رغم أنه لاتزال هناك خمسة عروض شبابية، قبل إسدال ستار الدورة العاشرة لمهرجان دبي لمسرح الشباب، فإن المتابع يستطيع أن يلمس واحدة من أكثر ظواهر المهرجان تجلياً حتى الآن، هي التحريض الإيجابي من قبل إدارات أكثر من مسرح محلي للمبدعين الشباب من أجل الاستفادة من نصوص عالمية مختلفة. دعم «الغرفة» عرض «تجليات»، الذي وفر الفرصة لإبداع نحو 18 موهبة مسرحية شابة، كان برعاية غرفة تجارة وصناعة الشارقة. وأثنى الفنان محمد العامري، على تلك البادرة، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم» أنه لولا هذه الرعاية لما تمكن بالفعل هؤلاء الشباب من أن يصلوا بعملهم الى منصة «دبي للشباب»، داعياً مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة إلى المشاركة بفاعلية في دعم الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة، خصوصاً ما يتعلق منها بالمواهب الشابة، موجهاً تحية قال فيها: «تحية من مسرح الشارقة الوطني إلى غرفة تجارة وصناعة الشارقة». حسن رجب: جرأة محمودة قال الفنان حسن رجب إنه فوجئ بجرأة مخرجي «تجليات» في التعامل مع عدد واسع من نصوص شكسبير، وإدخال تصرفات متعددة، واحتفاظهما ببصمتهما ورؤيتهما الخاصة، على الرغم من ندرة تجاربهما السابقة. وأضاف: «لولا أن يدعي البعض أنني أجامل وأشد فقط من أزر الشباب، لاستعرضت مزيداً من الجماليات التي جاءت في صدارتها السينوغرافيا، إلا أنني كنت أتوقع مزيداً من الاستغراق لمعد النص مهند كريم الذي شارك أيضاً زميله نبيل المازمي في إخراجه، ليس فقط في أعمال شكسبير الثرية، بل أيضاً في أهم الدراسات التي تناولت معظم نتاجه». الجسمي: الإبداع أهم من الجوائز قال رئيس مجلس إدارة مسرح الشارقة الوطني الفنان أحمد الجسمي: «علّمت الشباب أن الإبداع أهم من الجوائز، وكان من الممكن أن نبرز اسم مخرج إماراتي شاب هو نبيل المازمي، الذي يستهل أولى خطواته في هذا المجال، منفرداً، للمنافسة على الجوائز، لكننا لم نفعل، ودعمنا تجربته بشكل ثنائي مع زميله مهند كريم». «رياح الخردة» تعرض اليوم مسرحية «رياح الخردة» من إعداد وإخراج أحمد الشامسي، وإنتاج مسرح دبي الشعبي. ويسبق العرض الرئيس عروض لنادي الثقة للمعاقين، يستضيفها مسرح المواهب في الهواء الطلق، في حين تخصص هيئة دبي للثقافة والفنون ركناً خاصاً للقراءة في إطار مبادرة شهر القراءة. فبعد «لير.. ملك النحاتين» لحسن يوسف، جاء عرض أول من أمس، متكئاً على إرث المسرح العالمي، ومن مكتبة شكسبير أيضاً، وهو عرض «تجليات» لمسرح الشارقة الوطني، الذي أعده مهند كريم، وأخرجه أيضاً كريم إلى جانب نبيل المازمي، ويجمع العرض عدداً من الشباب بعضهم جل خبرته استمدها من عروض المسرح الجامعي ومهرجان المسرحيات القصيرة، وجانب منهم يأخذ فرصته الأولى. وانتظر جمهور مسرح الشباب حتى عرض أول من أمس، بخلاف العرض الافتتاحي، ليشاهد مجاميع شباب تتحرك وتتفاعل على خشبة المسرح، بعيداً عن ثبات ونمطية الجوقة المسرحية، فهنا في «تجليات» كل ممثل منتمٍ لجوقة، له اسمه، ودوره، ومهمته، وتفاصيل أدائه المتنوع. لم يعلن صراحة في عنوان مسرحيتهما، أي المخرجان، أنهما سيستوعبان رائعة شكسبير «يوليوس قيصر»، لكنها كانت العمل المحوري في كولاج، عرج على عدد متنوع من نصوص شكسبير، من خلال عربية فصيحة، تمكن منها الشباب بنسب متفاوتة، لكنها جيدة في مجملها، وإن شابتها الإشكالية المزمنة للأعمال الشابة وهي عدم وضوح مخارج الحروف، وهو أمر تضاعفت معه معاناة الجمهور بسبب انخفاض مستوى الصوت. منصة مرتفعة اختار المخرجان الشابان أن تكون بداية العرض أكثر قرباً للجمهور من خلال منصة مرتفعة شكلت ما يشبه «التبة» المرتفعة، تم تحريكها لأقرب نقطة ممكنة نحو الجمهور، ولم يكن ثمة خيار للمشاهد، بسبب الاستغراق الشديد للممثل أحمد أبوعرادة، الذي أدى دور «أنطونيوس»، سوى الانجذاب للعرض، قبل أن تسلمه التفاصيل إلى ملامح من «يوليوس قيصر»، ببعض أهم شخصياته، لكن بتصرفات عديدة، وضع عليها مهند كريم خصوصاً، معد النص الجديد بصمته. الانتقال من «تجلٍ» من «تجليات» شكسبير، لم يكن دائماً بالسلاسة ذاتها، وهو أمر بدهي، نظراً لاختلاف السياق النفسي بين النصوص المتباينة، لكن الشباب حافظوا رغم ذلك على نسق أداء منسجم في ما بينهم، وذات القوة والجدية الكاملة، في التعامل مع تفاصيل دقيقة. السينوغرافيا جاءت بمثابة أفضل مقومات العرض على الإطلاق، خصوصاً بالنسبة للإضاءة، التي انسجمت على نحو مبهر مع التبدلات النفسية، بل وصلت في بعض الأمور إلى النزوع نحو الاستعراض والمبالغة في خدمة المحتوى الدرامي، ما جعلها تتجاوز دورها المساعد في خدمة الممثلين. ووفرت المساحة الرحبة التي اختار كريم والمازمي توفيرها على الخشبة، حرية حركة مهمة للممثلين، لاسيما في أن «تجليات» تعد حتى الآن، أكثر عمل ضمن العروض الرئيسة للمهرجان، منح فرصة لعدد كبير من المواهب الشابة، فبالإضافة الى المخرجين وأبوعرادة، شهد العمل مشاركة 15 موهبة أخرى، منها المهدي المنصوري وجعفر محمد، وأنس سلطان، وجاسم العرشي، وعبدالعزيز الزرعوني، وماجد المازمي، ومحمد عادل، وراشد المعيني، وعبدالرحمن علي، وماجد الجويعد، وعنات سلامة، وآخرون، ما يعني أن كل هذه الطاقات ما كانت لتجد الفرصة لولا وجود قرار من إدارة مسرح الشارقة الوطني، بالمراهنة على إبداعاتهم، فضلاً عن استيعاب المهرجان وتوفيره منصة لهذا الإبداع.
مشاركة :