قصائد ديوان مشاة نلتقي.. مشاة نفترق بدأت كمرثيات لشخص غائب، لكنها تحوّلت إلى حوار مع غائبين كثر، سواء في السجون أو في الخطف. العرب [نُشرفي2016/10/25، العدد: 10435، ص(14)] تجربة شخصية عاينت أحداث الثورة السورية ميلانو (إيطاليا)- تطرح قصائد ديوان “مشاة نلتقي.. مشاة نفترق” للشاعر الفلسطيني- السوري رائد وحش أسئلة الحرب والمنفى، على خلفيّة تجربة شخصية عاينت أحداث الثورة السورية وما ترتّب عليها من آلام وانكسار وفقدان وضياع. ويبدأ الديوان، الصادر عن “منشورات المتوسط” بميلانو، بقصيدة استهلالية موزونة عنوانها “فاتحة”، بينما تقوم بقية الأقسام على قصيدة النثر. وينقسم الديوان إلى أربعة أقسام هي “شوارع تسير وحدها”، و”بريد الغرباء”، و”من الغائبين إلى الغائبين”، و”مجرد إيقاعات.. مجرد إيقاعات”. وجاء القسم الأول “شوارع تسير وحدها” مشغولا بفكرة المنفى، سواء داخل الوطن أو خارجه، ذلك أنّ الحرب في العادة تغيّر وجه المكان وملامحه، وتجعله يبدو مكانا آخر، فيكون المرء فيه دون أن يكون كذلك تماما، والأمر نفسه يحدث مع المكان الجديد الذي يستعصي على تحقيق السكن والسكينة. ويأتي القسم الثاني “بريد الغرباء” بمثابة رسائل شعرية عن حبّ وبيت وحياة مفقودة، ربما هي ليست رسائل بالمعنى المتعارف عليه، لكن الآخر/ المخاطب، في هذه النصوص/ الرسائل، أشبه ما يكون بذريعة لقول أحوال ذاتية، يتخللها الخوف من المجزرة، والرغبة في الحبّ، والشعور العارم باللاطمأنينة، والعودة إلى عالم الأحلام بوصفه ملاذا أخيرا للإنسان في الحرب. أما القسم الثالث “من الغائبين إلى الغائبين”، فهو بمثابة قصائد مكتوبة تحت وطأة حضور الموت الطاغي في الحياة السورية منذ نصف عقد، لكنّ الموت في هذه القصائد يأخذ صيغا وأشكالا متعددة، فمرة يكون موتَ شخص قريب في سجون الاستبداد، ومرة يكون عن موتى مجهولين من أزمنة متداخلة، لكنه دوما موت صنعته الحرب أو أجهزة الدكتاتورية الوحشية. بدأت هذه القصائد كمرثيات لشخص غائب، لكنها تحوّلت إلى حوار مع غائبين كثر، سواء في السجون أو في الخطف أو التشرّد في بقاع الأرض. ويقوم القسم الأخير “مجرد إيقاعات.. مجرد إيقاعات” على ثلاث قصائد طويلة متفرقة المواضيع، الأولى لوحات لأحوال الناس في الحرب والثانية تتشكل مع سؤال الشعب الكردي عن الحق والعدل والمصير، من خلال ارتداء الراوي لقناع الشاعر الكردي السوري سليم بركات. أما القصيدة الثالثة فتحضر فيها لعبة القناع عبر استعارة سيرة الشاعر البدوي عبدالله الفاضل، الذي أسّس فن العتابا لكن القصيدة تمضي لتجعل من سيرة ذلك الشاعر المطرود سيرة جماعية لمنفيين تائهين في العراء. وهذا الكتاب هو الرابع شعريا لرائد وحش بعد دواوينه “دم أبيض”، و”لا أحد يحلم كأحد”، و”عندما لم تقع الحرب”، وهو الخامس بعد الكتاب السردي “قطعة ناقصة من سماء دمشق”. :: اقرأ أيضاً من يخلف الشاعرالتونسي محمد الصغير أولاد أحمد متى يكتب الكتاب وكيف يقيمون طقوسهم الأدبية كاتب عماني يوظف الرواية للبحث في التاريخ البحري زياد الرحباني يذهب بمسريحة فيلم أميركي طويل إلى السينما
مشاركة :