجة الكوارث الطبيعية أو الناتجة عن الحروب، وتبادل الخبرات لوضع خطط واضحة لإدارة الكوارث والمخاطر. وأكدت دينا يوسف مدير مركز الإفلا بمكتبة الاسكندرية أن الحفاظ على التراث يأتي في مقدمة اهتمامات الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "الإفلا"، واليونسكو، واللجنة الدولية للدرع الأزرق Blue Shield. وقالت إن مركز الإفلا للمكتبات الناطقة باللغة العربية والذي تستضيفه مكتبة الإسكندرية هو مركز إقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "الإفلا"، وهو معني بنشر آخر المستجدات في عالم المكتبات والمعلومات، وما توصل إليه "الإفلا" من معايير في مجال المكتبات، والتواصل مع العاملين في مجال المكتبات في العالم العربي وتشجيعهم على المشاركة في أنشطة "الإفلا". وأشارت لمياء عبدالفتاح إلى ضرورة وضع تصور أو خطة لإدارة الكوارث في المراكز الثقافية للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي، وذلك من خبراء من "الإفلا" واليونسكو واللجنة الدولية للدرع الأزرق والذين يعملون في مجال حفظ التراث ويمتلكون خبرات وتجارب وشاركوا في تنفيذ العديد من المشروعات. ورأت عبدالفتاح أن هناك العديد من التحديات في مجال حفظ التراث الثقافي والحضاري خاصة في العالم العربي وإفريقيا، ومنها نقص التمويل وعدم توافر مواد حفظ التراث، ومن هنا تأتي أهمية المؤتمر في التعرف على تجارب وضع الخطط الوقائية لحفظ التراث. وفي كلمته، قال د. أندرو ماكدونالد إن الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "الإفلا" يعتبر الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري من أهم أولوياته، فقد وضع خطة استراتيجية جديدة مكونة من أربعة محاور؛ وهي: المكتبات ومجتمع المعلومات، المعلومات والمعرفة، الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري، وبناء القدرات والطاقات. ولفت إلى أن مبادرات ومشروعات "الإفلا" للحفاظ على التراث تتم في إطار ثلاثة محاور؛ أولها تطوير شبكة تضم المراكز المعنية بحفظ التراث حول العالم. وأوضح أن الشبكة تضم حاليًا 16 مركزا، ويسعى "الإفلا" إلى توسيع الشبكة بهدف الربط بين هذه المراكز وتبادل الخبرات في مجال حفظ التراث وإدارة الكوارث. وأضاف أن المحور الثاني هو تطوير المعايير الخاصة بالحفاظ على التراث، وتشجيع أفضل ممارسات حفظ التراث في صورة رقمية، مبينًا أن "الإفلا" يعمل في مشروع مشترك مع اليونسكو بهدف حفظ التراث الرقمي، ووضع معايير جديدة لصيانة مقتنيات المكتبات. أما المحور الثالث فهو حماية التراث الوثائقي عن طريق التقليل من المخاطر من خلال عدد من المشروعات؛ ومنها سجل المخاطر والذي يعمل على توثيق المجموعات المعرضة للخطر، ومشروع "ذاكرة العالم" الذي يتم بالتعاون مع اليونسكو. من جانبه، قال د. خالد الحلبي؛ رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات "اعلم"، إن حفظ التراث هو موضوع بالغ الأهمية في هذه الحقبة من تاريخ العالم، فهناك عدد كبير من الأحداث المؤسفة التي طالت المكتبات، خاصة في العالم العربي، مما يهدد التراث العربي. وأكد أن طمس الهوية الثقافية والحضارية للشعوب هو هدف من أهداف النزاعات والحروب الدائرة في العالم الآن. وقال إنه إذا كانت الكوارث الطبيعية لا يد لنا فيها، والمخاطر السياسية تفرض علينا فرضًا، فإن هناك مخاطر تأتي من داخل المؤسسات لا تقل خطورة عن الكوارث الطبيعية والحروب، وتتمثل تلك المخاطر في العنصر البشري وعدم وعيه وقدرته على إدارة المؤسسات وغير مبالته بالموارد التي بين يديه، مما يضع هوية الأمة وتراثها في موضع الضياع. وأكد الحلبي أننا أمناء على حضارة الأمة، ودورنا هو الحفاظ عليها لتسليمها للأجيال القادمة، مبينًا أن التكنولوجيا اتاحت لنا أدوات تساعد على الحفاظ على ما هو موجود وإتاحته للجيل الحالي في صورة يستسيغها، حيث فتحت الرقمنة آفاقًا جديدة للتعامل مع التراث حفظًا وإتاحة، ولذلك يجب على العنصر البشري أن يطور من نفسه لاستخدام هذه الأدوات. وأضاف أن الشعوب أيضًا عليها عبء كبير للحفاظ على التراث، فالوعي الثقافي للشعب هو الأداة المثلى لذلك. وأوضح أن الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات قد أخذ على عاتقه تطوير أداء العاملين في قطاع المكتبات والمعلومات في مجال حفظ التراث من خلال ورش العمل والدورات التدريبية والمؤتمرات، وإنشاء المعايير باللغة العربية وترجمة المعايير العالمية لتصل لجميع العاملين في هذا المجال في العالم العربي. واستعرض د. طارق العوضي، مدير المتحف المصري السابق ومدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، التجربة المصرية في الحفاظ على المتحف المصري خلال أحداث ثورة 25 يناير. وأشار إلى أن قطاع التسجيل جرد المقتنيات عقب أحداث الثورة وحادث نهب المتحف وإعداد لائحة بالمقتنيات التي نهبت والتي كان عددها 54 من متحف المصري، وقال إن المتحف "تعرض إلى هجوم من مجرمين خارجين على القانون اقتحموه من السقف الذي يحتوي على نوافذ زجاجية يسهل كسرها والنفاذ عبرها إلى المتحف، وهي تمثل نقطة ضعف في تأمين المتحف الذي لم يكن مهيأ لكي يصمد في وجه الثورات". وأضاف أن أبواب المتحف لم تُقتحم، وأن تسلل اللصوص جاء من السقف وحده. "أجهزة الإنذار أطلقت إنذارها، غير أن الفوضى الأمنية سمحت لبعضهم بالفرار. ويضيف أن القوات المسلحة وصلت إلى المتحف في الوقت المناسب، وأن شرطة المتحف استطاعت القبض على أحد اللصوص داخل المتحف، كما تم القبض على خمسة أشخاص آخرين. وبعد شهر من الأحداث تم إلقاء القبض على 3 مجرمين، واستعاد المتحف بعض تلك المقتنيات، ثم استعاد المتحف مقتنيات أخرى خلال عامين، فيما لم يتم استعادة 18 قطعة حتى الآن، مشيرا إلى أن المتحف به 195 ألف قطعة أثرية، مؤكدا على إعادة تأمين المتحف من خلال زيادة عدد كاميرات المراقبة وتشديد إجراءات التفتيش. يستمر المؤتمر على مدار يومين متتالين، ويتضمن أربع جلسات؛ الأولى بعنوان الدروس المُستخلصة من الكوارث الطبيعية والبشرية، ويتحدث خلالها ممثل اللجنة الدولية للدرع الأزرق؛ د. كريستوف جاكوبز، حول الكوارث الطبيعية والتراث الثقافي "تقرير عن حالة هايتي"، ود.علاء أبو الحسن العلاق؛ مدير المكتبة الوطنية بالعراق، والذي يلقي كلمة بعنوان "حماية المكتبات في وقت الحروب والأزمات: تقرير عن حالة العراق"، ود. زاهد تاج الدين؛ ممثل هيئة الآثار بجامعة UCL بلندن، ويناقش التراث السوري المُعرض للخطر، بالإضافة إلى د. أسامة النحاس؛ مدير عام الآثار الغارقة بالإسكندرية، والذي سيلقي كلمة بعنوان "نحو تأسيس مركز لمواجهة الكوارث والأزمات لحفظ التراث الثقافي في مصر". وتتناول الجلسة الثانية من المؤتمر طرق وتقنيات حماية التراث الثقافي، ويشارك فيها ثلاثة متحدثين؛ هم د. ستيفان إيبرت؛ مدير الحفظ والترميم بمكتب "الإفلا" للحفظ والترميم بمكتبة قطر الوطنية، ود. عبدالرازق النجار؛ الأمين العام للجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولي للمتاحف، ود. أندريا بابي؛ خبير الترميم ومستشار بالمعهد الإيطالي الأمريكي اللاتيني IILA واليونسكو. أما الجلسة الثالثة فتأتي في ثاني أيام المؤتمر بعنوان "التخفيف من حدة المخاطر والحدّ من وقوع الخسائر"، ويشارك فيها كل من اللواء خالد جابر؛ المدير العام للحماية المدنية بمحافظة كفر الشيخ، ود. عبدالحميد صلاح؛ مؤسس فريق انقاذ التراث المصري، واللذين يناقشان موضوعات خطط الأمن والسلامة والإخلاء، وإدارة التراث الثقافي في وقت الأزمات. وتتضمن الجلسة الرابعة والأخيرة موضوعات التراث الثقافي والحفظ الرقمي، ويشارك فيها كل من جوليا برونجز؛ مسئول المشاريع والسياسات بـ"الإفلا"، وبول هيكتور؛ ممثل منظمة اليونسكو، ود. إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية. محمد الحمامصي
مشاركة :