قدمت الفرقة السيمفونية العراقية حفلة موسيقية في قاعة نادي الصيد في بغداد، تضمنت سبع سيمفونيات لعدد من كبار المؤلفين الموسيقيين، إضافة إلى سيمفونية «سحر الشرق» للموسيقي والمايسترو العراقي محمد أمين عزت الذي يقود الفرقة منذ عام 1989. من المؤسف أن غالبية الجمهور الذي حضر الحفلة كان من المسؤولين السياسيين الذين لم يحضروا في حياتهم حفلة سيمفونية، إذ كانوا يتنقلون في القاعة مع رجال الحماية بهواتفهم النقالة ولغطهم العالي بحثاً عن جمهور بسبب قرب الانتخابات. أما القسم الآخر من الجمهور فكان من سيدات المجتمع المخملي حديثات النعمة، حيث جئن ليستعرضن آخر صيحات الموضة. أولى هذه السيمفونيات كانت للمؤلف الألماني كارل فيبر ( 1786 – 1826) بعنوان «اوبرون» وهي مأخوذة من نص شعري مثيولوجي للكاتب والشاعر الألماني كريستوفر فيلاند ألفها بطلب من مسرح كوفت غاردن في لندن حيث تحولت إلى أوبرا بعد ذلك. السيمفونية الثانية كانت للمؤلف الموسيقي الروسي الشهير جايكوفسي (1840 – 1893) وعنوانها «كسارة البندق» وهي واحدة من القطع الموسيقية الشهيرة التي تمتاز برومانسية عالية، اتهم على أثرها وبعض المؤلفات الأخرى من قبل الموسيقيين الروس بأنها ليست من الموسيقى الروسية القومية وإنما تنتمي إلى الموسيقى الأوروبية. ثالث السيمفونيات هي «خليفة بغداد» للموسيقي فرانسوا بواليدو (1775 – 1834) وهي مأخوذة من قصة أحد الخلفاء العباسيين الذين كانوا يتنكرون ويخرجون ليلاً لمتابعة شؤون الرعية، وفي ليلة أنقذ فتاة من اللصوص، ووقع في حبها، وراح يزورها ليلاً إلى أن اكتشف أمره في النهاية. الاسم الأصلي لهذه السيمفونية كان «حرامي بغداد» ومن ثم غيره المؤلف ليصبح «خليفة بغداد». الفقرة الأهم في الحفلة، هي السيمفونية التي ألفها المايسترو العراقي محمد أمين عزت المولود في بغداد عام 1960 وكانت بعنوان «سحر الشرق» التي تقدم لأول مرة في العراق بعد أن قدمها في مدينة مرسيليا في فرنسا بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الأوروبية لعام 2013. اسـتلـهم محـمد أمين عزت هذه السيمفونية من فكـرة السـحر في الحضارة العراقية ومن موسيقى هذه الحضارة باستخدامه سلالم موســيـقية خماسية كانت تستخدم في العراق القديم من خلال التنقل بالإيقاعات والجمل اللحنية والسلالم في أكثر مـن مكـان لمـوسـيقى سـحر الشـرق. بعد الاستراحة القصيرة قدمت الفرقة سيمفونية الألماني فيلكس مندلسون (1809 – 1847) «حلم منتصف ليلة صيف» وهي مأخوذة عن مسرحية الكاتب الإنكليزي الشهير شكسبير، كتبها مندلسون وهو في سن الثانية عشرة وقد استغرق في كتابتها عاماً كاملاً. تعبّر هذه السيمفونية عن روح شكسبير في نسجه الشفاف لهذه المسرحية بخوارقها وحثها الناعم الرائع. السيمفونية السادسة كانت للمؤلف الموسيقي الإيطالي الشهير روسيني 1792 – 1868 الموسومة «سمير أميس» الملكة العراقية التي تنسب خطأ للحضارة المصرية وقد استلهمها روسيني من فولتير الذي كتب «مأساة سمير اميس»، وهي أوبرا من فصلين. أما السيمفونية الأخيرة كانت للطبيب والموسيقي الروسي ألكسندر بورودين (1833 – 1887) بعنوان «برنس ايغور» وهي أوبرا من أربعة فصول مع مقدمة مستوحاة من ملحمة سلافية شرقية عن حملة للأمير الروسي ايغور ضد القبائل الغازية. أمضى بورودين ثماني عشرة سنة في كتابة هذه الأوبرا من دون أن يكمل كتابتها لكن زميليه الموسيقيين ريمسكي وغلازونوف قاما بإكمالها على ضوء الأفكار التي كان يناقشها بورودين معهما قبل وفاته.
مشاركة :