يرى قانونيون استحالة ممارسة السجناء حقوق الانتخاب والترشح لأنهم محكومون بتنفيذ عقوبات مقيدة للحرية لا تمكنهم من ممارسة العضوية لاحقا، أو القَسَم، ولا تمكنهم كذلك من الاستمرار في العضوية، بسبب الغياب. في الوقت الذي قررت فيه إدارة الانتخابات فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الأمة ثارت مجموعة من التساؤلات حول جواز تمكين السجناء والمغادرين للبلاد من ممارسة حقوق الانتخاب والترشح، لوجود موانع تمكنهم من ذلك. وبينما يرى بعض القانونيين عدم جواز توكيل الغير ليتولوا نيابة عن السجناء ممارسة تلك الحقوق، يرى بعضهم جواز ترشح السجناء للانتخابات عن طريق انتقال إدارة الانتخابات إليهم، في حين لا يرى آخرون جواز تمكينهم من عملية الانتخاب والاقتراع للانتخابات. ويرى بعض القانونيين استحالة ممارسة السجناء تلك الحقوق لأنهم محكومون بتنفيذ عقوبات مقيدة للحرية لا تمكنهم من ممارسة العضوية لاحقا، أو القَسَم، ولا تمكنهم كذلك من الاستمرار بالعضوية، بسبب الغياب. حق الانتخاب من جهته، يقول د. محمد الفيلي إن الانتخاب كحق أو كوظيفة شخصي بطبعه يلزم ممارسته بواسطة صاحب الحق أو المخاطب بشخصه، لافتا الى أن بعض الأنظمة القانونية تقبل الخروج عن هذا الحكم، ولكنه استثناء تضع له ضوابط. ويضيف الفيلي أن بعض الانظمة القانونية تجيز التوكيل لعملية الانتخاب لمن كان مسافرا مع تحديد عدد الوكالات وبعضها يجيز الوكالة مع ضبط العلاقة بالموكل، أي ما يكون قريبا من درجة معينة أو هناك ما يمنعه من الذهاب لمكان الاقتراع. ويبين أن القانون الكويتي أخذ بالأصل ولم يرتب الاستثناءات، كما أن طلب الترشيح يقدم مكتوبا من المرشح والناخب ينتخب بنفسه في مقر لجنة الاقتراع، وبالتالي فالمشرع لم يأخذ بفكرة الوكالة لا بالترشيح ولا بالانتخاب. انتخاب السجين وعن جواز قيام السجين بحق الانتخاب والإدلاء بصوته في الانتخابات يقول الفيلي إن الوضع القائم في قانون المؤسسات العقابية لا يسمح بخروج السجين للتصويت، وللسماح لهؤلاء السجناء بالانتخاب يلزم إما تعديل قانون المؤسسات العقابية كي يمكنهم الخروج للتصويت أو قانون الانتخاب كي تذهب لجنة الانتخابات للسجن، لأن النصوص الحالية لا تقرر ذلك. بدوره، يقول رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق في جامعة الكويت د. خليفة الحميدة إنه لا الدستور ولا قانون الانتخابات عالج حالة وجود مانع قانوني أو واقعي يحول دون إمكانية حضور من يرغب في الترشح أمام اللجنة المختصة بتسلم طلبات الترشح، وعلى سبيل المثال فإن المانع القانوني من الترشح للسجين هو بسبب تنفيذه حكم الحبس، والمانع الواقعي لمن يوجد خارج الكويت هو بسبب سفره وعدم وجوده للعلاج أو اي ضرورات تحول دون وجوده في البلاد. اجتهاد قانوني ويقول الحميدة: «وأمام افتقادنا للنص المنظم لمثل هذه الحالات فلا مناص من استعمال الاجتهاد القانوني للبت في مدى جواز التوكيل في الترشح، ويتنازع هذا الاجتهاد أكثر من منطلق قانوني، فيكمن الأول في صياغة النصوص المنظمة للترشح والتي تضمنها قانون انتخابات مجلس الأمة والتي تتناول حضور المرشح للجهة المذكورة وتسليمها طلب الترشح. كما أن دواعي الحملات الانتخابية وما يتلوها من احتمال نجاح للمرشح ثم وجوب حضوره لجلسات المجلس لأداء القسم وممارسة اختصاصاته كنائب فيه يستلزم القول بعدم جواز التوكيل في الترشح. أما عدا ذلك فإن ممارسة الحق في الترشح هو مما يكفله الدستور والقانون، الأمر الذي يبيح تسهيل إجراءاته على الأفراد. وفي محاولة للترجيح بين كلا المنطلقين فإن الأول يفرض نفسه ويرجح الآخر لما في ذلك من دواعي استكمال القدرة على ممارسة أعباء الترشيح أولاً، ثم العضوية إن تحققت. ويضيف: «إذا كنا لا نتفق مع من يجيز التوكيل في الترشيح، فمن باب أولى نقول بعدم صحة التوكيل في ممارسة الانتخاب، بل إن قبول التوكيل في ممارسة الانتخاب يعد تسهيلا لأفعال مخلة بنزاهة هذا الانتخاب كشراء الأصوات، وذلك لأن السماح بالتوكيل سيسمح بشراء أصوات الناخبين من قبل المرشحين، وذلك بعد حصول المرشح على توكيل من ناخبيه ليقوم هو بدوره في التصويت نيابة عنهم ولنفسه». شروط الترشح في المقابل، يقول أستاذ القانون الدستوري في كلية الدراسات القانونية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د. غازي العياش إن قانون الانتخاب ينص صراحة على أن ممارسة الحقوق الانتخابية تكون عبر الشخص نفسه، كما أن النص الدستوري يتطلب أن يجيد المترشح القراءة والكتابة، وهذا لا يكون إلا عندما يقوم الشخص نفسه بتعبئة استمارة طلب الترشح أمام موظف إدارة الانتخابات. ويضيف العياش ان «ما ينطبق على الناخب يسري على المرشح، وعليه فإنه لا يجوز التوكيل في الترشح، كما أن قانون الانتخاب من القوانين الأساسية التي لها طبيعة خاصة في نطاق تطبيق نصوصه تؤخذ بشكل متكامل بغض النظر عما تقرره القوانين الأخرى بشأن مفهوم الوكالة». وعن حرمان السجناء من الانتخاب والترشيح، يذكر أن الناخب السجين والمقيد من الحرية لا يحرم من ممارسة حق الانتخاب إلا في حالة ما إذا كانت هذه العقوبة مخلة بالشرف والأمانة، أو كان محكوما بعقوبة جناية اي كانت العقوبة المحكوم بها اكثر من 3 سنوات، وإذا ما تم تمكينه من تقديم طلب الترشح بأي صورة كانت وتوافرت فيه الشروط القانونية، فإن ترشحه يكون صحيحا، وإلا اعتبر ذلك عقوبة تبعية غير مشروعة، فالحظر الذي يمنع من الترشح كما ذكرنا أن يكون الشخص محكوما بعقوبة جناية أو جريمة مخلة بالشرف والأمانة. ويتابع: «وفق قانون السجون، فالمسجون يمارس جميع حقوقه عن طريق مأمور السجن كالطعن... وغيره في المادتين 10 و7، وعليه لا يوجد مانع قانوني للشخص من ترشيح نفسه بشرط أن يتقدم بذلك بنفسه، مثل أن تنتقل الإدارة إليه، ولا تملك إدارة السجن منعه من ذلك إلا في حالة عدم توافر شروط الانتخاب فيه». حضور شخصي اما عضو مكتب أركان للاستشارات القانونية المحامي د. فايز الفضلي فيقول ان قانون الانتخاب اكد ان ممارسة حقوق الانتخاب والترشح تكون بحضور الشخص الى ادارة الانتخابات، لكون ذلك من الحقوق التي لا يمكن ان يباشرها الا الشخص نفسه. ويضيف الفضلي أن غياب التنظيم التشريعي في قانون الانتخاب والسجون من تنظيم حق السجناء في ممارسة الانتخاب والترشيح وإزاء تنفيذ السجين لحكم مقيد من الحرية، فإنه لا يمكن للسجين نفسه ممارسة تلك الحقوق التي تتطلب توافرها حتى في عضوية مجلس الامة وفق ما تقرره المادة ٨٢ من الدستور، التي حددت شروط العضوية لمجلس الامة، ومنها ما ورد بقانون الانتخاب الذي لم يقرر من بينها جواز تصويت السجين او المسافر من ممارسة تلك الحقوق. شروط العضوية ويبين أن توافر شروط العضوية في المترشح للانتخابات تطلب استمرار تلك الشروط حالا ومستقبلا، وخلوها من الموانع حالا ومستقبلا، فاذا عرفت مستقبلا بعدم استمرارها فلا يمكن الاقرار بصحتها، والسؤال الذي يطرح نفسه: اذا كان المحكوم بعقوبة جناية بالسجن 3 سنوات مثلا وأراد الترشح، فهل سيقبل طلبه بانتقال ادارة الانتخابات اليه؟ وإذا حدث ذلك وكانت الجريمة المحكوم بها ليست ماسة بالشرف، ولا الامانة، وليست بعقوبة جناية لأنها لا تزيد على الثلاث سنوات؟ وتابع: «برأيي سيكون طلبه مرفوضا، وذلك لتحقق الموانع القانونية والواقعية من تمكنه من الاستمرار في العضوية، وهي موانع معروفة سلفا تحول من تمكنه لمباشرة تلك العضوية او الاستمرار بها، مما يجعل من امكانية التمتع بمنصب العضوية أمرا مستحيلا لمنصب العضوية، ومنها مثلا اداء القسم الذي يؤديه عضو مجلس الامة، وهو ما لم يتمكن العضو السجين الفائز من اتمامه، كما لا يمكن التوكيل به، وكذلك تغيبه عن خمسة جلسات متواصلة بدون عذر مقبول. ومثل بقائه بالسجن عذر ليس بمقبول، ولذلك بسبب مانع السجن فلن يتمكن السجين من اداء وظيفته في التشريع والرقابة، كما ان العقوبة المحكوم بها قد تتجاوز عمر الجلسات التي تفقده العضوية بكثير.
مشاركة :