سيطرت مشاعر من الصدمة والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وعموم الشارع المغربي، بعد انتشار قصة مقتل بائع السمك محسن فكري، الذي ألقى بنفسه داخل شاحنة لجمع وطحن النفايات يوم الجمعة الماضي، بعد مناوشات مع رجال أمن صادروا بضاعته وألقوا بها في السيارة. وتداول نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة مقطع فيديو، يُظهر عملية مصادرة رجال الأمن لكمية من الأسماك، وسُمع فيه صوت رجل أمن يدعو سائق شاحنة لـ"طحن" الشاب بآلة شفط النفايات، حينما أراد أن يحول دون إتلاف بضاعته المصادرة بحجة أن السمك الذي كان يبيعه ممنوع صيده. وشهدت بعض المدن المغربية احتجاجات على مقتل بائع السمك وانتقل التعبير عن الغضب إلى موقعي "فيسبوك" و"تويتر"، حيث رفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي شعارات و"هاشتاغات" تستهجن ظروف موت البائع، من قبيل "طحن مو" التي تعني "اطحن أمه"، "#كلنا_محسن"، "#شهيد_الحكرة"، و"#كلنا_شهيد_سمك_الحسيمة". وطالبت أحزاب وجمعيات بالمغرب، بكشف هوية المسؤول عن مقتل بائع الأسماك. وفي ظل دعوات للاحتجاج في أكثر من 10 مدن على خلفية الحادث الذي وقع بعد المناوشة بين المواطن وعناصر الأمن، دعا رئيس الحكومة المغربية (المنتهية ولايتها)، عبد الإله بنكيران، أنصار حزب "العدالة والتنمية" إلى عدم الاستجابة لأي احتجاج على مقتل بائع الأسماك، الذي حاول منع عناصر الأمن من مصادرة بضاعته بمدينة الحسيمة. وجاء ذلك في بيان، مساء أمس الأول، لبنكيران أمين عام "العدالة والتنمية" الذي يقود الائتلاف الحاكم. وأعرب بنكيران عن أسفه "الشديد للحادث المؤلم"، وأوضح أنه "تم فتح تحقيق من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي انتقلت إلى مكان الواقعة". على جانب آخر، حمّل حزب "الأصالة والمعاصرة" المنافس الأبرز لـ"العدالة والتنمية"، الحكومة مسؤولية "الفاجعة المؤلمة ووقائع أخرى مماثلة، من خلال طريقة تعاطيها وتعاملها، التي تضرب في الصميم أبسط حقوق المواطن وهي، الكرامة والعيش الكريم والحق في الحياة". في المقابل، نفت المديرية العامة للأمن الوطني، أن يكون أحد رجال الشرطة قد طلب رشوة لترك بضاعة فكري. واعتبرت المديرية أن "مجموعة من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أخباراً غير صحيحة، مفادها بأن مسؤولاً أمنياً هو من أعطى تعليماته لسائق الشاحنة بتشغيل آلة الضغط على النفايات الموجودة في المقطورة الخلفية، مما أفضى إلى الوفاة". وأكدت مديرية الأمن في بيان أنها فتحت "بحثاً شاملاً ودقيقاً في الواقعة، لتحديد جميع ظروف وملابسات هذه القضية". وتأتي هذه الواقعة قبل نحو شهر ونصف الشهر من حلول ذكرى إحراق الشاب التونسي محمد بوعزيزي لنفسه عقب قيام شرطية بضربه أثناء مصادرة بضاعته، وهي الواقعة التي أطلقت شرارة ثورة "الياسمين بتونس" وما عرف بعد ذلك بـ"الربيع العربي".
مشاركة :