تصاعد الغضب الشعبي في الأردن احتجاجاً على مقتل القاضي الأردني رائد زعيتر برصاص جنود إسرائيليين أول من أمس على جسر الملك حسين، الواصل بين عمان والضفة الغربية. وانطلقت تظاهرات عدة أمام البرلمان وقصر العدل والنقابات المهنية وفي محيط السفارة الإسرائيلية غرب العاصمة عمان، ووقعت اشتباكات بين أفراد شرطة يحملون أدوات مكافحة الشغب وبين مواطنين غاضبين حاولوا اقتحام مقر السفارة، واعتقل عدد منهم. وقال رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور في جلسة نيابية عاصفة مساء أمس إن «إسرائيل قدمت الثلثاء اعتذاراً رسمياً للأردن عن حادثة قتل القاضي زعيتر». وأضاف أن «الحكومة أصرت على إجراء تحقيق مشترك، تنخرط فيه أجهزتنا الأمنية». ووصف النسور حادثة مقتل القاضي الأردني بـ «الجريمة البشعة»، قائلاً: «لقد فقدنا مواطناً أردنياً وقاضياً مرموقاً». وخلال إلقاء النسور كلمته، عمد بعض المواطنين على الشرفات إلى إحراق العلم الإسرائيلي، لكن رئيس البرلمان عاطف الطراونة طالب قوات الأمن بإخراجهم من البرلمان، مما أثار استياء العديد من النواب. وطالب الحكومة «بعدم الاكتفاء بنتائج التحقيق والذهاب إلى أبعد من ذلك، ونضعها أمام مسؤولياتها الوطنية في رد الاعتبار للدم الأردني، واستثمار المعاهدة الموقعة، والاتصالات الدولية، لوقف إسرائيل عند حدها». ورفع أحد النواب لافتة كبيرة تحت القبة كتب عليها «لا مساومة على دم أبنائنا الشهداء. نعم لطرد السفير الإسرائيلي من عمان. وعاشت أمتنا العربية». وطالب نواب وكتل برلمانية خلال الجلسة بطرد السفير الإسرائيلي، وإلغاء معاهدة السلام، وأمهلوا الحكومة، على لسان النائب عبد الكريم الدغمي، وهو رئيس برلمان سابق، مدة 48 ساعة، لحين تنفيذ المطالب، وهددوا بالعمل على إطاحتها. يذكر أن قطع العلاقات مع إسرائيل قرار سيادي لدى الأردن، ولا يصدر إلا عن مرجعيات عليا داخل الدولة. وكان مئات المحامين والقضاة الأردنيين اعتصموا ظهر أمس أمام قصر العدل وسط العاصمة، احتجاجاً على مقتل زميلهم رائد علاء الدين، أثناء توجهه إلى الأراضي المحتلة، حيث يقيم أقاربه. وطالب المعتصمون الحكومة الأردنية بـ «أفعال لا أقوال»، وهتفوا بشعارات غاضبة طالبت بإلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية. كما هتفوا ضد البرلمان، واتهموه بأنه غير قادر على إلزام الحكومة طرد السفير الإسرائيلي من عمان وقطع العلاقات مع تل أبيب، بعد أن صوت النواب لهذا الأمر مرات من دون أن يلزم السلطات. وتوجه المحامون والقضاة المعتصمون في تظاهرة نحو مقر البرلمان، ووجهوا انتقادات لأجهزة الدولة. وأصدر المجلس القضائي الأردني، وهو أعلى سلطة قضائية في البلاد، بياناً شديد اللهجة قال فيه إنه «لن يقبل أي ادعاءات من سلطات الاحتلال في شأن اغتيال زعيتر»، وطالب بـ «فتح تحقيق عادل ومستقل وسريع للوصول إلى الحقيقة العادلة بما يكفل حقوق شهيد العدالة». وأصدرت لجنة فلسطين النيابية وأحزاب المعارضة ونقابات مهنية بيانات دانت عملية «اغتيال» زعيتر، ودعت الحكومة الأردنية لاتخاذ موقف حاسم من علاقات الأردن مع إسرائيل. وجاءت هذه التطورات، على وقع تصاعد الغضب في الشارع الأردني، إذ لوح نواب بطرح الثقة بالحكومة إذا لم تتخذ قرارات فاعلة، للرد على «الجريمة الإسرائيلية». وتداعى رؤساء كتل برلمانية للاجتماع قبيل الجلسة المسائية لاتخاذ موقف موحد. ولم يستبعد نواب تحدثوا إلى «الحياة» أن يربط لأول مرة بقاء حكومة عبدالله النسور بطرد السفير الإسرائيلي من عمان واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب. ويواجه البرلمان ضغوطاً كبيرة، بعد أن تتالت الانتقادات لمواقفه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر هتافات المعتصمين مساء أول من أمس أمام السفارة الإسرائيلية في عمان، وفي هتافات المحامين والقضاة أمس. وكان وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام، محمد المومني، قال خلال مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء الاثنين، إن «الحكومة ستتخذ الإجراءات اللازمة، بعد أن تتسلم نتائج التحقيق الإسرائيلي في مقتل زعيتر». وكان وزير الخارجية الأردني ناصر جودة استدعى القائم بالأعمال الإسرائيلي في عمان أول من أمس وأبلغه استنكار الحكومة الأردنية لقتل القاضي الأردني، وطالب بتحقيق فوري وإطلاع الأردن على نتائجه. وتحول مقتل زعيتر خلال الساعات الماضية إلى قضية رأي عام من الدرجة الأولى، وتصدر اهتمام كافة وسائل الإعلام المحلية، التي تسابقت في نقل التفاصيل وآخر الأخبار وردود الأفعال. كما سيطرت القضية على اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي، التي أظهرت انتقاداً لموقف الأردن الرسمي، والذي طاول على نحو غير مسبوق مرجعيات عليا في الدولة. وزاد حجم الاحتقان تفريق الدرك الأردني احتجاجاً أمام السفارة الإسرائيلية في عمان، واعتقال عدد من المنظمين قبل إخلاء سبيلهم. وأعربت إسرائيل في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس عن أسفها لمقتل القاضي الأردني زعيتر، «وتعرب عن تعاطفها مع شعب وحكومة الأردن». وأضاف أن «إسرائيل وافقت على طلب أردني لتشكيل فريق إسرائيلي-أردني مشترك لاستكمال التحقيق» على أن يبدأ عمله «فوراً». وزعم الجيش الإسرائيلي أن التحقيقات الأولية في مقتل زعيتر تظهر أنه حاول انتزاع سلاح و «خنق» جندي إسرائيلي. وشارك مئات الفلسطينيين أمس في جنازة زعيتر، الذي لف جثمانه بالعلم الفلسطيني في مدينة نابلس. وقال والده علاء زعيتر الذي جاء من عمان ليشارك في الجنازة لوسائل الإعلام: «قتلوا ابني الوحيد بدم بارد، ابني لم يكن مسلحاً ولا يعرف حتى كيف يستخدم السلاح». وأضاف: «أخبرنا من كانوا معه أن جنود الاحتلال أهانوه وطرحوه أرضاً ولم يتحمل الإهانة ثم أطلقوا عليه الرصاص وقتلوه». الأردنإسرائيلفلسطيننتانياهو
مشاركة :