كثفت إدارة الرئيس باراك أوباما حربها السرية في الصومال، خلال العام الماضي، مستعينة بقوات من فرق العمليات الخاصة، فضلاً عن الغارات الجوية بالتنسيق مع الحلفاء الأفارقة، في تصعيد واضح للحملة الأميركية ضد الجماعات المسلحة المتطرفة في منطقة القرن الإفريقي، حيث تسود الفوضى. يتناوب المئات من الجنود الأميركيين على القواعد المؤقتة في الصومال، في أكبر تواجد عسكري للولايات المتحدة هناك منذ انسحابها من البلاد عقب معركة «سقوط الصقر الأسود» التي دارت في العاصمة مقديشو في 1993. توسع دور أميركا في الصومال بعد ضلوع حركة الشباب في التفجيرات وقتل ضابط طيار في الجيش الصومالي، واقتحام القواعد المحصنة التي تستخدمها قوات الاتحاد الإفريقي. ويصف مسؤولون في واشنطن وآخرون من بلدان إفريقية ومراقبون دوليون للصراع الصومالي «الحملة في الصومال»، بأنها خطة بديلة لتجنب تكرار ما حدث في مقديشو حيث قتل 18 جندياً أميركياً وجرح آخرون. إلا أن هذه الحملة الجديدة تحمل مخاطر عدة، منها سقوط كثير من الضحايا الأميركيين وعدد كبير من الضحايا المدنيين جراء الغارات الجوية الفاشلة واحتمال زيادة تورط الولايات المتحدة في المستنقع الصومالي المضطرب. تبدو الحملة الجديدة في الصومال مخططاً لحالة الحرب التي اتبعها أوباما وسيمررها للرئيس القادم، الذي سيخلفه في انتخابات مطلع الشهر المقبل. وهو في ما يبدو نموذج تستخدمه الولايات المتحدة الآن في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - من سورية إلى ليبيا- على الرغم من نفور الرئيس من نشر «قوات على الأرض» في مناطق الحروب حول العالم. هذا العام وحده، شنت أميركا غارات جوية في سبعة بلدان وقامت بعمليات خاصة في عدد أكبر من ذلك بكثير. وقال مسؤولون أميركيون إن البيت الأبيض وسع بصورة سرية من سلطات الرئيس لاستخدام القوة في الصومال، من خلال السماح بشن مزيد من الغارات الجوية لحماية القوات الأميركية والإفريقية أثناء اشتباكها مع مسلحي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم «القاعدة». وأضاف المسؤولون أن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» وصفت هذه العمليات بأنها شكل من أشكال «الدفاع عن النفس»، رغم أن بعض المحللين اعتبروا هذا التبرير غير منطقي، مشيرين إلى أن الغارات الجوية تهدف فقط لحماية القوات الأميركية التي أصبحت منتشرة حالياً على الجبهات الأمامية للمعارك في الصومال. توسع دور أميركا في الصومال بعد ضلوع الحركة في التفجيرات وقتل ضابط طيار في الجيش الصومالي، واقتحام القواعد المحصنة التي تستخدمها قوات الاتحاد الإفريقي. في يناير الماضي، قتل المسلحون المتشددون أكثر من 100 جندي من القوات الكينية وأخذوا أسلحتهم. ويعمل ما بين 200 و300 جندي من القوات الخاصة الأميركية جنباً إلى جنب مع الجنود الصوماليين ودول إفريقية أخرى مثل كينيا وأوغندا، وشنوا نحو ست غارات خلال الشهر الجاري، وفقاً لمسؤولين في البنتاغون، وشملت الغارات هجمات عدة بطائرات دون طيار، وشارك فيها فريق «سيل»، الذي يعد نخبة القوات الخاصة. ويرى الخبير في شؤون الصومال بكلية ديفيدسون، كين ماينكوس، أنه من الواضح أن «أميركا كثفت وجودها على الأرض في الصومال، ما يرفع الاحتمال بأن المستشارين العسكريين الأميركيين سيوجدون بأي مكان قد يشن الشباب هجوماً فيه»، بانتهاء العمليات البرية، تقوم القوات الأميركية مع القوات المحلية، في كثير من الأحيان، باستجواب السجناء في مراكز تحقيق مؤقتة، بما في ذلك مركز «بونتلاند»، في شمال البلاد، قبل أن يتم نقل المعتقلين إلى سجون أخرى دائمة في الصومال. واعترفت وزارة الدفاع الأميركية بجزء صغير فقط من هذه العمليات، ولكن المعلومات التي أعلن عنها، تظهر زيادة ملحوظة هذا العام.
مشاركة :