ماذا لو فاز دونالد ترامب بالسباق الرئاسي؟ ما الذي قد يحصل إن نجح في تحقيق ما كان في الواقع أمراً مستبعد الحدوث قبل 18 شهراً؟ يرجح أن تستبعد «التوقعات الصارمة» الصادرة عن «ساكسو بنك»، والتي نحن بصدد إعدادها ونشرها في ديسمبر، أي احتمال لفوز ترامب نظراً لغرابة الوصول إلى مثل هذه النتيجة منذ 12 شهراً. وتوقع جون جيه هاردي، كبير استراتيجيي الفوركس لدى «ساكسو بنك»، نجاح هيلاري كلينتون بتحقيق فوز كاسح يمنح الديمقراطيين اليد الطولى في مجلس الشيوخ؛ وفي حال إمكانية أخذ استطلاعات الرأي بعين الاعتبار، يمكن أن تنسجم توقعات هاردي مع تلك التنبؤات التي نادراً ما تتحقق. (دعونا نواجه الأمر- إذا تحققت الكثير من التوقعات، فإن «التوقعات الصارمة» بالكاد تؤدي وظيفتها، حتى في هذه الأوقات التي لا يمكن التنبؤ بها ...). لكننا مررنا بظروف مماثلة في السابق مع صناديق الاقتراع، ولا ننسى نتائج الانتخابات في المملكة المتحدة عام 2015 والتي أربكت رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون؛ وما قيل في الفترة التي سبقت التصويت على بريكسيت عندما شجعت استطلاعات الرأي ارتفاع أسعار الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي عشية التصويت إلى 1.50 قبل أن توجه النتائج صفعة قوية لأسعار الجنيه الإسترليني في قمة أوجها، ولا يبدو أنها ستتعافى منها قريباً. استطلاعات الرأي فهل يعني ذلك قدرتنا على استبعاد استطلاعات الرأي؟ ربما لا، ولكن عبارة «رشة ملح» تتبادر إلى الذهن: مما لا شك فيه أن منهجية استطلاع الرأي تتسم بالجودة التي لطالما عهدناها منها، ولكن البيئة غير الاعتيادية بعد الأزمة المالية التي ظهرت مع الانهيار الكبير للعقد الاجتماعي خلفت موجة من الاستياء والغضب ضد النخب التي يمكن أن تحمل ترامب نحو الفوز وإظهار عبثية كل تلك المنهجيات المعقدة في مواجهة الواقع الجديد. وبعد كل شيء، عندما ينحدر ترامب لاستخدام تصريحات قدح مليئة بالكراهية والتي أثارت قلق الكثيرين، لا يعترف الكثيرون -حتى أولئك المقربون منه- علانية بالموافقة على مثل هذه التصريحات. ولكن في حالات مماثلة لمأساة اغتيال النائبة العمالية جو كوكس في الأسبوع الذي سبق التصويت على بريكسيت، سيعمد العديد ممن شعروا بالمرارة في أعقاب ذلك الحادث الرهيب، وبعد أسبوع واحد إلى العودة لموقفهم الأصلي والتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. وبالتأكيد، يأمل ترامب في التوصل إلى نتيجة مماثلة. وبعد أن رسم ملامح طريقه لتحقيق النجاح، فقد أصبح لزاماً علينا توقع عدة نتائج معقولة يمكن حصولها في حال فوز ترامب. أسعار البيزو المكسيكية مرشحة للتداعي أصبحت العلاقة العكسية واضحة بين أسعار البيزو المكسيكي واحتمال قدرة ترامب على تحقيق الفوز بالانتخابات، بحيث أدت كل جولة ترجح كفتها لصالح المرشح الجمهوري إلى انخفاض مقابل في أسعار البيزو. وعندما تم الكشف عن إصابة كلينتون بالالتهاب الرئوي في الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر، قفز زوج العملات الدولار الأميركي/البيزو المكسيكي نحو أعلى مستوياته على الإطلاق، وكاد يصل إلى عتبة 20.0. وأدى تعافي كلينتون وأداؤها في المناظرات المباشرة، إلى جانب عجز ترامب عن تجنب المطبات منذ ذلك الوقت (%95 من المطبات كانت من صنع يديه)، إلى عودة زوج العملات نحو 18.50 الأكثر قابلية للإدارة؛ ولكن ذلك لا يزال أعلى من المستوى الذي حققه في صيف عام 2015 قبل إعلان ترامب عن ترشيح نفسه للانتخابات عن الحزب الجمهوري عند نحو 15.50. وقد تلقى دعوات ترامب لبناء جدار يمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور الحدود آذاناً مصغية وإعجاباً لدى شركة «سيمكس أس أيه بي» المكسيكية للإسمنت، وشركات أخرى مثل «جرانيت كونستركشن» و «تيترا تيك» و «كاتربيلار» و «فلور»، ولكن الإعلان عن فوز ترامب يوم 9 نوفمبر سيترافق بانخفاض مباشر وحاد في أسعار البيزو. أيام جانيت يلين ستكون معدودة طالت نيران الهجوم المتبادل بين ترامب وكلينتون، رئيسةَ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جانيت يلين، وكان ترامب صريحاً في اعتقاده بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي استُخدِم أداة سياسية بيد المؤسسة. وقد يكفي أداء يلين الضعيف نوعاً ما في دفع كل من ترامب وكلينتون للنظر إليها بقسوة في عام 2018 عندما تنتهي ولايتها للمراجعة، لكن من المؤكد أن ترامب سيقيلها في أول فرصة سانحة. ومن المرجَّح أيضاً أن يتجه ترامب نحو تقليص دور بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه، الذي ظهر بصفته كبش فداء مناسبا (وربما استحق ذلك في بعض الأحيان)، جرَّاء العلل التي ابتليت بها الدائرة الانتخابية التي تشكل القاعدة الأساسية للمرشح الجمهوري. وأدى إخفاق بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في التعامل بشكل مناسب مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، ودوره في تأجيج طفرة الأسهم حيث لم يتخذ أي إجراءات فاعلة لمعالجة مشاكل الاقتصاد الحقيقي، إلى جعله عرضة للهجوم من كل أطراف الطيف السياسي، خاصة من اليمين الذي سعى لاستمالة الساخطين على هذه السياسة. الروبل الروسي في طليعة المستفيدين كنت مسروراً بلقاء ترامب في موسكو عام 1977 عندما أظهر إعجابه الفعلي بروسيا في ذلك الوقت، وهناك الكثير من التكهنات بشأن الصلات القائمة بين ترامب وموسكو. ولن نزيد النار في الهشيم بهذا الخصوص، ولكن التصريحات التي أطلقها ترامب مراراً وأعرب فيها عن إعجابه بفلاديمير بوتن وآماله بالعمل مع الروس فيما يخص سوريا، تدفع «ساكسو بنك» للشعور بأن تحسين العلاقات مع روسيا بات أمراً مسلّماً به. روسيا بالطبع أشبه بالدب المحافظ، وعدم إمكانية التكهن بمشاعر الكرملين تجاه رئاسة ترامب، ولكن دعواته لموسكو للكشف عن مزيد من الرسائل المسرّبة من بريد كلينتون وتصريحاتها حول بوتن، تشير إلى أن المصالحة هي هدفه الفوري. ويصعب الجزم بانعكاسات ما تعنيه مثل هذه الخطوة على السياسة العالمية. وقد يؤدي هذا إلى تعزيز زوج العملات دولار أميركي/ روبل روسي تحت 60، في حال دفع ترامب نحو وضع حد للعقوبات. فوز ترامب يعني ارتفاع أسعار النفط والذهب قد يشكِّل خطاب ترامب المعادي للإسلام أكبر عقبة أمام السلام في منطقة الشرق الأوسط، وانتصاره قد يمنح القاعدة وتنظيم الدولة الدفعة التي يحتاجونها لإحياء منظماتهم وإعادة التركيز على اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية العدو رقم 1. وإذا طرح ترامب فرض حظر شامل على دخول المسلمين إلى أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه بخطوة واحدة سيعزز من تضخم القوى المعادية لأمريكا، ويضع واشنطن في مسار تصادمي يصعب سحبها منه. ونظراً لحساسية أسعار النفط تجاه التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل يتخطى عتبته الحالية حول 50 دولارا أمريكيا للبرميل، لاختبار مستويات أكثر ارتفاعاً. ويدرك تنظيم الدولة بالضبط ما يقوم به، عندما يستهدف حقول ومنشآت النفط في كركوك. وسيؤثر أي انخفاض حاد أو تهديد بمثل هذا الانخفاض في الإمدادات على أسعار النفط، أكثر من أي اتفاق لإنتاج النفط بين روسيا وأوبك. وإذا أردنا توسيع هذه الرؤية إلى سلع أخرى، فإن فوز ترامب سيعزز من أسعار الذهب، وقد ترتفع أسعار العملة الرقمية بيتكوين، التي تباع حالياً بنحو 660 دولارا أمريكيا. ربما يكون الأمر بعيداً بعض الشيء عن مستويات الذروة التي وصلتها في ديسمبر 2013، عندما نافست أسعار الذهب لفترة وجيزة، لكن المستثمرين قد يرغبون في وضع أموالهم في سلات متنوعة، مما يصب في مصلحة أسعار البيتكوين، بحسب «ساكسو بنك».;
مشاركة :