نشر موقع bbc، تقريرًا مطولًا عن الانتقادات التي وجهت إلى منظمة الأمم المتحدة، عقب اختيارها لشخصية خيالية من كتاب «المرأة المعجزة»، لتكون سفيرًا شرفيًا لتمكين النساء والفتيات. وفند التقرير ما وصفه بـ«الانتقادات الحادة» التي تعرضت لها المنظمة، مشيرًا إلى أنها «منحت لقب الشخصية النسائية الشرفية لهذا العام لبطلة الكتاب التي تُدعى (المرأة المعجزة)، أو (الأميرة ديانا) من ثيمسكيرا، وذلك في عيد ميلادها الخامس والسبعين، الذي تزامن مع مرور عام على حملة أطلقتها الأمم المتحدة لنشر ثقافة تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين». وذكر التقرير أن «القرار كان مثارًا لجدل واسع النطاق، إذ أثار استياء الكثير من أعضاء طواقم في مقر الأمم المتحدة ومنظمات داعمة لحقوق المرأة حول العالم». ووقع أكثر من ألف شخص، دون الإفصاح عن هويتهم، وعدد من طاقم العمل في الأمم المتحدة التماسًا أكدوا من خلاله أن اختيار شخصية «المرأة المعجزة» ليس ملائمًا لأن بنية هذه المرأة تتضمن «صدرا ضخمًا، وبشرة بيضاء، وأبعادًا خيالية، وأزياء براقة تكشف معظم جسدها يحمل علم الولايات المتحدة وحذاء طويل يصل إلى ركبتيها، وهو ما يجعلها قريبة الشبه إلى نجمات الإغراء، حسب BBC. ووصف الموقعون على الالتماس اختيار الأمم المتحدة بأنه «مخيب للآمال»، مؤكدين أن «الأمم المتحدة لم تستطع العثور على امرأة حقيقية لتكون بطلة حقوق جميع نساء العالم في المساواة الجنسية والنضال من أجل تمكينهن». تعود شخصية البطلة الخارقة الخيالية مع باقتراب عرض الفيلم الجديد «المرأة المعجزة» تقوم بطولته الممثلة الإسرائيلية جال جادوت التي ظهرت في احتفال الأمم المتحدة بهذه المناسبة مع الفنانة ليندا كارتر التي جسدت شخصية بنفس الاسم في مسلسل أمريكي عُرض في السبعينيات من القرن العشرين. والمرأة المعجزة هي أميرة من منطقة الأمازون نسجها خيال الكاتب وعالم النفس المعروف ويليام مولتون مارستون عام 1941، مستوحيًا الشخصية من زعماء أسسوا حركة للمطالبة بمنح المرأة حق التصويت، التي يعتبرها البعض أيقونة نسائية. وقال ماهر نصار، المسؤول بالأمم المتحدة لـ BBC: «كان التركيز على خلفيتها الأنثوية، لأنها المرة الأولى التي تكون فيها شخصية البطل الخارق إمرأة، خاصة وأنها كانت تحارب دائما من أجل تحقيق النزاهة، والعدالة، والسلام». وقالت المنظمة إن «اختيار الشخصية يقصد به التركيز على ما يمكن أن تحققه المرأة حال تمكينها». وأضافت أنه «تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، كان من بين ما استهدفته من هذا الاختيار، وفقا لبيان نشرته على موقع الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة. ويبدو أن اختيار السفير الشرفي كان غير موفق على الإطلاق، إذ تزامن مع اختيار رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو غوتيريز لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة وسط مطالبات للمنظمة الدولية باختيار إمرأة لهذا المنصب للمرة الأولى في تاريخ المنظمة. وقال تحليل حديث إن «تسعة من كل عشرة مناصب في الأمم المتحدة يتولاها رجال». وكان من بين المرشحات لمنصب أمين عام المنظمة رئيسة وزراء نيوزلندا السابقة، والمدير العام لمنظمة يونسكو الثقافية، ونائبة رئيس وزراء جزر الملديف، وإحدى كبار المسؤولات الحكوميات في الاتحاد الأوروبي. وجاء في الالتماس أنه «من المثير للقلق أن تختار الأمم المتحدة شخصية عارية ومثيرة جنسيًا في الوقت الذي تحتل فيه عناوين الأخبار في الولايات المتحدة والعالم ضرورة مقاومة معاملة المرأة كشيء». ونظم مائة من طاقم العمل في الأمم المتحدة احتجاجًا ضد اختيار الأمم المتحدة هذه الشخصية، وذلك في مقر المنظمة، حيث حملوا لافتات مدون عليها عبارات مثل «أنا لست دمية»، و«نريد شخصية حقيقية». وكان هناك جبهة معارضة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ناشطات حقوق المرأة حول العالم اللاتي طالبن باختيار شخصية حقيقية بدلا من الشخصية الخيالية التي اختارتها الأمم المتحدة، وهي شخصية «المرأة المعجزة». وقالت سيجولين رويال، السياسية البارزة في فرنسا، إن «وانجاري ماثاي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام كان من الممكن أن تكون اختيارًا موفقا». وقالت أنا ماري جوتيز، أستاذة الشؤون الدولية بجامعة نيويورك والمستشارة السابقة للسلام والأمن في منظمة الأمم المتحدة للمرأة، إن القرار كان «مثيرا للاشمئزاز». وقالت أيقونة نشطاء حقوق المرأة جلوريا ستاينم إن الاختيار «ركز على الرمزية، لكننا نبحث عن نساء لديهن قوة حقيقية على الأرض». وأضافت أنها تتطلع إلى وصول امرأة إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة. وقال مراقبون إن اختيار الأمم المتحدة للشخصية النسائية لهذا العام ملائم، خاصة في وقت تحتل فيه قضية المساواة بين الجنسين صدارة القضايا الدولية. وقالت دايان نيلسون، المديرة التنفيذية لدي سي إنترتاينمنت، لبي بي سي إنها «تعبر عن أشياء لا زال الناس يهتمون بها وسوف يستمرون في الاهتمام بها إلى حدٍ كبيرٍ، لذا ستظل موجودة دائما ولن تغيب». وأضافت أن قدرتها على أن العمل باستقلالية ومع الآخرين بنفس القوة ونفس مستوى القدرات مثلها مثل أبطال خارقين من الرجال، أعتقد أنها شهادة ترجح كفة هذه الشخصية، علاوة على وجود علاقة قوية بين ما سبق وبين اختيار الأمم المتحدة لها لدعم فكرة المساواة بين الجنسين». وقال ستيفن دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع إنه «من أجل الوصول إلى الشباب، ومن أجل الوصول إلى الجماهير خارج هذا المبنى، نحتاج إلى أن نكون مبدعين ونحتاج أيضا إلى أن يكون شركاء مبدعين». لكن سؤالا يفرض نفسه عن مدى انطباق هذه التصريحات على الواقع: «هل يمكن لبطل خارق يتجاوز عمره عمر الأمم المتحدة نفسها أن يصل إلى الشباب؟». وخاضت «المرأة المعجزة» الانتخابات الرئاسية في كتاب كوميدي لمارستون عام 1943، كما ظهرت في قصة نشرتها مجلة ميس التي أسستها ميس ستاينم عان 1972. لكن هذه الشخصية سقطت من ذاكرة الجماهير في المرتين بعدما اخترقت هيلاري كلينتون السقف الزجاجي لتصبح أول سيدة تقود حزب سياسي رئيسي في الولايات المتحدة إلى انتخابات الرئاسة، وهو ما يجبر المرأة المعجزة على التراجع أمام هذا الإنجاز.
مشاركة :