وقف جرمد يحيى المقاتل في قوات البشمركة الكردية على تل صغير يطل على قرية يقول إن متشددي داعش انهزموا فيها. وعلى مبعدة 500 متر تصطف مجموعة من الأشجار تظهر كم أنه لا يستطيع أن ينعم بالاسترخاء. فقبل يوم واحد اندفع مهاجم انتحاري من بين الأشجار الكثيفة وقتل خمسة من زملائه بعد أن قاتلت القوات الكردية لعشرة أيام حتى تكون لها اليد العليا في قرية الفاضلية، حيث لا يزال هناك ألف شخص محاصرين تطوقهم القنابل المزروعة على الطرق. وأطلقت القوات الكردية قذائف مورتر على مشارف القرية ودارت معارك بالأسلحة النارية وتصاعدت أعمدة الدخان فوق المنطقة. وقال مقاتلون أكراد إنهم تلقوا أوامر بالتحرك مجدداً والسيطرة على الفاضلية سيطرة نهائية. طهرت القوات العراقية والكردية أكثر من 30 قرية مثل الفاضلية خلال حملتها لإخراج تنظيم داعش من الموصل معقله الرئيسي بالعراق فيما يتوقع أن تكون أكبر معركة تشهدها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات. وحين دخل المقاتلون الأكراد الفاضلية للمرة الأولى واجهوا سيلاً من المهاجمين الانتحاريين الذين كانوا يكبرون وهم يندفعون نحوهم في سيارات رباعية الدفع ودراجات نارية وعربات همفي استولوا عليها من الجيش العراقي. قال يحيى في اليوم الأول كان هناك عشرة انتحاريين يتجهون صوبنا من كل الاتجاهات. كل أنواع السيارات. وأضاف كانوا يقاتلون من شارع إلى شارع ومن منزل إلى منزل. أطلقوا علينا نيران الرشاشات أيضاً. كان معظم المتشددين في العشرينات من العمر.. بعضهم عراقي وبعضهم مقاتلون أجانب من أماكن مثل الشيشان يصفهم مسؤولون أكراد بأنهم أشرس وأكفأ عناصر في داعش. وعندما تحرك المقاتلون الأكراد صوب القرية أطلق أحدهم كلباً ليسير في حقل. مزح مقاتل آخر قائلًا: لا بد أنه كلب انتحاري. ولم يصب الكلب بسوء. كان على الأكراد التحرك بحذر في أنحاء القرية وهي عبارة عن مجموعة من المباني الأسمنتية الباهتة وسط أراض معظمها قاحلة على مسافة نحو أربعة كيلومترات من الموصل. وعلى غرار القرى الأخرى فإنها ملغمة بالعبوات الناسفة وهو ما يضطر القوات الكردية والعراقية للتقدم ببطء. قال يحيى هناك الكثير من العبوات الناسفة لدرجة أني الآن أعتبر الأرض هي عدوي. على طريق ترابي ضيق قريب يظهر السبب جلياً. حين استقر التراب الكثيف الذي أثارته المركبات أمكن رؤية رايات حمراء على جانب الطريق وهو ما يشير إلى أن القوات الكردية تعتقد أن عبوات ناسفة بدائية الصنع مزروعة هناك. وخارج القرية يعمل مهندسون عسكريون بدقة شديدة لإزالة المتفجرات المزروعة على الطريق حتى يتمكن المدنيون من المرور بسلام. وأبطل خبراء المفرقعات مفعول عبوتين خلال ساعة واحدة تقريباً. ويقول المقاتلون الأكراد إن مسلحي داعش يختبئون في شبكة أنفاق واسعة أسفل الفاضلية على غرار تلك التي أقامها المتشددون في الموصل القريبة. سيكون إخراجهم خطراً وسيتطلب وقتاً. وعلى مسافة أبعد تتمركز القوات الخاصة الكردية عند نقطة تفتيش لها أبراج للمراقبة. وهي لا تحاول القيام بأي مجازفة. وحين جاء رجل قادم من إحدى القرى فتش مقاتل هاتفه المحمول بعناية واطلع على بضعة أرقام مخزنة عليه. وعلى مسافة بعيدة أبطلت فرقة المفرقعات الكثير من المتفجرات. وكان بالإمكان سماع دوي إطلاق نار أيضاً في دلالة تنذر بالمهمة القادمة. (رويترز)
مشاركة :