أعلن وزير الاستثمار والتعاون الدولي التونسي، فاضل عبد الكافي، في مقابلة مع رويترز على هامش القمة، أن بلاده تستعد لطرح مشروعات على مستثمرين أجانب وصناديق تمويل بقيمة 50 مليار دولار الشهر المقبل، لتنفيذها على مدى 5 سنوات مقبلة. وأضاف أن «تونس أصبحت وجهة استثمار لها قدرة تنافسية قوية مقارنة بباقي المنافسين في المنطقة مع مناخ الشفافية والحريات والديمقراطية إضافة للمزايا التقليدية وهي كفاءة اليد العاملة التونسية وقربنا من أوروبا»، مشيرا إلى أن تونس لا تريد مساعدات مالية من أصدقائها بقدر حاجتها لاستثمارات. وتساءل عبد الكافي «لماذا لا تمنحنا أوروبا اتفاقات تفاضلية وأيضا الولايات المتحدة؟ هذا سيكون دعما قويا ورسالة بأنهم يريدون تميز تونس في المجال الديمقراطي مقارنة ببلدان المنطقة.. المزايا السياسية يجب أن تتحول لمزايا اقتصادية». وقد حظي الانتقال الديمقراطي في تونس بإشادة واسعة من حلفائها الغربيين بعد انتخابات حرة ودستور جديد، لكن كثيرا من التونسيين مستاؤون بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتفاقم البطالة وقلة الفرص الاقتصادية بعد ست سنوات من انتفاضة 2011 التي أنهت حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وكانت الاستثمارات الأجنبية في تونس تقدر بنحو 1.58 مليار دولار في 2010، إلا أنها تراجعت بشكل واضح في السنوات الماضية نتيجة لعزوف المستثمرين وتزايد الإضرابات والصراع السياسي والوضع الأمني الهش لتهبط إلى حوالي 900 مليون دولار في 2015. وقال عبد الكافي في مقابلة ضمن قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط «نحو 500 مؤسسة غادرت تونس منذ 2011 بعد أن قضينا 5 سنوات ماضية نستثمر في ديمقراطية أصبحت كاملة الآن». وتابع «الآن أنهينا الانتقال الديمقراطي وتونس أصبحت وجهة استثمار لها قدرة تنافسية قوية مقارنة بباقي المنافسين في المنطقة مع مناخ الشفافية والحريات والديمقراطية إضافة للمزايا التقليدية وهي كفاءة اليد العاملة التونسية وقربنا من أوروبا». وأقر البرلمان التونسي في سبتمبر قانونا جديدا للاستثمار بهدف تحفيز الاستثمارات الأجنبية التي تراجعت بشكل حاد في خطوة رئيسية ضمن حزمة إصلاحات يطالب بها صندوق النقد الدولي بعد تأخر استمر سنوات. وينص القانون الجديد على إنشاء صندوق للاستثمار يساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية وتمويلها لتحفيز المستثمرين على إقامة مشاريع في المناطق الداخلية. ويتضمن إنشاء هيئة عليا للاستثمار تكون الطرف الوحيد المخول له استقبال المستثمرين الأجانب وتسهيل الإجراءات الإدارية في مسعى للتخلص من البيروقراطية التي يعاني منها المستثمرون الأجانب. وتستضيف تونس الشهر المقبل مؤتمرا للاستثمار بحضور مسؤولين من 70 دولة، وذلك في إطار سعيها الدؤوب لإعادة جذب المستثمرين وبدأت في الترويج له في أوروبا والولايات المتحدة. وأوضح عبد الكافي، أن من بين المشاريع محطات تحلية مياه وميناء بالنفيضة قرب الحمامات إضافة الى مشاريع زراعية وأخرى في قطاع الطاقة والصناعة والتكنولوجيا، وقال إن عددا من المشاريع سيكون بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص. وتئن تونس تحت وطأة أزمة اقتصادية حادة ناجمة اساسا عن تراكمات سنوات ما بعد الثورة وسياسات حكومات متعاقبة يصفها محللون بالفاشلة. ومن ضمن العوامل التي ساهمت في تراج الإنتاج في قطاعات حيوية ومغادرة مستثمرين أجانب لتونس ارتفاع المطلبية الاجتماعية من تشغيل وزيادات في الأجور إلى جانب اضرابات واعتصامات عمالية. وغادر العديد من المستثمرين تونس خاصة في السنوات الأولى التي أعقبت انتفاضة يناير/ كانون الثاني 2011 وهي الفترة التي تميزت بعدم الاستقرار الأمني والسياسي إلى جانب الاضطرابات الاجتماعية. وشهدت تونس في 2015 اعتداءات ارهابية استهدف اثنان منها سياحا أجانب في كل من متحف باردو بالعاصمة ومنتج سياحي في مدينة سوسة الساحلية أسفرا عن مقتل واصابة العشرات معظمهم من البريطانيين. واستهدف هجوم ثالث في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 حافلة للأمن الرئاسي على بعد بضع مئات الأمتار من مبنى وزارة الداخلية ما اسفر عن مقتل 22 من حرس الرئاسة. وفي السنوات القليلة الماضية وفي 2016 أيضا توقف انتاج الفوسفات كليا بسبب اضرابات واعتصامات عمالية. وتحتاج تونس الى تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 3% لاستعادة توازناتها المالية ومعالجة أزمتي البطالة والتنمية خاصة في المناطق الداخلية التي توصف بأنها جيوب للفقر وعانت لعقود من التهميش. وأعلن يوسف الشاهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية حزمة اصلاحات منها تجميد الزيادة في أجور القطاع العام. وقد أثار ذلك الكثير من الجدل ووضعته على شفا الصدام مع الاتحاد العام التونسي للشغل المركزية النقابية التي تتمتع بنفوذ اجتماعي كبير. ومن أبرز التحديات التي يواجهها الشاهد، مقاومة الفساد الذي استشرى في مؤسسات الدولة إلى جانب التهريب والتهرب الضريبي.
مشاركة :