آيسلندا و«حزب القراصنة»

  • 10/31/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يستهدف «حزب القراصنة» في أيسلندا إنشاء ديمقراطية مباشرة في العصر الرقمي تصبح فيها الأفكار السياسية متعددة المصادر على الإنترنت، وتصبح فيها المخدرات قانونية، وتوضع السلطة في أيدي من لا سلطة لهم، ويُمنح فيها «سنودن» حق اللجوء. وعلى مدار شهور، أشارت استطلاعات الرأي إلى احتمال فوز «حزب القراصنة» بالانتخابات البرلمانية، فيما ما زالت تعاني أيسلندا من آثار الانهيار الاقتصادي لعام 2008 وجراء فقدان الثقة بالحكومة. ونقلت صحيفة «يو. إس. أيه. توداي» الأميركية عن بريجيتا يونسدوتير، زعيمة الحزب قولها: «نأخذ على أنفسنا تنفيذ التغييرات المتعلقة بإصلاح الأنظمة وليس تغيير الأمور الثانوية التي يمكن تغييرها ثانية.. إننا لا نصف أنفسنا بأننا من اليمين أو اليسار». وأسس «حزب القراصنة» عام 2006، ناشط سويدي على الإنترنت يدعى ريتشارد فالكفينج، وهو شخصية تشبه جوليان أسانج، بهدف إنهاء قوانين حقوق النشر على الإنترنت واستغلال الاتصال الرقمي لتدشين مصالح متجددة تتمثل في المشاركة المدنية ومحاسبة الحكومة. وبعد تصاعد شعبية الحزب في مجتمع قراصنة الإنترنت، أصبح للحزب أفرع في أكثر من 60 دولة، لكن إذا نجح حزب القراصنة في أيسلندا في كسب أغلبية المقاعد، فسيكون أول حزب من نوعه يتمتع بسلطة تشريعية كبيرة! وفاز الحزب بنسبة 5٪ في انتخابات أيسلندا عام 2013 ليحصل على ثلاثة مقاعد في البرلمان. وصرحت يونسدوتير التي تحتل أحد المقاعد، أن تواجدها قدم لها تدريبا قيما من أجل العملية الناشئة. ومنذئذ تصاعد الدعم للجماعة وأظهرت معظم استطلاعات الرأي على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية أن «حزب القراصنة» في سبيله للفوز بأغلبية الأصوات رغم أن «حزب الاستقلال» من يمين الوسط حقق نتائج جيدة في استطلاعات الرأي أيضاً. ويشير بالدور ثورهالسون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة آيسلندا، إلى أنه على مدار السنوات العشر الماضية تأرجح التصويت بين حكومات يمينية وأخرى يسارية، مما أدى إلى عدم ثقة عميقة وواسعة النطاق في الحكومة. وذكر ثورهالسون في مقابلة مع شبكة «إن. بي. سي» أن «الشعب الأيسلندي صوت أولا لليسار ثم للحرس القديم مرة أخرى، فمن بقي إذن؟ ناخبون كثيرون لن يصوتوا من أجل حرية الإنترنت وإلغاء عدم مشروعية المخدرات، بل ليحتجوا ضد الأحزاب التقليدية». والواقع أن الفكرة الأساسية التي تحرك «حزب القراصنة» هي مسعاه لإعادة ابتكار الحكومة. وفي مقابلة مع «كريستيان ساينس مونيتور» في سبتمبر الماضي، صرح جويون ايدير المتحدث باسم الحزب قائلا: «إننا عازمون على تحسين هذه الديمقراطية التي تمثل مهمة أساسية وفرصة رائعة لم تسنح منذ فترة طويلة». وتعافى اقتصاد أيسلندا من الانهيار الاقتصادي لعام 2008 لكن ثقة الشعب في الحكومة لم تتعاف. وأثناء الأزمة، تركت الحكومة البنوك تنهار مما تسبب في ضياع مدخرات للحكومة وفي إفلاس أنشطة اقتصادية. ورغم أن رئيس الوزراء في ذاك الوقت، اتهم بأنه تقاعس عن منع البنوك من الانهيار، فإنه لم يحكم عليه بالغرامة أو بالسجن. وفي وقت مبكر من هذا العام كشفت وثائق بنما أن سيجموندور ديفيد جانلوجسون، رئيس وزراء أيسلندا، يستثمر ملايين الدولارات في حسابات خارج البلاد، فاضطر للاستقالة تاركاً الناس أقل ثقةً في الحكومة. وصرح أندري ماجناسون، الكاتب الأيسلندي الذي خاض السباق على منصب الرئيس في يونيو الماضي، ل«كريستيان ساينس مونيتور» الشهر الماضي، أن «أهم شيء في حزب القراصنة هو أنهم مخلصون.. لقد نجحوا في اكتساب زخم فترة ما بعد الانهيار الاقتصادي والحاجة إلى الشفافية». ويعتقد بعض المراقبين أن الدعم للقراصنة الواضح في استطلاعات الرأي يعكس (ببساطة) الغضب الشعبي في المؤسسات، وهو أمر من السهل أن يتجلى في استطلاعات الرأي، لكن يصعب التصويت بناءً عليه في الانتخابات. ومن الغريب حقاً أن تظهر حكومة ليبرالية راديكالية في أوروبا بينما تميل القارة إلى القيم المحافظة. ويعتقد أستاذ العلوم السياسية، ثورهالسون، أن القراصنة حزب راديكالي مناهض للمؤسسة، لكنه علينا أن ننتظر لنرى الطريقة التي سيعمل بها الحزب حين يكون في السلطة. وفي النظام الانتخابي متعدد الأحزاب في أيسلندا، نادراً ما يفوز حزب واحد بنصاب 32 مقعداً في البرلمان اللازم للسيطرة على البرلمان المؤلف من 63 مقعداً. وما يحدث هو أن تشكل الأحزاب المتقاربة فكرياً ائتلافات حكومية. ورغم أن يونسدوتير صرحت بأنها تقبل أن يتعلم حزب القراصنة ضرورة التوصل إلى حلول وسط إذا فاز بأكثرية المقاعد، فهذا ليس كافيا. والمرجح أن يفوز بالانتخابات حزبا القراصنة والاستقلال، والحزبان رفضا بالفعل العمل سويا. ولذا قد تحتاج عملية تشكيل حكومة بالفعل وانتخاب رئيس وزراء بعض الوقت إثر انتهاء الانتخابات. *صحفية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»

مشاركة :