مواقع التواصل الاجتماعي: عبث «مشاهير الغفلة» يناوش جديّة «النخبة»

  • 10/25/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هذه الرؤية يعمقها الدكتور حامد بن صالح بن خلف الربيعي، أستاذ النقد الأدبي والبلاغة، بقوله: إن وسائل التواصل الحديثة بشتى أنواعها ذات تأثير بالغ، لأنها تستخدم الكلمة واللغة التي هي مناط التأثير والتوجيه، هكذا جاء القرآن الكريم والحديث الشريف لغة وتأتي التوجيهات لغة؛ فاللغة هي الأداة المستخدمة في توجيه الجماهير في الأمور الإيجابية، ولذلك نقول إن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، لها تأثير إيجابي وتأثير سلبي، وإذا كان المستخدم من الأسماء الصغيرة أو غير المشهورة فلا أقول إن ذلك لا يؤثر؛ لكن تأثيره بلا شك سيكون ضعيفًا، أما اذا كان صاحب التغريدة من الأسماء المشهورة ذات المكانة الاجتماعية أو الدينية أو الاقتصادية أو السياسية أو غيرها فإن ذلك يكون أبلغ خطورة، لذلك نحن ننادي دائمًا ونوصي بأن يستخدم الجانب الإيجابي لهذه الوسائل، هنا تصبح المشاركة - أيًّا كان نوعها - واجب وطني. في هذه الظروف لا ننتظر لنكتب ما يطرأ على خواطرنا لكن علينا أن نكتب إيجابيًا في مساندة الوطن، ونبتعد عن الكلمة أو السطر الذي يحتمل أن يكون أداة هدم وأداة توجيه فكري أو اجتماعي، فمسؤوليتنا جميعًا حملة الكلمة والقلم أن نكون مع الوطن وبالوطن، وأن نتقي الله أولًا وأخيرًا فيما نكتب، ونراقب أنفسنا قبل أن نخط حرفًا واحدًا، نعتزم أن نكون بناة ودعاة خير لا دعاة شر وهدم. ويستطرد الربيعي في حديثه متطرقًا للغث من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بقوله: إن طبيعة الإعلام اتخاذ الإثارة سبيلًا، فصاحب الإثارة يشتهر، فالذين اشتهروا بلا شيء هم من يعشقون الإثارة، وبلا شك الذي يعشق الإثارة يستقطب الأنظار والأفكار، وهذا هو السم الزعاف، لأنه هدفه الإثارة والشهرة، ومن سعى في هذه الوسائل من أجل الشهرة لشهرة فهو خاسر خاسر خاسر، وعليه أن يشتهر في باب الخير، أم لأن الشر هو الذي يأخذ حيزًا أو السيئ هو الذي يلفت الانتباه ممكن أن يكون الخير مفتاحًا لطلب الشهرة وطريقًا لها، فكم من عالم علم أشتهر في سبيل الخير لمع اسمه في جميع أرجاء المعمورة، ورسولنا صلّى الله عليه وسلّم لم يشتهر بالشر بل اشتهر بالخير، كان داعية خير وهاديًا وصل صوته إلى الآفاق لإثارة الخير والحب والتسامح، كانت لغته تحمل الكثير من الخير للدنيا قاطبة، فهؤلاء لا نملك إلا أن نقول لهم اتقوا الله في أنفسكم ووطنكم ودينكم. وطالب الربيعي بسن قوانين لردع بعض مشاهير الإعلام الجديد قائلًا: يجب أن يطبق ضد هؤلاء قانون صارم، لأننا نستطيع أن نصل إلى أي مشارك، لقد ابتلينا عبر هذه الوسائل بأسماء مستعارة وأسماء أجنبية تكتب باسم المواطن لتكون أدوات هدم ينبغي متابعة هذه الأسماء والتواصل مع إدارة المواقع التواصلية لحظر هؤلاء الأشخاص المشبوهين، أما من يقع في دائرتنا فعلينا أن نردعه بالنصح وإذا لم ينفع في بالعقاب، فالحرية لا تعتبر حرية عندما تتجاوز على حرية الآخرين فلا يوجد بلد أو نظام يوجد به حرية مطلقة لك حريتك لكن لا تمس بحرية الآخرين، فكيف إذا تجاوزت الحرية على الوطن، فأي حرية تمنح لرجل يستهدف الوطن فهذه تعتبر فوضى ولا انتماء ونكران. ويختم الربيعي بقوله: نحن نعلم أن مساحة الحرية في صحافتنا وفي جميع أنواع الكتابة لدينا سقفها عالٍ جدًا ولكن لا يضر بالمصلحة العامة فأنا لا أسمح بحرية الآخر أن يتجرأ على عرضي أو أخلاقي أو حقوقي، وأنا فرد فما بالك بأمة أو وطن. يعشقون الإثارة لفتًا للأنظار بحثًا عن شهرة مزيفة يستترون خلف الأسماء المستعارة والأجنبية لا يفرقون بين مفهوم الحرية وسلوك الفوضى يستخدمون «تويتر» منصة للإسفاف يسطحون الأمور بالشائعات والأكاذيب غير محصنين بالتعليم والثقافة التي تجنبهم الغثاء سهامهم المسمومة تناوش الفئة المؤثرة والجادة يتمترسون خلف قطيع من المتابعين مزالق مشاهير الغفلة اعتبر عدد من المثقفين أن مواقع التواصل الاجتماعي تمثل سلاحًا ذا حدين؛ بما لها من تأثير إيجابي كمحصلة لسحن الاستخدام، وتأثير سلبي حال سوء استخدامها، مطالبين باستغلال الحد الإيجابي وتوظيفها بأن تكون أداة بناء للمجتمع والوطن والدفاع عن الدين الإسلامي، مؤكدين أن وسائل الإعلام الجديد أصبحت تؤثر على مصداقية وشفافية الكلمة وتنتهك أخلاقيات المهنية، مشبهين من اكتسبوا شهرتهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بـ»مشاهير الغفلة»؛ كونهم «ينشرون السم الزعاف»، و»لا يرجى منهم خير في الإصلاح أو في أي تأثير إيجابي.. أما الدكتورة فاطمة الياس، رئيس تحرير مجلة «عبقر للشعر»، فتستهل حديثها مطالبة بالتعرف أولًا على من هم هؤلاء المشاهير وأسباب شهرتهم، وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية، والمستوى المعرفي والأخلاقي لتغريداتهم. ماضية من ثم إلى القول: لا يمكن مساواة تغريدات مشاهير اكتسبوا شهرتهم من خلال نجوميتهم الثقافية أو الإعلامية أو الرسمية بحكم مناصبهم، وبين تغريدات لمشاهير يمكن أن نطلق عليهم «مشاهير الغفلة»!! الذين خدمهم تويترعندما وفر لأمثالهم منصة للإسفاف، واستعراض سلاطتهم وجرأتهم في السخرية من الأشخاص والمواقف بطريقة مبتذلة مضحكة تجذب كثيرًا من المتابعين الذين يبحثون في تويتر وغيره عن التسلية والضحك! ومثل هؤلاء المشاهير عادة ما يكون طرحهم غثا كفكرهم، ولا يرجى منهم خيرًا في الإصلاح أو في أي تأثير إيجابي يتجه ببوصلة المجتمع نحوالتغيير وإرساء فضيلة التسامح وقبول اللآخر وغير ذلك مما يحتاجه مجتمعنا لحمايته من التفكك، ولينطلق مستقبلًا نحو آفاق ثقافية ومعرفية أرحب. وواصلت الياس في حديثها ملقية مزيدًا من الضوء حول من أسمته «مشاهير الغفلة» قائلة: و»مشاهير الغفلة» هؤلاء هم الخطر بعينه على الثقافة العامة بسبب تسطيحهم للأمور، وإطلاقهم للشائعات والأكاذيب التي يتهافت عليها المتابعون من المراهقين أو الدهماء، والبسطاء من الناس الذين لا يتمتعون بقدر كاف من التعليم أو الثقافة التي تحصنهم من مثل هذا الغثاء! ومن هنا فإن تأثيرالنخبة المثقفة والجادة من مشاهير تويتر الذين سبقتهم إليه اسهاماتهم وانجازاتهم، هو ما يعول عليه في توجيه دفة الحوار التويتري نحو كل ما يعالج قضايا الوطن بكل شفافية، وكل ما يخدم مصالحه سياسيًا واقتصاديًا دون رياء أوخداع لجمهور المتابعين. ومثل هؤلاء المشاهير باتوا معروفين لكل مرتادي المقهى التويتري، ويقصدهم المتابعون لا بغرض الضحك والفرفشة، لكن من أجل قراءة آرائهم وتعليقاتهم على آخر المستجدات المحلية والعالمية، وما بين سطور تغريداتهم! أي إنهم باتوا مرجعًا مؤثرًا لمتابعيهم يسشفون من حروف تغريداتهم حقيقة ما يجري، وتحليلاتهم وتفسيراتهم لبعض الظواهر، وتوقعاتهم المبنية على الخبرة وعلى أسس علمية ومعرفية عميقة. ولكن مثل هذه الفئة المؤثرة من المشاهير باتت موضع هجوم وتصنيف من قبل أخطر فئة من مشاهير المغردين وهم الذين يستخدمون الدين كسلاح لمحاربة من يخالفهم في الرأي، ويتمترسون خلف قطيع من المتابعين الذين يتابعونهم على غير هدى، ودون تمحيص أو تفكير، مستغلين العاطفة الدينية التي تحركهم ليهاجموا ويشتموا بالنيابة عنهم! وليتبرعوا من خلف أسمائهم المستعارة وحساباتهم المقنعة بإنشاء الهاشتاقات والتغريدات المسيئة دفاعا عن أسيادهم القديسين! وتخلص الياس إلى القول: إن الأمل معقود في تلك النخبة المعتدلة من المشاهير في نشر الوعي وثقافة الحوار من خلال تغريداتهم، وفي استقطاب أكبر قدر من المتابعين بمختلف مشاربهم وخلفياتهم الدينية والعرقية والثقافية من خلال مشاركتهم همومهم وقضاياهم، والترفع عن الرد على خفافيش تويتر، وتقديم النموذج الراقي لمناقشة الآراء المخالفة وعدم شخصنة الحوار. بين الحرية والفوضى مشاهير الغفلة

مشاركة :