اسطنبول.. مدينة السحر والجمال والطبيعة الخلابة

  • 10/29/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بمجرد وصول السائح إلى اسطنبول، فسيكتشف أن لديه عدواً في أيام الزيارة، وهو النوم، فكل دقيقة في تلك المدينة الساحرة تدعوك إلى الحياة والاكتشاف ومحاكاة التاريخ والنظر إلى محطاته وجولاته الماثلة على قلاع ومساجد ومباني المدينة التي لا تشبه إلا نفسها. أحد أسرار تلك المدينة الخلابة التي تمزج بين الحضارة من جانب والتاريخ والعصور السابقة من جانب آخر، يتمثل بأن اسطنبول دائماً تحمل هويتها وتعرض تاريخها بفخر باعتباره كان مؤثراً في تشكيل الحضارة الإنسانية منذ نشأتها. الجمال وتعتبر اسطنبول بلد الجمال، حيث تبقى جلسات «البسفور» -ذلك المضيق الذي يربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة- تتمتع بإطلالة هي الأكثر إبهاراً وروعة، إذ إن جسور هذا المضيق المعلقة تعكس عجائب اسطنبول، فأولها جسر البوسفور وثانيها جسر السلطان محمد الفاتح وثالثها جسر سليم الأول وبينهما نفق مارماراي الذي يخترق مياه المضيق وفق مواصفات إنشائية تعتمد على التقنية وهو الذي افتتحه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان احتفالاً بمرور 90 عاماً على تأسيس الجمهورية التركية. ولا يوجد مكان أجمل من هذا المضيق الذي يفصل بين الجانب الآسيوي والأوروبي في ذات المدينة، إذ يمكن للسائح أن يعيش ليالي العمر عندما يقطن في فندق يطل على «البوسفور» أو حتى يذهب لزيارته وتناول وجبة في أحد المطاعم المتناثرة على جانبيه، ليشعر عندها بتجدد الحياة والاسترخاء وسط انبهار في هذا المكان الذي يعكس الحضارة والثقافة والتاريخ والطبيعة الخلابة في صورة بهية لا مثيل لها. حركة ولأنها مدينة الحركة المتواصلة، تبقى منطقة تقسيم في اسطنبول ذات شغف خاص ولا تهدأ أبداً، حيث يزور تلك المنطقة عشرات الآلاف يومياً، الأمر الذي يجعلها مثل خلية نحل لا تهدأ فيها الحركة أبداً، فهي تعج بالناس على مدار اليوم تقريباً وتعد مركزاً للتسوق، كما أنها تتيح للزوار السير على أقدامهم لكيلوات الأمتار في أجواء تسويقية تجمع ما بين الحداثة والموروث التاريخي. فمن بين المحال التجارية التي تعرض الماركات العالمية، فهناك عشرات المقاهي التاريخية فيما تتوزع على جانبي شارع الاستقلال كنائس تاريخية ومساجد ومبانٍ عثمانية مصممة على الطراز الإسلامي. نشاط وتبدأ الحياة في اسطنبول باكراً جداً؛ حيث صباحها الجميل يشجع السياح على الخروج قبل شروق الشمس للذهاب في جولات تستكشف هذا الزخم الكبير من الجمال في المدينة التي تتجدد بين فترة وأخرى بالجديد والمفاجآت الجاذبة للسياح. ورغم الكثافة السكانية في هذه المدينة المصنفة من أكثر مناطق العالم تواجداً للسكان إلا أنها تسلك طريق النظام على نحو جيد، فهي وإن كانت كحال معظم مدن العالم تشهد ازدحاماً مرورياً في فترات معينة إلا أنها في كثير من الأحيان تظل سالكة يسهل التحرك فيها عبر المواصلات أو السيارات الخاصة في ظل وجود شبكة طرق شاسعة معبدة بمواصفات عالمية إلى جانب انتشار شبكات «المترو» في أرجاء المدينة. طعام وتشتهر اسطنبول بطعامها الذي يمتاز بالتنوع، حيث إن كافة الأكلات تتمتع بمذاقات شهية جداً جعلت مطاعمها تعج بالزبائن من كل دول العالم، حيث إن اللحوم تقدم طازجة وساخنة متبلة فيما تقدم الوجبات مزودة بالسلطات التركية التي لها نكهتها الخاصة، وذلك بالإضافة إلى الحلويات التي تنفرد بصناعتها هذه المدينة، إذ إن أصنافها لا تعد ولا تحصى. وفي مقابل عظمة البناء التاريخي الذي شكَّلته حضارات سادت ثم بادت، ثمة ورشة بناء ممتدة تزداد يوماً بعد يوم إصراراً وتحدياً للمضي في طريق البناء الحديث للخروج بوجه جديد في العام 2030 بحسب الخطة التي بدأ قطار تنفيذها يمضي سريعاً وسط الرافعات العملاقة التي تعمل ليل نهار لمواصلة البناء والتألق العمراني وتشييد الطرق الجديدة. قبلة هذا وتعتبر اسطنبول قبلة الباحثين عن التراث والحداثة معاً، ففيها تتعانق القلاع والقصور الشاهقة مع أبراج مصممة بمقاييس حديثة ليبدو المنظر من بعيد في أبهى صورة. ولا يمكن للسائح الذي يقصد اسطنبول إلا أن يكون زائراً وشاهداً على عظمة منطقة السلطان أحمد التي تجمع تحفاً معمارية تحكي حقبات تاريخية مهمة في تاريخ تركيا وهي المنطقة المسجلة ضمن مناطق التراث الإنساني لليونسكو، فجامع السلطان أحمد أو المسجد الأزرق ذو المآذن الستة الذي بُني تأثراً بالمسجد الحرام في مكة المكرمة، لا يزال كما كان كما لو أنه للتو يفتتح في حضرة السلطان، إذ بُني بمواصفات إسلامية خالصة تزينها الزخارف المنقوشة بدقة متناهية جعلته يتبوأ مركزاً متقدماً ضمن أجمل المساجد في العالم من حيث البناء المعماري. ولا يزال هذا الجامع معلماً يقصده السياح من كل أقطار العالم وبمختلف جنسياتهم ودياناتهم شريطة الالتزام بحرمة المكان والزي المناسب مثل أن ترتدي النساء الداخلات إليه الحجاب أثناء تنقلها بين أرجائه وساحاته، وكما كان الإبداع ماثلا في داخل الجامع لا تغيب لمسات الجمال خارجه بوجود الساحات الفسيحة التي يقصدها أهل اسطنبول والسياح باعتبارها ملاذاً للنفس المطمئنة التي تحتاج دائماً للتصفية والتزكية والتأمل بالقرب من هذا الجامع الذي مضى على بنائه أكثر من 400 عام. واللافت المعماري في هذا المكان أيضاً البحيرة التي تتوسطها نافورات تتصدرها انعكاسة ساحرة كاملة للجامع الأزرق في منظر يعكس عظمة البناء ودقته، كما أنه بالقرب من جامع السلطان أحمد، ثمة تحفة معمارية متمثلة بمتحف «آيا صوفيا» الذي استقر ليكون متحفاً بعدما كان مسجداً وقبلها كان كنيسة. ومن المعالم الحضارية الساحرة في منطقة السلطان أحمد، يقبع القصر المغمور الذي بناه البيزنطيون ليشكل نموذجاً فريداً في البناء بمواصفات «رومانسية»، حيث الأضواء الخافتة تبعث على الأجواء سحراً خاصاً جعلته من أجمل الأماكن التي تحتاج إلى ساعات من التأمل لإعادة اكتشافه من جديد، وعلى نحو يثير العجب تتدفق المياه من تحت هذا القصر الفريد وفق رواية تاريخية تحكي تحوله إلى خزان أو صهريج للمياه بعد تدفقه بهذا الشكل في حين لا تزال الأسماك تسبح في هذه المياه تحت أضواء خافتة. وبالقرب من هذه المنطقة التاريخية أيضاً قصر «توب كابي»، أو»الباب العالي» الذي كان لمدة تجاوزت الـ400 عام مركزاً لإدارة الحكم في الدولة العثمانية ومسكناً لسلاطينها، وتحديداً في هذا القصر دارت حكايات «ألف ليلة وليلة» والتي لا تزال تنبض في أجوائه العثمانية الماثلة على جدارياته الشاهقة والتي على ما يبدو تزداد متانة وصلابة كلما مضى عقد جديد من الزمان. فعلى الراغبين بزيارة مدينة تمزج بين الحضارة والتاريخ وبين الطبيعة الخلابة والمباني القديمة والقلاع والأبراج الشاهقة والهندسة العمرانية الحديثة، وبين الأسواق العتيقة التي تعرض أحدث صيحات الموضة، والأطعمة الشهية والحلويات المميزة بطعمها، فلا بد أن تكون الوجهة إلى اسطنبول.;

مشاركة :