يوسف أبو لوز طبعت سلسلة عالم المعرفة الصادرة في الكويت 43 ألف نسخة من كتاب الاستبعاد الاجتماعي في العام 2007. وإيراد اسم هذا الكتاب جاء على سبيل المثال فقط، فكل عناوين السلسلة التي بدأت إصداراتها منذ العام 1978 أو أغلب هذه العناوين تنفد من الأسواق وتبيع بعشرات الآلاف، ولكن لماذا؟ وكيف؟ وعَلامَ يؤشر هذا التوزيع المرتفع؟ قبل الإجابة عن هذه التساؤلات، فإن أزعم مجموعة شعرية لشاعر لم يحظ بالنجومية مثل نزار قباني ودرويش وأدونيس لا يطبع الناشر منها أكثر من ألف نسخة مع إحساس الناشر بأن الكثير من هذه النسخ ستعود على شكل مرتجعات إلى مخازن دار النشر. أما الرواية، وبعيداً أيضاً عن الروائيين النجوم، فتبيع أكثر من الشعر، ولكن بحدود الآلاف القليلة التي لا ترقى إلى بيع سلسلة عالم المعرفة. هذه حالة معروفة في سوق النشر والتوزيع على صعيد صناعة الكتاب العربي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العنوان السياسي له هو الآخر توزيعه في هذه السوق إلى جانب الكتاب الديني وكتب الطبخ والأزياء وأدب التسلية والمغامرات والأبراج والسحر، وغير ذلك مما هو معروف عند فئة بعينها من القراء. وبالطبع هناك قارئ آخر يعرف ما يريد من العناوين ويتوجه إليها بشغفه الثقافي ووعيه القرائي المختلف كلياً عن اختيارات فئة الزيّ والمطبخ والسحر والأبراج، ولكن الأسئلة هنا: كم يبيع ناشر (القارئ الآخر) هذا؟ كم يربح؟ وكم يخسر بلغة السوق؟ نضع كل ذلك جانباً ونعود إلى ظاهرة سلسلة عالم المعرفة. 43 أو 40 ألف نسخة من كتاب ليس رقماً سهلاً ويجذب الإعجاب والطمأنينة إلى أن العربي قارئ، وهو بالفعل قارئ ويعرف ثقافة وأخلاقيات القراءة قبل الغربي أو الأوروبي الذي تظهره بعض وسائل الإعلام على أنه أنموذج يثير الغيرة، غير أن هذا القارئ الغربي هو الآخر محدد من فئة قارئة لا أكثر: قراءة ما يسمى الروايات الزهرية في أوروبا، وقراءة أدب الغموض والجاسوسية وحتى الجريمة.. وما بين قارئنا العربي الذي (يتسلّى)، وبين القارئ الغربي الذي (يتسلّى) هو الآخر نقول يا دار ما دخلك شرّ. الآن . لماذا؟ وكيف؟ وعلامَ يؤشر التوزيع الألفي لسلسلة عالم المعرفة؟ فهو باختصار: أولاً: التوزيع العربي الكبير الذي تديره مؤسسة ليست ربحية، ولذلك فسعر الكتاب من سلسلة عالم المعرفة سعر رمزي بل وأقل من رمزي. وثانياً: الإدارة التي تعتبر الثقافة أولوية، وثالثاً: الثقة بأن العربي قارئ، وسلسلة عالم المعرفة في الكويت أثبتت هذه الثقة. y.abulouz@gmail.com
مشاركة :