توصلت دراسة حديثة نشرت في مجلة (Nature) في الـ 4 من أكتوبر الحالي إلى أن الحد الأعلى لعمر الإنسان معلوم وقد تم التوصل إليه فعلا. وحللت الدراسة التي أجرتها كلية "ألبرت آينشتاين" الطبية في نيويورك البيانات الصحية لأكثر من 40 دولة منذ عقدين حتى الآن. وجمعت البيانات تحديدا من اليابان وفرنسا وبريطانيا وأمريكا وهي الدول التي يعيش فيها معظم السكان حتى 110 سنوات أو أكثر فوجد الباحثون أن متوسط الحد الأعلى للأعمار هو 115 عاما. وإذا كنا قد توصلنا بالفعل إلى متوسط الحد الأعلى لأعمار البشر، فإنه يجب علينا التساؤل حول نوعية الحياة التي تمدنا بالصحة والعمر الطويل. وبحسب مجلة "فوربس" تمثل اليابان أحد الشرائح السكانية الرئيسة المستخدمة في الدراسة وتضم أعلى متوسط عمر متوقع في العالم حيث يبلغ فيها متوسط عمر الإناث نحو 87 عاما والذكور 80 عاما. كما تشتهر بأكبر نسبة معمرين في العالم. كما يبلغ متوسط أعمار السكان في بعض الدول الآسيوية القريبة مثل سنغافورة 83 عاما والصين 76 والفلبين 68.5. لكن لماذا تتباين النسب بين تلك البلدان ولماذا تتفوق اليابان عليها. هذه الأسئلة وغيرها تضم العديد من الإجابات. ولمعرفة العوامل المؤثرة يمكن النظر إلى ما يتميز به الشعب الياباني : أولا | النظام الغذائي : إن ما توصي به الحكومة اليابانية ويشتمل على مجموعة متنوعة من الأسماك والحبوب والخضروات جعلت السكان يتبعون نظاما متوازنا في التغذية. ووفقا لدراسة نشرت في مارس الماضي لهذا العام في مجلة (BMJ) فقد ظهر أن المجتمع الذي يتبع نظاما غذائيا متوازنا ينخفض فيه معدل الوفاة بنسبة 15%. ثانيا | نظام الرعاية الصحية : في أعقاب الحرب العالمية الثانية قدمت اليابان مجموعة من المبادرات الصحية العامة لمكافحة الأمراض المعدية وإقامة مؤسسات الرعاية الوقائية لحالات مرضية مثل السكتات الدماغية. وفي عام 1961 أعلنت عن التأمين الصحي الشامل. كما حققت مبدأ تكافؤ الفرص في الوقت الذي قد يظن فيه الكثيرون أن التوظيف لا يؤثر على متوسط العمر إلا أنه يرتبط فعلياً بالصحة النفسية التي تؤثر على طول عمر الإنسان. كما تشتهر الدول الآسيوية عموما بثقافاتها التي تفرض على صغار السن الاهتمام ورعاية كبار السن بدلا من إرسالهم إلى دور الرعاية مما يؤثر إيجابيا على الحالة النفسية لهؤلاء المسنين. فضلا عن أن اليابانيين يمتلكون مزايا وراثية بنوعين من الجينات التي تزيد من عمر الإنسان وتمنع ظهور بعض الأمراض في مراحل متأخرة من العمر. ومن ناحية أخرى يعرف المجتمع الياباني بانعدام التوازن بين العمل والحياة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات الانتحار وهو السبب الرئيس للوفاة بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 - 44 عاما. لكن على الرغم من ذلك يبدو أن اليابان تتمتع بمتوسط العمر الأعلى بين الدول بسبب النظم الغذائية المتبعة فيها ونموذج الرعاية الصحية والمساواة وممارساتها الثقافية وصفاتها الوراثية.
مشاركة :