لا يهدأ الحديث منذ أكثر من أربعة أيام في موقع التدوين المصغر "تويتر"، عن ظاهرة توظيف الأقارب في المرافق الحكومية، وتسنّمهم مناصب قيادية برواتب مجزية ليس للكفاءة شأن فيها؛ بل القرابة لا غيرها؛ حيث بات الكثير من المواطنين لا يستغربون وجود موظفين وموظفات من عائلة واحدة في الوظائف الحكومية؛ لأنه أصبح أمراً عادياً لا يستحق البحث والالتفات. زوبعة تعليقات وعاصفة انتقادات بلغت أوجها بعد تداول خطابات تُظهر أسماء متعددة من عائلة واحدة يعملون في بعض الجهات؛ وبرغم أن هذا الأمر لم يكن حديثاً؛ فتوظيف الأقارب ليس بالأمر المفاجئ على الأوساط بل يعمل به مسؤولون كثر؛ إلا أن خطاب وظيفة "ابن الوزير" هو ما حرك المياه الراكدة، وجعل الكثيرين يتطوعون للتنقيب عن قوائم الموظفين بالجهات الحكومية، ويظهرون ذوي القرابة من الموظفين؛ فكانت الصدمة أسماء لا حصر لها من القرابة في المستشفيات والجامعات؛ وكأن هذه الدائرة شركة مصغرة لتلك الأسرة. المغردون على مفترق طرق، بين من يرى أن توظيف الأقارب أصبح أمراً معتاداً ومتعارفاً عليه وفق النسيج الاجتماعي والعادات التي تحكم المجتمع السعودي؛ فقد يتوظف الشاب وهو لا يملك المؤهل المناسب بمجرد أن قريبه المسؤول يتقلد منصباً كبيراً في هذه المنظومة، وهناك مَن تكون وظيفته جاهزة على مبدأ "الفزعة والحمية" لا غيرها.. وبين مَن عارض هذه الممارسات واعتبرها ضرباً من ضروب الفساد المالي والإداري وسرقة حقوق وضياع أحلام الشباب الذي شابَ رأسه في طلب العلم والابتعاث، وبسبب أنه لا يملك النفوذ والوساطة قعد على رصيف البطالة ينتظر بشائر الفرج؛ مما يشكّل خطراً من هدر للطاقات وغياب للكفاءات وتنامي البطالة. وبرغم غياب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" وقلة ظهورها خاصة في ملفات توظيف الأقارب؛ أجبرها الحراك الذي يقوده النشطاء في "تويتر" على الظهور، أمس، وإعلانها التحقيق في وظيفة ابن الوزير ووظائف جامعة شقراء، وهذا التدخل وإن جاء متأخراً؛ فقد وجد إعجاب الكثيرين، ولسانُ حالهم يقول "أن تصل أخيراً خير من ألا تصل". وكتب الاقتصادي عصام الزامل تعليقاً على خروج "نزاهة": "جميل أن يكون هناك خطوات عملية لشبهات الفساد؛ ولكن الأهم ألا يموت الموضوع". وقال الكاتب عبدالله العلمي: "هل (نزاهة) مؤهلة للتحقيق في توظيف ابن أحد الوزراء بطرق غير نظامية؟ نأمل أن يكون التحقيق أكثر صرامة من قضيتيْ سيول جدة وتهريب النفط ومشتقاته". وعلّق القانوني سعد الزهراني: "تجفيف منابع الفساد حق للوطن والشعب، بعد أن بات مسرح ثراء لكل فاسد، ولا يكون إلا بإرادة حقيقية صادقة ورقابة اجتماعية".
مشاركة :