أنشطة الاقتصاد التشاركي الأسرع نموا ونجاحا .. «أوبر» مثالا

  • 10/26/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على نقيض "الاقتصاد الاستهلاكي"، الذي يستند إلى ثقافة التملك، يرتكز "الاقتصاد التشاركي" على ثقافة العطاء، وتعاون الجميع في عمل مشترك، يربح منه الجميع. هذا المفهوم الاقتصادي الحديث جدا، بدأ يأخذ أبعادا في النظام الاقتصادي العالمي، ولم يكن بلد الثراء بعيداً عنه، وكانت "أوبر" واحدة من أبرز النجاحات في سويسرا. يؤكد الاقتصاد التشاركي، وهو تيار اقتصادي أطِلقَ عام 1991 وقريب جدا من "الاقتصاد الاجتماعي - التضامني"، على النشاطات الاقتصادية القائمة على العلاقات الوثيقة بين الأفراد المستندة على أساس الثقة المتبادلة، ويعمل على وضع التعاون الاجتماعي والهبات الخيرية في إطار من العلاقات الاقتصادية المربحة، على أن تأخذ العلاقة بين الفعاليات الاقتصادية الأسبقية على المصالح التجارية ودافع الربح المطلق، كما يعمل على توزيع عادل للقيمة المضافة. هذه هي الفلسفة التي يمكن أن يطبقها قادة المؤسسات أو صاحب أي مشروع في المجتمع. لكن في الأخير، الاقتصاد التشاركي هو اقتصاد السوق بكل معانيه: حرية المؤسسات، وحرية التجارة، وحرية الاستخدام، وحرية المنافسة، وحرية الادخار والاستثمار، وحرية حركة الأشخاص والسلع، والممتلكات، والخدمات، والمعلومات. في عام 1991، وفي إطار تقييم تجربة محدودة تم تطبيقها في البرازيل، تم اقتراح إنشاء أو تطوير مؤسسات تشارك في جزء من أرباحها وتقدم خبراتها ومعوناتها الفنية في المشاريع التشاركية، ونجحت التجربة. هذا النجاح شجع اليونسكو إلى عقد ندوة في مقرها في باريس عام 2001 لقادة الأعمال من قطاعات مختلفة للانضمام إلى هذه المبادرة. بعد ذلك أدرجت اليونسكو في برنامجها في شباط (فبراير) 2008 معظم المبادرات الاجتماعية للائتمانات الصغيرة في الاقتصاد التشاركي. وأعطى هذا التطور ثماراً جيدة في عام 2014، إذا كانت هناك أكثر من 800 مؤسسة في العالم صغيرة ومتوسطة، وصغيرة جدا تسهم في الاقتصاد التشاركي، أما الشركات الكبرى التي اختارت توجيه جزء من أرباحها لمصلحة مساعدة أفقر الناس، فقد أعادت توزيع أكثر من 1.3 مليون يورو ذلك العام. في سويسرا كانت "شركة أوبر" لتأجير السيارات بواسطة أجهزة الاتصال الحديثة من أسرع نشاطات الاقتصاد التشاركي نموا ونجاحا في سويسرا، إذ استطاعت الشركة أن تُضاعف حجمها كل ستة أشهر، وأن تُسجِّل معدلات من النمو في كل مكان من البلاد برقم من مرتبتين. ويقول لـ"الاقتصادية"، ستيف سالوم، مدير شركة "أوبر" في الجزء السويسري الناطق بالفرنسية: إن "أوبر" خدمة ناجحة تشمل الجميع: المستهلك، والمتعاون، والاقتصاد. وأضاف، لا يكاد يوجد هناك مَن اعترض على "أوبر" سوى مَن أثاره نجاحها، وهم تحديدا سائقو سيارات الأجرة، الذين هددوا في بعض الأحيان موظفي الشركة والمتعاونين معها. لكنه قال إن التهديد والاعتداء إنما هما سلعتان بائرتان في دولة القانون، واقتصاد السوق الذي يقوم على المنافسة. وعن رقم ثابت يتعلق بمجموع الطلبات التي تلقتها "أوبر"، قال، سالوم، لـ"الاقتصادية": "إنه منذ دخول الشركة في جنيف في أيلول (سبتمبر) 2014، تم فتح التطبيق مليون مرة، من قِبل 100 ألف مستخدم مختلف، نصفهم من الزبائن المنتظمين. في لوزان، لسنا بعيدين عن هذين الرقمين، والنمو جيد جدا بسبب الطلاب، المولعين جدا في خدمة أرخص، وهناك 100 ألف مستخدم منتظم لـ"أوبر" في زيوريخ". وأضاف، كل هذه الأرقام نديرها من مكتب مساحته 320 مترا مربعا. الآن نعمل بحدود 15 موظفا بعد أن بدأنا بثلاثة، وسنضيف موظفين اثنين ابتداء من العام المقبل، ومتوسط السن في الاستخدام مرتفع مقارنة بفرق "أوبر" الأخرى في العالم: نحن نوظّف حتى أكثر من 30 عاملا. وعن عدد السائقين الذين تستخدمهم "أوبر" في سويسرا، قال، هم بالمئات في جنيف، ومثلهم تقريبا في لوزان. في لوزان، يعمل السائق الواحد نحو عشر ساعات في الأسبوع أو ما يُعادل أقل من ساعتين في اليوم، ليكسب بذلك مبلغا جيدا؛ وفي جنيف، يعمل السائقون نحو 30 ساعة في الأسبوع. ويجد سالوم أن من الصعب جدا القول ما إذا كان سائق سيارة الأجرة العادية أو سائق "أوبر" يربح أكثر. وقال، إن القسم الأكبر من دخل سيارات الأجرة يتم بالنقد السائل، والسائق لن يعلن بالتأكيد عن كل ما يربحه، في حين أن كل ما يكسبه سائق "أوبر" مُعلن، ويدخل في عجلة الاقتصاد، ومنه يتم تغذية صناديق التأمينات الاجتماعية. وبعد استشارتها، أعطت "أوبر" موافقتها على مشروع قانون قيد التشريع بشأن سيارات الأجرة في جنيف، وإن لم تكن مقتنعة به 100 في المائة، حسب المسؤول عن الشركة. بموجب التشريع الجديد، يُمكن لسيارات الأجرة أن تأخذ أي شخص في الشارع، في حين لا يستطيع سائق السيارة المتعاون مع "أوبر" ذلك، فهو مُلزم بنقل الأشخاص بناء على طلب يتلقاه مركز "أوبر"، فحسب. ووصف، سالوم، هذا الترتيب بالمنطقي، كي لا يجعل من المتعاونين مع "أوبر" سائقين لسيارات الأجرة، كما من شأنه أن يخفف من روع سائقي سيارات الأجرة المحترفين. وردا على اتهامات سائقي سيارات الأجرة في جنيف بأن القسم الأعظم من سيارات "أوبر" تستخدم لوحات من مقاطعة "فو" المجاورة، وحتى لوحات إسبانية وفرنسية، نفى، سالوم، بشكل قاطع وجود سيارات تحمل قطعاً فرنسية أو أجنبية، لكنه أقرَّ وجود لوحات من مقاطعات سويسرية، قائلاً إنه أمر قانوني، وإن النزعة الحمائية بين المقاطعات محظورة بموجب القانون المتعلق بالسوق الداخلية. وعن سبب تخفيض "أوبر" أسعارها إلى أدنى معدلاتها؟ قال، يمكننا خفض الأسعار لأننا نملك تقنيات تتيح للسائقين أن يكونوا أكثر فعالية، وأكثر سرعة في تلبية طلب المستهلك. بالنسبة لهم هذا مكسب: لديهم مزيد من الزبائن، ويكسبون كثيرا في الرحلة الواحدة، والزبون أيضاً مرتاح لرخص السعر. وقد اشتكى سائقو سيارات الأجرة بشأن هذا التخفيض، متهمين الشركة بأنها تمارس منافسة غير عادلة يحظرها القانون، غير أن الشكوى رُفِضت في المحكمة. وقال، سالوم، "إن أوبر تقول لسائقي سيارات الأجرة الذين ينتظرون فترة طويلة بين كل رحلة، إن العالم يتغير، والتقنيات تتغير لتقديم أفضل خدمة للإنسان، إنه الابتكار، والمنافسة، وهما العملة الثمينة للاستحواذ على السوق. نحن نقول: مرحبا في عالم، حيث المنافسة موجودة، والسوق حرة، نحن وسّعنا السوق، ورفعنا دخول الناس، وأدخلنا كثيرا من الأموال في الاقتصاد المرئي".

مشاركة :