هل يعود المسيحيون إلى قرى الموصل بعد تحريرها؟

  • 10/31/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في جلسة الخدمة المسائية داخل إحدى كنائس أربيل، أوعز القس إلى المصلين من مسيحي مدينة الموصل بغفران الوحشة التي تعرضوا لها على أيدي أعضاء تنظيم داعش الإرهابي، وخيانة جيرانهم في بعض الحالات، لأن لا شيء آخر بيدو قادرًا على تطييب جروحهم. وفي تقرير نشرته الصحيفة الأمريكية «واشنطن بوست» أبدى  المسيحيون العراقيون مخاوف من العودة إلي مدينة الموصل وقراها حيث عاشوا قبل عامين، قبل أن يفرض تنظيم داعش سيطرته على المدينة، ويهجر المسحيين منها، حتي لو استطاعت القوات العسكرية تحرير المدينة، تبدو عودة المسيحيين إليها مستحيلة. خارج الكنيسة، جلس خالد رمزي أحد المصلين الذين بدت عليهم آثار الصدمة عقبة خطبة القس، حيث قال للصحيفة «لا يمكننا أن نٌلدغ من نفس الجحر مرتين، لا نريد لأطفالنا أن يكبروا وسط العنف والخوف، فقط في أحلامنا نستطيع العودة إلي الموصل». حين اجتاح أعضاء تنظيم داعش مدينة الموصل قبل عامين، أٌجبروا المسيحيين على ثلاثة اختيارات، إما تغيير دينهم، أو دفع الجزية، أو الموت، وبينما يطرد أعضاء التنظيم حاليًا خارج المدينة، تتناثر على سهول نينوي خليط من الأقليات الدينية والعرقية بين اليزيديين والآشوريين والأكراد والشبك، بطريقة تجعل المنطقة نموذج مصغر للاختلاف والتنوع لا يوجد مثله في أي مكان في العالم. لكن الكنائس تم إحراقها، والإيزيدون إما تم قتلهم في مجازر جماعية أو استعبادهم، والقري حاليًا خاوية على عروشها بعدما فر مئات الآلاف من السكان، ورغم تقدم القوات العسكرية باتجاه الموصل واستعادة بعض القرى، ما يرفع الاحتمالات بعودة الأقليات، إلا أنه من الصعب تخيل هذه القرى وهي تضج بالحياة من جديد بعدما سيطر علي كل شبر فيها الخراب والسلب والتدمير من قبل المسلحين. نظام جديد بدأ في التبلور، حتي قبل دخول القوات العسكرية إلي قلب الموصل، خاصة في ظل رؤي تنافسية بين تركيا وإيران والأكراد والحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة، والجهات المتحالفة حاليًا ضد داعش، لكن قد تتصارع فيما بعد في معركة حقيقة ربما تجبر مئات الآلاف من الناس لترك بلادهم والبحث عن مأوى، سيتشكل مستقبل هذه المنطقة بعدة طرق من سيقرروا العودة إلي ديارهم. في قرية شاكولي التي تبعد 12 ميلا عن مدينة الموصل، ويعيش فيها مختلف الأقليات والعرقيات، قال أحد سكانها ويدعي عاصم حسين «سأعود لأعيد البناء ثم أبقي هنا»، وواصل بحسب الواشنطن بوست «سنعيد بناء كل الخراب الذي لحق بالقري، وسنعيش سويًا على اختلاف أعراقنا كما اعتدنا دائمًا أن نكون عراق مصغير». وقالت الصحيفة، إن وسائل الإعلام العراقية نشرت في الآونة الأخيرة صورًا ومقاطع فيديو تظهر الجنود العراقيون يستعيدون الكنائس، في رسالة ضمنية إنها ستكون آمنة قريبًا لعودة المسيحيين، لكن في بعض القرى المسيحية المحيطة بالموصل، قال بعض السكان أنهم لا يعتزمون العودة، وأنهم يتصورن هذه الخطوة مسئولية أكثر منها اختيار. وقال الكاتب بينهام شاماني من قرية برطلة ذات الأغلبية المسيحية شرق الموصل، «نريد أن يعود لهذه المنطقة جمالها القديم، وسكان هذه القرى القدامى وحدهم القادرون على استعادة هذا الجمال، وهو القادرون على إعادة البناء». وأضاف قس آخر من كنيسة في أربيل يدعى زكريا عويس، «عودتنا للمدينة تعني تذكر كل الألم والتهديدات والقتل والرسائل التي تحوي طلقات الرصاص»، مواصلًا «الأزمة بالنسبة للمسيحيين بدأت قبل تنظيم داعش، حين بدأ تمدد أعضاء تنظيم القاعدة داخل الموصل». ويتذكر القس عويس أنه تلقى تهديدات متتالية عبر الهاتف، ما دفعه إلى التوقف عن ارتداء زيه الكهنوتي الأسود والتحرك به في الشارع، كما بدأت زوجته في تغطية شعرها للتخفي، قائلًا «المسيحيون كانوا مستهدفين والقساوسة كانوا يقتلون بسبب دينهم، وأحيانًا من أجل الحصول على فدية وأموال من العائلات المسيحية». وفر عويس من مدينة الموصل قبل عامين حين سقطت في قبضة داعش، واتخذوا من الكنيسة التي كان يراعاها في الموصل مأوى للمسلحين، قال «ليس لدي الآن شيء أعود من أجله» مختتمًا حديثه «إذا عاد المسيحيون للموصل، سيكون هذا من أجل بيع منازلهم والرحيل».

مشاركة :