لا أهلا ولا سهلا بكم شعار يملأ شوارع وساحات فينيسيا يشن أهالي المقاطعة الإيطالية فينيسيا حملة ضد السياح بسبب إقبال أعداد غفيرة فاقت سكان المقاطعة وعطلت سير حياتهم اليومية. وحمل الأهالي لافتات وملصقات شعارها توعية السياح بواجباتهم تجاه كل ما تزخر به فينيسيا من مواقع أثرية وطبيعية، لا سيما وأنها تلقت تهديدا من اليونسكو برفع اسم مدينة القوارب من قوائم مدن التراث العالمي. العرب [نُشرفي2016/10/30، العدد: 10440، ص(17)] فينيسيا المحاصرة فينيسيا (إيطاليا) - تشهد مقاطعة فينيسيا الواقعة شمال إيطاليا على مدار العام تدفقا لطوفان من البشر يتدافعون عبر ميدان سان ماركوس والجسور الرومانية العريقة وحارات وأزقة المدينة القديمة. وتستقبل مدينة القوارب عشرة ملايين سائح كل عام ينزلون في فنادقها وبنسيوناتها، يضاف إليهم 14 مليونا يزورون المدينة لمدة يوم واحد، وتعدّ هذه الأعداد كارثة حقيقية أخذا في الاعتبار أن إجمالي تعداد سكان المدينة لا يتجاوز 260 ألف نسمة. فالرومانسية، الجمال، وهذا الضوء السحري المميز الذي لا يجذب السائحين بالملايين فقط، بل يجذب أيضا نجوم السينما الباحثين عن التميز مثل جورج كلوني وزوجته المحامية الحقوقية من أصل لبناني، أمل كلوني، وصناع الأفلام وأصحاب الملايين. وأشارت مصادر إعلامية محلية إلى أن السكان المحليين لفينيسيا أصابهم الضجر من الزحام وسلوك السياح غير اللائق. فينيسيا تحتاج إلى نظام حماية، يوفر متعة حقيقية للسائحين المهتمين بالتعرف على المدينة، وليس مجرد المرور العابر بقنواتها وهذا ما حمل المواطنين على تنظيم حملة تحريض ضد السائحين “أيها السائحون ارحلوا!”، “إنكم تدمّرون المكان!”، وقد علقت لافتات بهذا المضمون على الجدران القريبة من كنيسة سان جيوفاني في بارجورا. تجدر الإشارة إلى أنه في ذروة الموسم السياحي، أثناء الاحتفال بمهرجان فيراجوستو، وهو عطلة رسمية في جميع أنحاء إيطاليا، تعرضت فينيسيا لكارثة حقيقية، نتيجة إغلاق جسر الحرية، الشريان البري الوحيد الذي يربط مدينة القوارب بإيطاليا، بسبب السيول غير العادية التي تعرضت لها البلاد في عز الصيف، مما دفع الكثير من المصيفين إلى البحث عن بدائل أخرى لقضاء يومهم بعيدا عن فينسيا، أما أهل المدينة فقد وجدوا أنفسهم محاصرين بجحافل من السياح. ووفقا لما يؤكده جان دير بورغ أستاذ الاقتصاد بجامعة كافوسكاري بفينيسيا، فإنّ مظاهر الغضب والضّجر من سلوك السياح، لم تؤثر على عائدات السياحة مطلقا. وأوضح بورغ أن معدلات السياحة الوافدة تشهد زيادة بمعدل 25 بالمئة سنويا، وفقا لأرقام السّنوات العشر الأخيرة. من جانبها توضح خبيرة السياحة باولا ديل مار “نحاول التوفيق بين اهتمامات السياح واهتمامات السكان، ولكن هذه ليست مشكلة فينيسيا وحدها بل العديد من المدن الإيطالية”. وعلى الرغم من ذلك، تعتبر فينيسيا حالة استثنائية، نظرا لحالة مبانيها الأثرية، والأثر السيء الذي يتركه عليها توسيع مجاري القنوات لكي تتسع لمرور العبّارات الضخمة، والروائح التي تخلفها هذه العبارات على هذه المباني، مما دفع اليونسكو لتهديد إيطاليا برفع اسم مدينة القوارب من قوائم مدن التراث العالمي. مدينة القوارب تضجر من السياح وأخذا في الاعتبار أن زوار العبّارات غير مرحّب بهم في كثير من الأحيان، يقول فان دير بورغ “إنهم يغزون فينيسيا بالكامل مقابل زيارة ليوم واحد لا يرون خلالها سوى ميدان سان ماركوس”. ويقول بورغ إن “أعداد السائحين مرتفعة للغاية بالنسبة إلى حجم المدينة، فضلا عن النوعية الرديئة من السائحين التي باتت تتردد عليها. فينيسيا تحتاج إلى نظام حماية، يوفر متعة حقيقية للسائحين المهتمين بالتعرف على المدينة، وليس مجرد المرور العابر بقنواتها. كما تحتاج المدينة لخارطة جيدة لتوزيع كل هذه الأعداد على مدار العام، بدلا من تكدسهم خلال فصل الصيف”. من جانبه اقترح عمدة المدينة الجديد لويغي برونيارو خطة تتضمن تحديد عدد زائري أماكن مهمة مثل ميدان سان ماركوس، وتطبيق نظام المحميات على العبّارات وركابها. كما اقترح برونيارو في أكثر من مناسبة فرض نوع من تذاكر الدخول لزيارة المدينة، على الرغم من أن هذا الاقتراح أثار جدلا واسعا. ويقول بورغ “يجب التفكير في السياح الشبان الذين لا يمتلكون الكثير من المال”، مشيرا إلى أنه من الناحية القانونية لا يمكن تطبيق إجراء كهذا بسهولة. يذكر أنه منذ مطلع شهور الصيف، خصصت الحكومة لسكان فينيسيا ممّرات خاصة بهم لركوب قواربهم، حتى لا يضطرون للوقوف في طوابير جنبا إلى جنب مع السائحين لركوب الجندولات الشهيرة، التي تعتبر وسيلة المواصلات العامة التي تقطع قنوات مدينة البندقية. من ناحية أخرى أطلق مجموعة من السكان المحليين حملة لتوعية السائحين بالسلوك اللائق الواجب اتّباعه أثناء زيارة فينسيا تتضمن ملصقات على صناديق القمامة تصور خنازير في لباس البحر مدوّن عليها عبارات باللغة الإنكليزية مثل “ستوب” أو “ليس مرحبا بكم في فينيسيا”. تقول باولا ديل مار “إنها صور لا تبتعد كثيرا عن الواقع، الكثير من السياح يسبحون في القنوات بلباس البحر، وبعضهم يتجوّل في أرجاء المدينة شبه عار، وهناك من يقيمون مخيمات للمبيت في ميدان سان ماركوس، وهناك نوع آخر من السائحين يأتون للمدينة على درّاجات، دون أن يستوعبوا أن المدينة غير مؤهلة بسبب الجسور والقنوات لسائحي الدراجات”. وحتى بدون هذه السلوكيات، ففي ذروة الموسم يبدو الوضع فوضويا، وهناك دائما تكدّس في جميع الشوارع وفوق الجسور وعلى طوابير القوارب. أما سائقو القوارب والعبّارات فبسبب هذا الوضع المتأزم يتبادلون السباب والشتائم طوال الوقت. أما السياح فيتبادلون صور السلفي منبهرين بهذا الجمال الساحر على صفحة قنوات البندقية بينما ينساب الجندول بنعومة ورومانسية. :: اقرأ أيضاً زهرة حلب هدية هند صبري للمرأة التونسية بوب ديلان يتواضع أخيرا ويقبل جائزة نوبل زوجان يقضيان ليلة الهالوين في قصر دراكولا فن الشارع يغزو المتاحف العالمية
مشاركة :