كلا المهاجمين كان أهم لاعبي مانشستر يونايتد، لكن الأمور تبدلت الآن، حيث يناضل القائد للبقاء في ملعب أولد ترافورد، فيما رحل الثاني لينضم إلى فناربغشة التركي الذي جاء إلى إنجلترا منافسًا. أحيا وجود واين روني وروبن فان بيرسي الذكريات القديمة عندما كان فريق مانشستر يونايتد يمثل القوة الأبرز في الدوري الإنجليزي. تلك الأيام السعيدة ليست بالبعيدة، فلم يمر عليها سوى 3 سنوات عندما حصد النادي لقب بطولة الدوري رقم 20 في تاريخه بملعب أولد ترافورد في شهر أبريل (نيسان) الماضي. ففي تلك الليلة تسببت ثلاثية «هاتريك» فان بيرسي في إسقاط أستون فيلا، وامتدح السير أليكس فيرغسون الهدف الثاني للاعب الهولندي واعتبره «هدف القرن». جاء الهدف الرائع أشبه بتمريرة في لعبة الكرة الطائرة من فوق أكتاف الحارس بعد 13 دقيقة من تسجيل فريقه للهدف الثالث، مما جعل الحارس براد كازينو يقف عاجزًا. شهد ذلك الموسم بداية المأزق لزميله روني الذي انتقل إلى مهاجم ثانٍ وأحيانًا لاعب وسط، مما أثار التساؤلات عن الموقع الأنسب له، الذي تسبب في أن يصبح بديلاً في فريقه بعد أن كان أساسيًا بشكل تلقائي. هكذا أصبح قائد الفريق يجلس على مقاعد البدلاء، مع احتفاظه برقم 9، لكن روني يقاتل لاستعادة مستواه بعد أن فقد مدربه البرتغالي جوزيه مورينهو إيمانه بقدراته. أفضل طريقه تجعله يستعيد مكانه هو أن يعود لتسجيل الأهداف وبانتظام. فبعد 35 دقيقة من بداية لقاء فناربغشة ومانشستر يونايتد، كان روني سببًا في إتاحة فرصتين لفريقه، وكلتاهما تسببت في ضربة جزاء لفريقه، وسجلهما لاعبان مختلفان؛ بول بوغبا وأنطوني مارسيال. كان الاعتماد على لاعبين مختلفين في كل تسديدة أمرًا غريبًا، لكن الأغرب أن روني لم يسعَ لتسديد الضربتين ليرفع عدد أهدافه إلى ثلاثة في الموسم الحالي. فالاكتفاء بهدف واحد في 10 مباريات مع مانشستر يونايتد رقم لا يليق بمكانة القائد. بات الأمر ملاحظًا وغريبًا أن يتراجع معدل التسجيل رغم أن تلك كانت وظيفته القديمة. وبدا كأن الماكينة قد هدأت، فلم يعد روني هو نفسه اللاعب صاحب المزاج الناري الذي يناضل لتغير مجرى المباراة. فمع اقتراب الشوط الأول من نهايته، قدم اللاعب لمحة من خيلائه بقطع الكرة وتمريرها عرضيًا مما كان سببًا في تسجيل بوغبا الهدف الثاني، لكن ما أظهرته الكرة هو أن دور روني بات هامشيًا. كانت تجربة فان بيرسي أشبه بالانحراف إلى الحافة بعد 26 هدفًا سجلها المهاجم الهولندي، وكانت سببًا في حصول يونايتد على لقب الدوري في الموسم الأخير للمدرب فيرغسون. وجاء الذبول البطيء للاعب عندما استبعده المدرب الجديد لويس فان غال في صيف 2015، على الرغم من أن فان بيرسي كان قد بدأ الموسم قائدًا للفريق يضع شارة الكابتن على ذراعه. بنهاية الشوط الأول كانت النتيجة 3 - صفر لفريق يونايتد أمام فناربغشة بقيادة فان بيرسي، الذي لم يشكل أي خطورة على فريقه القديم، فربما أن زملاءه بالفريق لم يتعاونوا معه بالشكل الكافي. فما شاهدناه أنه أثناء فترة الراحة كان يحتضن زملاءه القدامى وتلقى ترحيبًا كبيرًا من روني، ليلتقطا معًا الصور التذكارية في مشهد يذكر بأيام التألق على ملعب أولد ترافورد. قبل المباراة، قلل فان بيرسي البالغ من العمر 33 عامًا من أهمية خروج زميله القديم من تشكيلة يونايتد، مطالبًا بعدم «تضخيم» الأمر، وعبر عن نفس الرأي بخصوص أزمة روني. قال فان بيرسي، إن روني «اعتاد البقاء في الأضواء منذ صغره، وهو قادر على التعامل مع مختلف المواقف»، مضيفًا: «على امتداد مسيرتك لاعبًا، لا بد أن تكون هناك نقاط صعود ونقاط هبوط، لكن روني دائمًا يعرف كيف يتغلب على تلك المواقف. ففي مرحلة ما خلال مسيرتك سوف تجلس على مقعد البدلاء لمرات كثيرة، وهذا أمر مألوف على امتداد موسم طويل، خصوصًا في إنجلترا، حيث يزداد عدد المباريات. في الحقيقة، لا أرى سببًا لكل تلك الضوضاء. أعتقد أن الناس ضخمت من المشكلة وأنهم يبحثون عن خبر مثير لا أكثر. فروني يعرف كيف يتعامل مع تلك المواقف وسوف يعود إلى قمة مستواه». هذه هي الحكاية التي يتطلع روني إلى كتابتها، فقد أشارت تعليقاته بعد تعادل فريقه الاثنين الماضي أمام ليفربول إلى أنه سيبلغ عامه الواحد والثلاثين بعد أيام، وأنه لا يزال لديه الكثير ليقدمه في عالم الكرة. فمع القدرات الإبداعية لخوان ماتا خلفه، ومع سرعة مارسيال وجيسي لينغارد بعرض الملعب، بدا روني محاطًا بقوى قادرة على إتاحة الفرص أمامه. لكن هذا لم يحدث، وبدلاً من هذا فقد بدأ لينغارد الشوط الثاني بتسديدة تشبه تسديدات روني من على بعد 20 ياردة مرت إلى جوار مرمى الحارس فولكان ديميرال. نفذ روني تمريرة بسيطة أدت إلى هدف، وقاد فان بيرسي هجمة متأخرة، مما منح الاثنين شكلاً مشرفًا. وذكرنا روني بهجماته السابقة التي كان يشنها عندما كان يلعب في مركز المهاجم الأوسط عندما فاز يونايتد على نورثهامبتون بنتيجة 3 - 1 في كأس الاتحاد الإنجليزي. فقد شارك زلاتان إبراهيموفيتش عندما كانت النتيجة التعادل 1 - 1، وكان روني منحرفًا بعرض الملعب لدعمه، مما أدى إلى تسجيل الهدفين الحاسمين، لكن روني لم يشارك بجوار السويدي إبراهيموفيتش في لقاء تشيلسي أمس. ويعاني روني من كثرة الضغوط خصوصًا بعد أن امتدت الانتقادات له من جماهير فريقه إلى جماهير منتخب بلاده التي طالبت باستبعاده، وبالفعل يجلس بين البدلاء في المباراة أمام سلوفينيا. وكان واين روني اتهم مدرب إنجلترا السابق سام ألاردايس بتحطيمه، عما اعتبره قائد المنتخب بعض أكثر الانتقادات إجحافًا التي تعرض لها المنتخب على مدار الأعوام الـ13 التي شارك خلالها بصفوفه. وأشار إلى أنه لا يزال يشعر بالألم بسبب التعليقات التي أدلى بها ألاردايس بخصوص تمتعه بكامل الحرية في اختيار المركز الذي يشارك به في صفوف المنتخب، الأمر الذي أثار انطباعًا عامًا بأن اللاعب صاحب العدد القياسي من الأهداف مع المنتخب يحظى بمعاملة تمييزية لم يسبق لأي لاعب التمتع بها. واتضح فيما بعد أن ألاردايس أدرك خطأ تصريحاته واعتذر لروني على متن الطائرة أثناء عودة المنتخب إلى الوطن في أعقاب الفوز على سلوفاكيا بهدف نظيف دون مقابل، الشهر الماضي. ومع ذلك، أعرب اللاعب عن اعتقاده أنه تعرض لـ«الذبح» بسبب تعليقات المدرب، وكان الغضب لا يزال باديًا عليه في وقت كان يتطلع نحو أول مباراة للمنتخب تحت قيادة غاريث ساوثغيت أمام مالطة. لكن روني اعترف أنه يستحق خسارة مكانه في التشكيل الأساسي بأولد ترافورد، وأقر بأنه فقد سرعة الأداء التي ساعدته ذات يوم في التحول إلى مهاجم يهابه الجميع، علاوة على أنه أوضح أكثر عن أي وقت مضى اعتقاده أنه ينبغي أن يشارك في وسط الملعب في هذه المرحلة من مشواره بالملاعب. وقال: «سمعت كثيرين يتحدثون عن فترة انتقالية - حسنًا، دعوني أفعل ذلك. لو أن هذا سيحدث حتمًا، فدعوني أفعل ذلك. أشعر أنني أحرم من فرصة اتخاذ السبيل الذي أريده في مشواري بهدف تعزيزه. إنني محروم من فرصة الانتقال من الهجوم إلى خط الوسط». 12 عامًا مرت منذ سجل روني «هاتريك» في أول ظهور له أمام فناربغشة ليعلن عن نفسه بقوة. حينها بات روني يمثل مستقبل يونايتد، لكنه الآن أصبح يخوض معركة ليتجنب بها مصير زميله السابق فان بيرسي، معركة ألا يكون جزءًا من ماضي مانشستر يونايتد.
مشاركة :