الدولة الاسلامية تحت الضغط و"الذئاب المنفردة" في سبات

  • 10/30/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - كان تنظيم الدولة الاسلامية في السابق يسارع في الإعلان عن هجمات ينفذها اعضاؤه في مناطق متفرقة من العالم، ويبث بعد ساعات قليلة خطابات مطولة ومفصلة يشرح فيها كيفية تنفيذه الاعتداء الارهابي حيث يعتبره عملا بطوليا وجهاديا ويسترسل في ثناء ومدح من قام بالعملية ويبشره بالجنة الموعودة. وفي الواقت الراهن، غير التنظيم المتطرف من خطته الدعائية والاعلامية واصبح يتأخر في اعلان تبنيه للهجمات حيث اعلن على سبيل المثال مسؤوليته عن حادثة طعن شابين في ألمانيا بعد اسبوعين من وقوعها. والسبت اعلن التنظيم المتطرف تبنيه لهجوم أمام السفارة الاميركية في كينيا وقع الاسبوع الماضي. وبدأت القوات الحكومية العراقية منذ ايام هجوما واسع النطاق على الموصل المعقل الرئيسي للتنظيم في شمال العراق. ويتعرض التنظيم لضغوط كبيرة من قوات إقليمية ودولية في سوريا والعراق. ويحاول التنظيم المتطرف من خلال ما تبثه ذراعه الاعلامية اظهار تماسكه في مواجهة الحملة العسكرية العراقية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وتكبد تنظيم الدولة الاسلامية سلسلة من الانتكاسات في الاشهر الاخيرة خاصة في سوريا والعراق وكذلك في تونس بعد فشله في اقامة عاصمة للخلافة الاسلامية في بن قردان. وتتقدم القوات العراقية وقوات البشمركة باتجاه الموصل من عدة محاور وحققت تقدما سريعا نسبيا في المعركة التي بدأت قبل ايام وتركزت في بلدات وقرى حول الموصل. وسيكون سقوط الموصل مؤشرا على هزيمة التنظيم المتشدد في العراق لكنه قد يؤدي لنشوب نزاع طائفي في المدينة. وتشكل تلك الهجمات أكبر ضغط متواصل على التنظيم منذ أن أعلن قيام خلافة إسلامية له في 2014. ورغم الفترة الحرجة التي يمر بها التنظيم ودخوله في سبات قصير بعد ان كان يروع ويرعب العالم بمشاهد دموية مخزية وبفيديوهات قطع الرؤوس ونحرها وسبي النساء واغتصابهن ورمي من يخالف اوامره او قوانينه بالنار والرصاص او يلقي به من اعلى البنايات، مازال في موقف قوة وفقا للبعض. وتواجه القوات العراقية مقاومة ضارية مع اقترابها من الموصل. ومن المرجح أن تزداد المعارك المقبلة دموية فيما لا يزال 1.5 مليون شخص في المدينة. وتتوقع الأمم المتحدة في أسوأ التقديرات أن ينزح قرابة مليون منهم. وتؤكد مصادر أن الضغوط العسكرية على التنظيم المتطرف في كل من سوريا والعراق، حوّلت أنظار الجهاديين الى اسيا. كما غير التنظيم المتطرف خطته في حربه الدعائية، واصبح يسلط الضوء على هجمات وقعت منذ فترات طويلة نسبيا، وهو الذي كان يسارع بالترويج لهجماته في ظرف قياسي. وقالت وكالة أعماق للأنباء التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية الأحد إن أحد أتباع التنظيم نفذ هجوما بالطعن على شابين في مدينة هامبورغ الألمانية قبل أسبوعين. وفي الواقعة طعن مهاجم مجهول الهوية فتى وفتاة كانا يجلسان تحت جسر عند نهر ألستر في وسط هامبورغ. وطعن المهاجم فتى يبلغ من العمر 16 عاما عدة طعنات ودفع الفتاة التي ترافقه (15 عاما) وأوقعها في النهر. وتوفي الشاب متأثرا بالطعنات بعد فترة وجيزة من نقله لمستشفى في حين تمكنت الشابة من الفرار. وقالت وكالة أعماق "جندي من الدولة الإسلامية طعن شخصين بمدينة هامبورغ في 16 من الشهر الحالي. ونفذ العملية استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف". ورفضت شرطية في هامبورغ التعليق على إعلان تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته وأشارت إلى بيان سابق أصدرته الشرطة بعد فترة وجيزة من الهجوم. وأفاد البيان أن المهاجم "يبدو من مظهره أنه جنوبي" ويتراوح عمره بين 23 و25 عاما وله لحية خفيفة. وقالت الشرطة في ذلك الوقت إن خلفية الهجوم لم تعرف بعد وإن التحقيق جار. ويقول خبراء إنه لم يتضح مدى الصلة التي تربط بين الجماعات والأفراد الذين يزعمون ارتباطهم بتنظيم الدولة الإسلامية. وذكرت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية السبت أن أحد أتباع التنظيم نفذ الهجوم الذي استهدف الأسبوع الماضي رجل شرطة في كينيا أمام السفارة الأميركية في نيروبي. وكان المهاجم الذي حمل سكينا ووصفته الشرطة بأنه مجرم قد لقي حتفه بالرصاص أمام السفارة الأميركية في نيروبي الخميس بعد أن هاجم رجل الشرطة وأصابه بجروح. وقالت وكالة أعماق "منفذ عملية طعن أحد حراس السفارة الأميركية بمدينة نيروبي يوم الخميس الماضي هو جندي للدولة الإسلامية ونفذ العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف". وقال متحدث باسم الشرطة الكينية وقت وقوع الهجوم إن الدافع وراءه ليس واضحا وإن تحقيقا بدأ. لكن خبراء يقولون إنه ليس من الواضح مدى قرب الصلة بين جماعات وأفراد يعلنون البيعة لتنظيم الدولة الإسلامية وبين التنظيم المتمركز في سوريا والعراق والذي يواجه ضغوطا متزايدة هناك من قوات إقليمية ودولية. ومع التضييق على التنظيم المتطرف وتلقيه لضربات موجعة في سوريا والعراق بالخصوص، وتكثيف الجهود الدولية والعالمية لمكافحة الارهاب سواء على المستوى الميداني او في العالم الافتراضي، هوى مردود الذئاب المنفردة وتقهقر تحركها. والذئاب المنفردة، هم أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، لكنهم ينفذون هجمات مسلحة بدوافع عقائدية. واعتبر مراقبون ان استراتيجية انتاج الذئاب المنفردة هي احد اخطر الاسلحة التي توصلت اليها "الدولة الاسلامية" والتي ستبقي اجهزة الامن الاوروبية والعربية في حالة تأهب مستمر والناس في حالة تهديد لا تنتهي. ونجحت الذئاب المنفردة في خلط الاوراق اوروبيا بالخصوص وصار الاسلام كدين عرضة لانتقادات وتساؤلات شتى من قبيل هل انه دين عنيف اصلا وان اتباعه عنيفون بالضرورة. وامتلأت الشاشات بصور الذئاب المنفردة التي ضربت مناطق متفرقة في اوروبا من اهمها باريس وبلجيكا، ودول عربية على غرار تونس والسعودية. وكانت عملية استهداف محيط الحرم النبوي حدثاً مفصلياً في تاريخ الذئاب المنفردة لقداسته الدينية ودلالة واضحة على فشلهم الذريع والخطأ القاتل للتنظيم. ويرى محللون ان العمليات الأخيرة التي تحمل بصمات تنظيم "داعش" تثبت أن استراتجيية "الذئاب المنفردة" لم تعد ناجحة، إلا في إطارات ضيقة، لا كما كانت عليه في بدايات تبنيها من التنظيم، خصوصاً في دول الخليج العربي. ومع زيادة الاستنفار الأمني في انحاء العالم وتكثيف الجهود على نطاق عالمي وبروز تحالفات دولية لمحاربة الارهاب، اوت الذئاب المنفردة الى "مخادعها" وكانها دخلت في سبات او نوم.

مشاركة :