مما لا شك فيه أن توتنهام يقدم منذ الموسم الماضي، أقوى عروضه، ورغم الاهتمام غير المسبوق في تتويج ليستر سيتي بلقب الدوري الإنكليزي لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه، إلا أن أغلب النقاد اجمعوا على أن «كتيبة» المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو كانت هي الأقوى في الـ «بريمير ليغ» من الناحيتين الفنية والتكتيكية. ويستمر توتنهام في تقديم أدائه المميز هذا الموسم، حيث أثبت قدرته على هزيمة أي فريق، خاصة عندما ألحق بمانشستر سيتي المتصدر، أول هزيمه في الدوري، ومع ذلك يحتل المركز الخامس في الترتيب، وهو مركز لا يعكس حقيقة قوته بين الأندية الإنكليزية. ويعتمد بوكيتينو طريقة 4-2-3-1 كرسم تكتيكي، ولكن بأفكار فنية متنوعة يستغل فيها قدرات لاعبيه على اللعب المباشر من خلال التحولات التكتيكية في بناء الجمل وتفعيل الهجمات عبر التسديد، فتوتنهام يحتل المركز الثاني في ترتيب التسديدات بـ 163 خلف ليفربول المتصدر 165 تسديدة. وهذا يدل على تطبيق حقيقي لفكر المدرب الأرجنتيني الذي لا يعتمد كثيرا على الاستحواذ، حيث يحتل المركز الرابع بنسبة 56،9 في المئة (مانشستر سيتي المتصدر بنسبة 62،5 في المئة). العقلية التي يلعب بها توتنهام مختلفة عن عقلية استحواذ «سيتي» مع المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا ومدرب ليفربول، الألماني يورغن كلوب، اذ يهتم المدرب الأرجنتيني كثيرا على تفعيل الهجمات أكثر من التمريرات، ليحتل فريقه المركز السادس في الترتيب بـ 507 تمريرات (ليفربول المتصدر 5516). كل الأرقام تدل على آلية تكتيكية دقيقة يتبعها الفريق في هيكله الفني، مما يدل على ثبات واستمرار المستوى الكبير الذي يقدمه الفريق فوق أرضية الملعب. يتمتع توتنهام بقوة التنظيم الدفاعي، حيث لم تهتز شباكه إلّا في أربع مناسبات وهو أقوى دفاع في الدوري، وربما يكون الاهتمام في الجوانب الدفاعية من سمات المدربين الأرجنتيين، فمدرب اتلتيكو مدريد الإسباني، دييغو سيميوني يتمتع بهذه الخاصية، ولكن هذا الاهتمام لا يؤثر على أفكارهم الهجومية. ويبدو أن بوكيتينو يسير على النهج الفني ذاته، فهو دائما يضع فريقه في مفهوم التوازن الدفاعي - الهجومي، وهذا الأمر جعل توتنهام من أقوى فرق الدوري الإنكليزي الممتاز. من الملاحظ أن «سبيرز» لا يهتم كثيرا في الاختراقات من العمق ليضمن ارتداد اللاعبين من الناحية الدفاعية، فمدرب توتنهام يهتم بكل التفاصيل الفنية وما يترتب عليها خاصة من الناحية الدفاعية. وتشير الأرقام الى أن توتنهام لم يلعب سوى 6 تمريرات بينية، في حين أن ارسنال لعب 47 تمريرة، مما يدل على اختلاف كبير بين الفريقين في عملية بناء الهجمات وطريقة الوصول إلى مرمى الخصوم. فتوتنهام لا يحاول أن يمرر من العمق بقدر ما يريد التسديد من خارج منطقة الجزاء، وهو يحتل المركز الثاني في ترتيب التسديدات 163 (خلف ليفربول المتصدر 165). من الواضح جدا، أن توتنهام ستكون له كلمة مسموعة في الموسم الحالي، ومن الممكن جدا أن يحقق اللقب الذي كان قاب قوسين أو أدنى منه في الموسم الماضي، لكي يحقق أحلام جماهير النادي التي تنتظره من زمن بعيد، فهل يقترب توتنهام مجددا من دائرة المنافسة وينهي الموسم متوجاً في هذه المرة.