نجحت المعارضة الفنزويلية أمس الأربعاء (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) في حشد مئات الآلاف للتظاهر ضد الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، ودعت إلى إضراب عام الجمعة لتعزيز الضغوط. وقال الأمين العام لائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" جيزوس توريالبا أمام جموع غفيرة في كراكاس "ندعو إلى إضراب عام يوم الجمعة المقبل، فليبق الجميع في منازلهم". ولممارشة ضغط أكبر على الرئيس الفنزويلي، دعا مناهضو التشافية (نسبة إلى الرئيس الراحل هوغو تشافيز، 1999-2013) إلى تنظيم "مسيرة سلمية" في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر باتجاه قصر ميرافلوريس الرئاسي. والهدف من التظاهرة المرتقبة هو لفت نظر مادورو إلى تصويت البرلمان، المقرر قبيل ذلك، على الإجراءات حيال الإخلال بالواجبات أي أن الرئيس لا يفي يمهماته. وبما أن المعارضة تهيمن على البرلمان، فإن نتيجة التصويت شبه محسومة. وبلغ التوتر اوجه في هذا البلد النفطي الذي يعاني من تدهور اقتصادي مع هبوط أسعار النفط، فيما يتبادل طرفا الازمة الاتهامات بالقيام بـ"انقلاب". ودعت المعارضة انصارها الى التظاهر للمطالبة برحيل الرئيس المنتخب في 2013 لولاية تنتهي في 2019. وأصيب في تظاهرة الأربعاء أكثر من 20 شخصا فيما اعتقل 39 آخرون في أنحاء البلاد، بحسب ما نشر على تويتر ألفريدو روميرو مدير منظمة "فورو بينال" للدفاع عن حقوق الإنسان. ما زاد الطين بلة في البلاد هو تعليق المجلس الوطني الانتخابي آلية استفتاء من أجل إقالة الرئيس، كان يفترض أن تدخل مرحلتها الأخيرة هذا الأسبوع. واشار المحلل السياسي لويس سالمانكا الى ان ائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" المعارض يجازف كثيرا في هذه التظاهرة. واضاف "في اللحظة الراهنة، يملك ائتلاف المعارضة الرصيد السياسي، لكن الحكومة تمسك بالسلطة. كي تضع المعارضة اليد على السلطات الاخرى (الى جانب البرلمان) يجب تنظيم انتخابات"، لافتا الى ان "الصراع السياسي بلغ مرحلة حرجة" مع تجميد الاستفتاء. غير ان المحلل خوان مانويل رافالي اعتبر ان مبادرات المعارضة رهن بالتاييد الشعبي وقال ان "كل هذا بلا جدوى ان لم ينزل الناس الى الشارع". حتى الان شهدت محاولات التعبئة نجاحا متفاوتا فيما بدات عزيمة السكان تفتر خشية حصول تجاوزات عنيفة واعمال قمع. من جهته وعد الجيش النافذ جدا الثلثاء بـ"حماية" المشروع الاشتراكي و"حكومة نيكولاس مادورو الشرعية". في اليوم نفسه صعدت المعارضة ضغوطها فعقدت اجتماعا للبرلمان، الهيئة الوحيدة التي تسيطر عليها، للتصويت على مباشرة آلية لإقالة الرئيس الذي تتهمه بالقيام بـ"انقلاب". اخلال باللعبة السياسية قرر النواب "بدء آلية ضد نيكولاس مادورو" للنظر في "مسؤوليته الجنائية والسياسية والتقصير في اداء واجبه"، وفق ما جاء في القرار. من جهة اخرى دعا البرلمان الرئيس الى "الخضوع لتصويت الشعب" الثلاثاء المقبل. لكن مادورو لا يعترف بهذا المجلس الذي أعلنته المحكمة العليا مخالفا للقانون لأنه يضم في صفوفه ثلاثة نواب مشتبه بهم في قضايا احتيال. ويسود الغموض تبعات هذا التصويت بعد تجميد المحكمة كل مشاريع القوانين التي يصدرها البرلمان منذ ان باتت المعارضة تشغل اغلبية مقاعده في كانون الثاني/يناير واضعة حدا لهيمنة التشافيين (نسبة الى الرئيس الراحل هوغو تشافيز 1999-2013) عليه على مدى 17 عاما. وان كان الدستور الفنزويلي لا ينص على آلية لإقالة الرئيس، الا انه يتضمن تدابير في حال الاخلال بالواجبات الرئاسية، بحسب ما أوضح خبراء في القانون. وردا على مثل هذه الآلية التي ندد بها مادورو باعتبارها "انقلابا"، دعا الرئيس الى عقد مجلس للدفاع الوطني الاربعاء الساعة 11,00 ( 15,00 ت غ)، حتى تتمكن "جميع السلطات العامة من تقييم الانقلاب البرلماني الذي تقوم به الجمعية الوطنية". وينص الدستور على تشكل مجلس الدفاع الى جانب الرئيس، من ممثلين عن السلطتين التشريعية والقضائية ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية. لكن باستثناء هنري راموس آلوب الذي لم يعلن ان كان ينوي المشاركة في الاجتماع، يعتبر أعضاء المجلس الآخرين مقربين من الحكومة. على صعيد اخر ادى عرض حوار قدمه الفاتيكان الى الاخلال باللعبة السياسية في فنزويلا. فبعدما وافق جزء من المعارضة عليه في مرحلة اولى، رفضه قياديون معارضون، ما كشف عن الانقسامات داخل ائتلاف المعارضة الواسع للوسط واليمين الذي فاز في الانتخابات التشريعية في نهاية 2015. وعمدت المعارضة مساء الخميس الى تليين موقفها بشأن "الاجتماع الموسع" للحوار المقرر عقده الاحد في جزيرة مارغاريتا (شمال) وقد أعلن مادورو أنه سيشارك فيه، معلنة بالتالي انها ستشارك ان جرت المحادثات في كراكاس. ولم يسمح مساء الثلثاء لأربعة صحافيين اجانب وصلوا الى مطار كراكاس بدخول البلاد على ان يتم ترحيلهم الاربعاء. والصحافيون هم ثلاثة من البيرو من قناة تلفيزا المكسيكية ورابع من الارجنتين من وكالة "اسوشيتد برس" جاءوا لتغطية تظاهرات المعارضة.
مشاركة :