يتنافس منتجو النفط في الشرق الأوسط على سبل جديدة لبيع الخام إلى الصين، بعد عرض السعودية مزيدا من الشحنات بأسعار البيع الحاضر وبشروط أيسر في الدفع. وبحسب "رويترز"، فقد أعادت شركات التكرير المستقلة تشكيل ملامح قطاع النفط الصيني هذا العام إذ تسهم بمعظم النمو في واردات الخام الصينية منذ حصولها على تراخيص الاستيراد للمرة الأولى قرب نهاية 2015. ويتجه معظم هذا الطلب الجديد إلى الخام المنخفض الكبريت العالي الجودة الذي يورده منتجون خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" أو إلى الخامات العالية الكبريت التي تباع بخصومات كبيرة عن الأسعار. وأفادت مصادر أن السعودية وغيرها من الأعضاء الخليجيين في "أوبك" عرضوا خفض إنتاجهم بنسبة 4 في المائة في ظل ما يواجهونه من تخمة في المعروض العالمي وإخفاقهم في الاستفادة من نمو الطلب الصيني، وتقول مصادر في القطاع "إن "أرامكو" لا يمكنها الاستمرار عند مستويات الإنتاج المرتفعة لفترة طويلة في ظل تدني أسعار النفط". ونمت صادرات بائعي الشرق الأوسط إلى الصين بأقل من نصف الوتيرة التي سجلها آخرون في 2016 وهي أقل مساهماتهم منذ 2012 مع نمو صادرات السعودية بنسبة 1 في المائة. وبدلا من هؤلاء اشترت شركات التكرير المستقلة مزيدا من النفط من أنجولا التي يحتوي خامها على نسبة من الكبريت أقل من معظم خامات الشرق الأوسط وكذا من فنزويلا التي تعرض خامات عالية الكبريت بأسعار أقل. وأوضح تشانغ ليو تشينغ نائب رئيس شاندونج دونج مينج للبتروكيماويات أكبر شركات التكرير المستقلة في الصين أن الأمر صعب في الوقت الراهن نظرا لأن الخام الثقيل الذي نستخدمه يأتي من فنزويلا التي يحتوي خامها على نسبة عالية جدا من الكبريت ومن ثم لا نستطيع إضافة خامات الشرق الأوسط إلى مزيجنا. وارتفعت الواردات الصينية إلى مستويات قياسية هذا العام بدعم من مشتريات شركات التكرير المستقلة إلى جانب مشتريات من شركات حكومية عملاقة مثل سينوبك وبتروتشاينا، وفي أيلول (سبتمبر) تفوقت الصين على الولايات المتحدة لتصبح أكبر مستورد للنفط في العالم وفقا لما أظهرته بيانات الجمارك. وذكر تشانج أن معظم المصافي المستقلة في الصين مصممة لمعالجة الخام الذي يحتوي على نحو 1.5 في المائة من الكبريت، ويمكن لشركات التكرير شراء الخامات التي تحتوي على هذه النسبة أو أقل منها أو تشتري الخامات التي تحتوي على نسبة أعلى لمزجها بخامات منخفضة الكبريت. وأضاف أن شركة دونج مينج على سبيل المثال تشتري الخام الفنزويلي الذي يحتوي على 2.5-2.6 في المائة من الكبريت الذي ينافس النفط السعودي والكويتي والإيراني. وتتجه شركات التكرير المستقلة أيضا إلى الشراء من البائعين الذين يعرضون شروطا أكثر مرونة فيما يتعلق بالتسليم وأحجام الشحنات والدفع من تلك التي يقدمها موردو الشرق الأوسط الذين يسعون في العادة إلى إبرام عقود طويلة الأجل مع العملاء. وقال مصدر رفيع المستوى في القطاع على دراية بعمليات "أرامكو"، "إن الشركة السعودية تحافظ على هذا النموذج الخاص بالعقود الطويلة الأجل بالتفاوض على بيع كميات كبيرة إلى مجموعة من شركات التكرير المستقلة في الصين بعقد سنوي واحد". وفي خطوة تهدف إلى مساعدتها على التوريد لمشترين جدد في الصين تعكف "أرامكو" على توسعة طاقتها التخزينية للنفط في أوكيناوا في جنوب اليابان بنحو الثلث وفقا لما ذكرته مصادر في قطاع النفط في الشرق الأوسط. وبدأت شركة النفط المملوكة للدولة في تخزين الخام في أوكيناوا عام 2011 وأرسلت ناقلات عملاقة إلى اليابان لتبيع من هناك شحنات أصغر إلى مشترين آسيويين. وفي نيسان (أبريل) الماضي باعت "أرامكو" أول شحنة من الخام العربي الثقيل إلى إحدى شركات التكرير الصينية المستقلة من أوكيناوا في شحنة فورية تجريبية. وتتطلع السعودية أيضا إلى امتلاك طاقة تخزين في الصين حيث وقع البلدان مذكرة تفاهم لبحث هذه المسألة في وقت سابق هذا العام. وأفاد مصدر ثالث في القطاع أن السبيل للمنافسة في الصين وآسيا بصفة عامة، في وقت تورد فيه روسيا الخام عبر خط الأنابيب هو أن تقترب أكثر من زبائنك، مضيفا أن "امتلاك مساحة تخزين للخام في الصين والتوسع في أوكيناوا هو السبيل لتحقيق ذلك". وظلت السعودية أكبر مورد للصين في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى أيلول (سبتمبر) لكنها على أساس شهري لم تتصدر قائمة الموردين لها إلا ثلاث مرات هذا العام. وتصدرت روسيا وأنجولا قائمة الموردين في معظم هذا العام حيث نمت صادراتهما من الخام إلى الصين 25 في المائة و18 في المائة على الترتيب. ولم تسجل مبيعات السعودية إلى الصين نموا يذكر منذ أن ارتفعت لأكثر من مثليها إلى مليون برميل يوميا في 2011 من 500 ألف برميل يوميا في 2007. وتتطلع الكويت والعراق والإمارات أيضا إلى بيع مزيد من النفط إلى شركات التكرير المستقلة الصينية التي تزداد وارداتها، لكن لم يتضح حتى الآن عدد الصفقات التي تم إبرامها.
مشاركة :