دمشق/ محمد مستو/ الأناضول عندما يلفظ الإنسان أنفاسه الأخيرة يسدل الستار حينها على حياته بحلوها ومرها، لكن الوضع يختلف عند السوريين من ضحايا قصف النظام حيث تتواصل فصول قصصهم "الأليمة" إلى ما بعد وفاتهم لتصاحبهم المعاناة أحياء بلا مأوى وأمواتا بلا مدفن. وفي ظل قصف النظام السوري وحلفائه لمناطق المعارضة منذ أكثر من خمس سنوات وسقوط مئات الآلاف من القتلى، أصبحت المقابر في كثير من المدن والبلدات غير كافية، واضطر معها سكانها لابتداع وسائل بديلة علّهم يجدوا في باطن الأرض متسعاً لموتاهم. ومدينة دوما الواقعة في غوطة دمشق الشرقية، هي إحدى تلك المدن التي ضاقت مقابرها بموتاها، ولم تعد تتسع للعدد الكبير من القتلى الذين يسقطون بشكل متواصل، نتيجة القصف. ولإيجاد مخرج لذلك، توصل المجلس المحلي للمدينة والتابع للمعارضة قبل عام، إلى فكرة "المدافن الطبقية"، كحل لابد منه في ظل عدم إمكانية إيجاد مساحات إضافية لتحويلها لمقبرة في منطقة تشهد عمليات عسكرية بشكل دائم. ويقوم الدفن الطبقي الذي اقترحه مهندس في المجلس، على أساس إنشاء حفر كبيرة، ومن ثم تجهيز قبور بداخلها فوق بعضها البعض بشكل طبقات. وقد تم العمل بها مؤخراً في دوما بعد موافقة الهيئة الشرعية في المدينة، والتي لم ترى حرجاً في ذلك. "عدنان مدور"، أحد القائمين على مقبرة دوما الواقعة في مركز المدينة، قال إنه مع امتلائها تم فتح مقبرة جديدة على أطرافها. وأضاف "مدور" أنهم كانوا يحفرون القبور بشكل متلاصق وذلك لتحقيق الاستخدام الأمثل لمساحة المقبرة. غير أنه مع تزايد عدد القتلى ووصول العشرات منهم يومياً امتلأت المقبرة الثانية، مما اضطرهم إلى اللجوء لطريقة "الدفن الطبقي"، كحل لاستيعاب العدد الكبير من الجثث التي تصلهم يومياً، بحسب المتحدث نفسه. وأوضح "مدور" أن عمال المقبرة يقومون بتجهيز مستلزمات الدفن الطبقي من الطوب واللبن، وهو عمل شاق ويأخذ وقتاً طويلاً، إلا أنه يؤمن دفن الميت في دقائق قليلة لدى وصول جثمانه للمكان. وأشار إلى أنهم يصنعون غطاء فتحة القبر من القصب والتبن والطين بسبب عدم توفر الإسمنت جراء الحصار المفروض على المنطقة منذ نحو 4 سنوات. "خالد بلله" أحد العاملين في المقبرة، قال من جانبه إنهم قاموا بإنشاء 3 حفر كبيرة، بطول 40 مترا وعرض 5 أمتار وارتفاع 5 أمتار، وتجهيز قبور على شكل طبقات فيها. ولفت إلى أن مدفنين طبقيين امتلئتا، وقاموا بدفن العشرات حتى الآن في المدفن الثالث. وبحسب "بلله"، فإن كل مدفن من الثلاثة يتسع لنحو ألف متوفى، مشيراً إلى أنهم سيستمرون باتباع هذه الطريقة طالما استمر القتل والقصف على المدينة. ودوما هي أحد أكبر مدن الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، ومن أوائل المدن التي شهدت مظاهرات مناهضة للنظام السوري عند انطلاق الثورة في البلاد في مارس/آذار 2011. ونالت المدينة النصيب الأكبر من قصف النظام على الغوطة، حيث وقعت فيها العديد من المجازر أكبرها تلك التي استهدفت سوقها في 16 أغسطس/آب 2015، وقتل فيها أكثر من 110 أشخاص وأصيب 300 آخرين. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :