تواجه رئيسة الوزراء البريطانية، تريزا ماي، انتقادات حادة من السياسيين في المملكة المتحدة والقارة الأوروبية، عقب التسريب الذي نشرته صحيفة الجارديان، الأربعاء، ويظهر تحذيرها من مخاطر اقتصادية تنتج عن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، خلال جلسة سرية بمؤسسة «جولد مان»الاستثمارية، قبل شهر واحد من إجراء الاستفتاء. واتهمت مجموعة من نواب البرلمان برئاسة جيمي كوربن، رئيسة الوزراء بتجاهل مخاوفها الخاصة من الخروج عن الاتحاد الأوروبي، والإفصاح عنها في جلسة سرية مع مستثمرين، وهاجم كوربن ماي لفشلها في وضع خطة توضح مخاطر «البريكست» للشعب البريطاني، كما وضحتها لنخبتها في جلسة خاصة. وقال زعيم حزب العمال، حسبما نقلت صحيفة الجارديان، «رئيسة الوزراء أعطت آراءها الخاصة حول البريكست لمستثمرين جولد مان، ورفضت أن تعطي الشعب البريطاني خطة واضحة للنقاش والوصول لاتفاق»، مضيفًا «لم نكن بحاجة لتسريب لنعرف بما تفكر». وقال إيد ميليباند، الزعيم السابق لحزب العمال، «رئيسة الوزراء كانت قلقة في جلساتها الخاصة مع المستثمرين بقدر ما كنا قلقين في العموم من التأثيرات الاقتصادية الصعبة للبريكست المدمر»، وأضاف «هذا يظهر بوضوخ فهم المخاطر الاقتصادية لترك السوق الأوروبي الموحد». وحث ميليباند الحكومة على إظهار تحليلاتها الرسمية لمخاطر البريكست، وقال إن «إذا كانت المخاوف تتلائم مع النقاش العام، فمن الضروري أن تكتم الحكومة تحليلاتها عن التأثيرات على اقتصادنا في حال تركنا السوق الموحد، هذه التحليلات تمت في الحكومة ويجب أن تنشرها الآن». وأوضح التسجيل، الذي نشرته صحيفة الجارديان البريطانية حصريًا، أن ماي كان لديها العديد من المخاوف بشأن «البريكست»، وهو ما يتناقض بعض الشيء مع خطاباتها العامة. ووفقًا لـ«الجارديان» فإن التسجيل تم في مايو/ آيار الماضي، في أثناء حديثها مع ممثلى شركة التمويل الأمريكية جولدمان ساشس، وكانت تشرح فيه بوضوح الفوائد الاقتصادية للبقاء في الاتحاد الأوروبي، حيث قالت للمستثمرين، إن هذا هو الوقت المناسب لتولي بريطانيا قيادة أوروبا، وتتمني أن ينظر المصوتون للمستقبل بدلًا من الماضي، كما أعربت بوضوح عن قلقها من تأثير الخروج من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد البريطاني. وقالت في التسجيل، «أعتقد النقاشات الاقتصادية واضحة، فكوننا جزءا من سوق تجارية بها 500 مليون شخص إضافة كبيرة لنا، وأقول لكم مبكرًا، أحد أهم الأسباب التي تجعل الناس تستثمر في بريطانيا، هو كون بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي، وإن لم نكن كذلك أعتقد أن مستثمرين وشركات سيتساءلون عن احتياجهم للتطوير في القارة الأوروبية وليس المملكة المتحدة، فالتأكيد وجودنا في الاتحاد الأوروبي له منافع اقتصادية». وقالت صحيفة الجارديان، إن تحذيرها عن أهمية البقاء في الاتحاد الأوروبي يتناقض بشكل واضح مع مواقفها الأخيرة المعلنة في الأسابيع الماضية، حيث قالت في أحد المؤتمرات، أنها أولوياتها للحد من استقبال المهاجرين أكبر من أولوياتها للوجود في سوق موحدة، وفي التسجيل المٌسرب، قالت «إن الشركات البريطانية بحاجة لأقصي قدر من الحرية للتجارة والعمل في سوق موحدة». على جانب آخر، قال تيم فارون، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، «كان محبطًا للغاية أن ماي افتقدت الشجاعة السياسية لتخبر الناس بمخاوفها مثل ما فعلت مع المستثمرين في جلسة خاصة». وقالت آنا سوبري، وزيرة العمل السابقة، «إنها تشجعت بتعليق رئيسة الوزراء الواضح، فهي تعي مخاطر ترك هذه الكتلة التجارية، وتعرف فوائد وأهمية تواجدنا في سوق موحد»، وواصلت سوبري، «والآن يجب أن نعود لعضويتنا، قد تختلف آراؤنا حول الهجرة، السبب الذي تركنا الاتحاد الأوروبي لأجله، وكلنا نعرف أن هذا صعب، لكن تريزا ماي تعرف الآن الفوائد، وتعرف تحديدًا ما يجب علينا فعله». وأضافت سوبري، «أهم شيء أن نعثر على اتفاق جيد لبريطانيا، لا يمكننا وضع الشروط والمبادئ من خلف الأبواب المغلقة». المتحدثة الرسمية باسم ماي، قالت في تصريحات صحفية، إن «رئيسة الوزراء قالت هذا الحديث في نهاية إبريل الماضي، وكانت تتحدث عن مخاطر البريكست، وأيضًا الفرص التي يمكننا استغلالها كدولة، سواء كنا داخل أو خارج الاتحاد الأوربي»، وأضافت «البريطانيون صنعوا قرارهم، نحن خارج الاتحاد الأوروبي، ورئيسة الوزراء الآن تركز على هذا، وتفعل ما بوسعها للنجاح فيه». وأشارت إلى أن ما لا تخجل من حقيقة كونها كانت مؤيدة لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، وكانت واضحة بشأن ذلك، لكن القرار لا يخص شخصا واحدا، بل يخص كل البريطانيين، وهم صنعوا قرارهم، تركيزنا الآن يجب أن يكون على النجاح بهذا القرار. يذكر أنه خلال اجتماع لقادة الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي، أكدت ماي على عدم إجراء استفتاء آخر حول قرار الخروج من الاتحاد، وطالبت قادة الدول بالتعامل مع حقيقة أن بريطانيا أصبحت خارج الاتحاد الأوروبي كواقع جديد.
مشاركة :