لا يتوقف المستثمرون ومراقبو سوق النفط عن التساؤل حول كميات النفط الكامنة في باطن الأرض، وحجم الاحتياط النفطي لكل دولة. ويبدو أن السوق يتراوح بين النحيب على وصولنا إلى "ذروة النفط" أي المعدل الأقصى للاستخراج وما سيليه حتماً من تراجع دائم، وبين الاكتشافات الجديدة في هذا المجال بحسب فوربس الشرق الأوسط. ويبدو أننا منذ 5 أو7 أعوام ماضية نتحرك في الجزء الثاني من الحلقة، مع اكتشافات مهمة جديدة من النفط القابل للاستخراج في البرازيل، وأميركا وفنزويلا وكندا. وبينما تبعث هذه الاكتشافات مزيداً من التفاؤل حول كمية النفط في باطن الأرض، يبقى السؤال: ما الذي نعرفه عن الاحتياطي النفطي؟ ولماذا كل هذه الأهمية؟ إن القضايا الرئيسة التي تهم المستثمرين والمراقبين هي: كميات الاحتياطي النفطي وكفاءة الاستخراج واستقرار الصناعة طويل الأجل. وتعد هذه الجوانب الـ3 وليس كميات الاحتياطي فقط، ضرورية لفهم حالة هذا القطاع في دولة ما، وقوتها الاقتصادية. لقد أصدرت مجموعة البحوث المستقلة (Rystad Energy) ومقرها النرويج، في يوليو/ تموز الماضي، دراسة حديثة تقول فيها إن أميركا تمتلك في الواقع أضخم احتياطي في العالم، تفوق في ضخامتها ما لدى السعودية وروسيا وفنزويلا. وحللت المجموعة 60 ألف بئر نفط حول العالم على مدى 3 أعوام، ثم استنتجت أن أميركا تمتلك 264 مليار برميل. لكن تكمن المشكلة في دراسة (Rystad) في اعتماد تقديرها على اكتشافات متوقعة وليست مؤكدة. كما تحتسب تلك الكميات بالاعتماد على معدلات الاكتشافات النفطية الأخيرة، التي تتمتع أميركا بكميات كبيرة منها، مع توقع استمرار المعدلات نفسها مستقبلاً. وبمجرد استبعاد الاكتشافات المتوقعة والاكتشافات المحتملة من المعادلة، ينخفض الرقم إلى 40 مليار برميل فقط (دون احتساب الاكتشاف الجديد الذي يقدر بـــ10 مليارات برميل في ولاية ألاسكا الذي أعلن عنه خلال الشهر الحالي). كما تشير البيانات الواردة في التقرير إلى أن أميركا تتمتع بمعدل أعلى من الاكتشافات النفطية الجديدة في الأعوام الأخيرة، وتحظى بنصيب أعظم من التوقعات مقارنة بدول أخرى. لكنه لا يشير إلى أن أميركا تمتلك المزيد من الموارد النفطية المؤكدة. لكن (Rystad) ليست المجموعة الوحيدة المعنية بهذا النوع من البحوث، فمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تصدر تقارير منتظمة تتعلق باحتياطات النفط المقدرة. ويمكن الاطلاع على أحدث بيانات الدول الأعضاء في المنظمة، وتلك غير الأعضاء فيها عبر مراجعة نشرتها الإحصائية السنوية لعام 2015. وربما تكون القيمة المقدرة للصادرات النفطية لدولة ما هي ما يثير اهتمام المستثمرين أكثر من أي إحصاءات أخرى. في حين تقدم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مثل تلك الإحصاءات للدول الأعضاء فقط، مثل السعودية التي تفوق كل دول المنظمة بـ30% تقريباً، فصناعة النفط فيها أكثر كفاءة وفاعلية من حيث التكاليف، بالرغم من أن احتياطها النفطي المؤكد أقل مما في فنزويلا. وعموماً، تعد مقاييس النجاح الاقتصادي المذكورة سابقاً على أي حال، أدوات أفضل لقياس القوة والنفوذ في سوق الطاقة، من الاكتفاء بقياس الاحتياطات النفطية المقدرة فقط.
مشاركة :