الموصل.. جزء من الصراع على الشرق الأوسط

  • 10/29/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي يخوض الجيش العراقي والميليشيات الشيعية والكردية معركة تحرير الموصل من «تنظيم الدولة»، تثور تساؤلات عديدة بشأن مستقبل التنظيم ومستقبل الدولة العراقية. حتى إذا نجحت القوات المهاجمة من تحقيق الانتصار، فسيكون لذلك تداعياته على العراق والشرق الأوسط بأكمله. إن بدء الهجوم على مدينة الموصل في الأسبوع الماضي ليس بمثابة عملية عسكرية أخرى ضد «تنظيم الدولة». فنتائجها من شأنها أن تكون ذات أهمية بالغة فيما يتعلق بمستقبل الشرق الأوسط. النتيجة الأولى المحتملة هي بخصوص مستقبل «تنظيم الدولة». ففي ذروته سيطر «تنظيم الدولة على %20 من الأراضي العراقية، و%40 من الأراضي السورية. حتى قبل بدء الهجوم، فقد التنظيم نصف الأراضي التي احتلها في العراق، وأيضا أجزاء كبيرة من الأراضي السورية. فقدان الموصل وضواحيها سوف يؤدي إلى تصفية «تنظيم الدولة» في العراق. مثل هذه النتيجة سيكون لها تأثير كبير من ناحية الروح المعنوية للتنظيم وثقته وقدرته على تعبئة الأموال والمتطوعين. فقدان المعقل العراقي قد يؤدي إلى فقدان المعقل السوري و «عاصمة» التنظيم في الرقة. «تنظيم الدولة» كفكرة وأيديولوجيا لن يختفي، ولكنه سيضطر لتغيير طريقة عمله التي ستأخذ مظهر عمليات إرهابية متفرقة. النتيجة المحتملة الثانية تخص مستقبل العراق. فقد تنبأ كثيرون بتفككه وأثاروا علامات استفهام بخصوص وجود قومية عراقية. الصراع ضد «تنظيم الدولة» يوحد حاليا عناصر ذات مصالح مختلفة: الأكراد، والجيش العراقي المكون معظمه من جنود شيعة، وميليشيات شيعية مدعومة من إيران. ولكن في نهاية العملية العسكرية، حال نجاحها، فقد تستغل إيران الفرصة لتعزيز نفوذها، وينتقم الشيعة من السنة، في حين يسعى الأكراد لتوسيع أراضيهم. وهكذا قد يؤدي تحرير المدينة السنية الكبيرة في العراق إلى حرب «الكل ضد الكل» وإلى مأساة إنسانية أخرى. إيجاد نظام يلبي تطلعات الأطراف ويضمن بقاء العراق على شكله الحالي، هو التحدي الأكبر. النتيجة الثالثة تتعلق بمستقبل الأقاليم الأخرى في العالم العربي مثل سوريا وليبيا واليمن. يعاني هؤلاء من تفتت اجتماعي، وإثني وديني، ولكنها أيضا أقاليم أقيمت بطريقة مصطنعة. تفتت العراق سيمنح شرعية لمسار التفكيك في أماكن أخرى من العالم العربي، بينما يعزز الحفاظُ على سلامته العناصرَ الداعية للحفاظ على الدول في شكلها الحالي. النتيجة الرابعة ترتبط بموقف الولايات المتحدة في المنطقة والإرث الذي يتركه الرئيس أوباما وراءه. ليس سرا أن جنودا ومستشارين أميركيين يشاركون في المعارك (نحو 5000 وفق أحد التقديرات)، ولكن دورها ينحصر في مساعدة القوات العراقية والكردية (نحو 30 ألفا وفق أحد التقديرات). الانتصار في ميدان المعركة يعني أن استراتيجية أوباما الحالية كانت صحيحة. مثل هذه النتيجة سوف تعزز موقف الولايات المتحدة المتدهور في المنطقة، وبخاصة إزاء النفوذ الروسي المتنامي في سوريا، كما تعزز حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. القضاء على بؤرة «تنظيم الدولة» في العراق من شأنه أن يعزز الاستقرار في المنطقة، ولكن من السابق لأوانه جدا الاحتفال. فهناك خوف، حتى إذا تكللت هذه المهمة بالنجاح، أن يسقط العراق في دوامة من الخصومات المتجددة بين الشيعة والسنة والأكراد والتي ستجذب إليها أيضا إيران وتركيا.;

مشاركة :