أكتب هذا المقال من الرباط على صوت هتافات شباب متظاهرين أمام البرلمان المغربي يطالبون بحل مشاكل بطالتهم تتصاعد من الساحة النخيلية التي يطل عليها مقهى الدور الخامس في الفندق المئوي الذي يؤرخ لبداية السكة الحديد في المدينة العتيقة. وقد صادفت إقامتي الاستعدادات النهائية للانتخابات التشريعية التي لم يكن متبقا عليها إلا بضعة أيام وقد كثفت كل قنوات التلفاز العربية والأمازيغية الدعايات المحفزة على المشاركة بكل الوسائل التي تستجيب لحاجات الكبار والصغار، في المدينة والريف، تشجع على عدم تفويت الفرصة. حال أعادني لأجواء انتخاباتنا البلدية العام الماضي والفورة التي كانت عليها النساء للمشاركة فيها للمرة الأولى. وقد كانت نتيجة انتخابات المغرب التشريعية إعادة انتخاب حزب العدالة والتنمية الإسلامي، لكن الفارق كان في المشاركة النسائية غير المسبوقة التي ظهرت في قوائم كل الأحزاب وفي مواقع متقدمة وليس في أسفل القائمة كما كانت العادة، وهذا بحاجة لعودة. وفي الواقع كانت هذه المناسبة كلها تقع على هامش اللقاء المبهج الذي كنت أشارك فيه هنا، والخاص بتدشين حركة مساواة العالمية لتحقيق المساواة في الأسرة المسلمة للكتاب الثالث في سلسلة إنتاج المعرفة الذي به ترى إمكانية الرفع من مشاركة المرأة في الفكر الديني. وهو بعنوان: حياة نساء، قصص نساء، سلطة الذكر في السياق المسلم Women’s Lives, women’s Stories, Male Authority in Muslim Contex. والكتاب نتاج بحث استمر خمس سنوات لجمع حكايات خمس وخمسين امرأة في تسع دول وهي: بنغلاديش، إيران، ماليزيا، إندونيسيا، ، بريطانيا، كندا، نيجيريا، غامبيا ومصر (كان من المفترض أن أساهم معهن بقصص من السعودية ولكن لظروف خاصة بالوقت لم يتم الأمر). والنساء المستهدفات من هذه القصص هن أولئك اللاتي تعكس قصصهن آلية عمل مفهومي القوامة والولاية على أرض الواقع يقوم بها فريق متخصص في كل دولة من المنظمات النسائية المحلية أو المؤسسات الجامعية المتخصصة في علوم الأنثروبولوجيا والاجتماع أو المؤسسات المهنية أو القضائية التي تعمل في تمكين النساء وتقديم العون القانوني والاجتماعي. وبناء على هذه القصص التي تبعت منهجية دقيقة في التثبت والمتابعة والرصد، وكذلك في التنويع على مستوى الخلفية التعليمية والطبقية والمدنية مقابل الريفية، بحيث يكون هناك تمثيل قدر الإمكان في عملية الرصد، كانت النتائج التي تم تحليلها بشكل نظري وعلمي منهجي، تحمل قدراً كبيراً من المفاجآت والمفارقات والتشابهات أيضاً. كانت الدراسة تقوم على تساؤلات يومية مشروعة مثل: كيف تعيش النساء ممارسة الذكور سلطتهم مع القوامة والولاية؟ وكيف يمكن لهذه الخبرات أن تؤثر في وعي الفتاة في مرحلة الطفولة؟ وعندما تتزوج، ما هو دورها كزوجة وأم، وما معنى أن تطيع المرأة طيلة عمرها؟ ثم ماذا يحدث إن تطلقت أو فشل الزوج أو الأب في تقديم الحماية والنفقة لزوجته أو أطفاله؟ وللحديث بقية..
مشاركة :