لا يستحق جمهور الزمالك العظيم الإشادة والتصفيق والتهليل له فقط فى مباراه نهائى أفريقيا أمام فريق صن داونز الجنوب أفريقى، مساء أمس الأول الأحد، إنما يستحق مكافأة وجائزة كبرى على هذا المشهد الرائع فى استاد برج العرب وعلى الالتزام والانضباط والسلوك الأخلاقى العالى ورفيع المستوى والرقى فى التشجيع وعدم الخروج على الروح الرياضية، ووقوفه خلف فريقه، رغم أن الموقف كان صعبا بل يكاد يلامس حدود المستحيل فى تحقيق نتيجة الفوز بكأس أفريقيا. جمهور الزمالك وغالبيته الكاسحة من شباب يتراوح ما بين الـ 15 والـ 25 عاما، كان يعلم تماما أنه فى الظروف الصعبة التى يمر بها الفريق لن يتحقق الحلم، ولكن وفاءه النادر وعشقه للكيان الزملكاوى، الذى يحتاج إلى دراسة اجتماعية ونفسية، جعله يتمسك بتلابيب الأمل والإصرار على الحضور بصورة أذهلت الجميع، فمنذ الصباح الباكر امتلأ استاد برج العرب بأكثر من 65 ألف زملكاوى، اهتزت برج العرب لهدير أصواتهم فى تشجيع وتحفيز الفريق. وعقب المباراة، شاهدنا ظاهرة نادرة لا تحدث فى ملاعبنا إلا من جمهور الزمالك الوفى الراقى والمتحضر، فرغم الخسارة وفقدان الكأس هتف لفريقه على ما قدمه من أداء، وبذله مجهودا فى حدود المتاح، ولم يقتحم الملعب أو يعتدى على لاعبيه لمجرد فقدان بطولة، فهو جمهور عاشق وليس مضاربا فى بورصة! الصورة كانت واضحة أمام الجميع، والرسالة كانت قوية وجلية للداخل والخارج من جمهور أعطى النموذج والمثل فى الرقى، ومنح من ترتجف أيديهم وأصحاب القلوب الضعيفة والقرارات المترددة الثقة فى شباب مصر ممثلا فى جمهور الزمالك، فهناك من كان يرتعش خائفا من هذه اللحظة، وكفيه تتضرعان للسماء بأن يمر اليوم على خير وسلامة، وسط فوبيا وهلاوس الفوضى والتخريب. الثقة مبدئيا فى قطاع كبير من شباب يهوى كرة القدم ويشجعها ويريد العودة إلى المدرجات، ونزع جزء كبير من حالة الاحتقان بينه وبين مؤسسات الدولة، التى أظن أن هناك من بداخلها من أصحاب النوايا الخبيثة من يسعى إلى استمرار حالة التوتر بين هؤلاء الشباب والنظام السياسى الجديد فى مصر، فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لتجسير الفجوة مع الشباب والكتلة الحرجة فيه. ما حدث من جمهور الزمالك والشباب الصغير فى مدرجات برج العرب يستحق المكافأة من القيادة السياسية، بنزع فتيل التوتر واتخاذ قرار عودة الجماهير إلى المدرجات بالضوابط التى يتفق عليها الجميع، لأنه قرار سياسى واقتصادى واجتماعى، وليس رياضيا فقط، جمهور الزمالك فى برج العرب كانت رسالته واضحة إلى مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ، والرسالة أرجو أن تكون قد وصلت وتمت قراءتها بعناية. *نقلاً عن اليوم السابع المصرية ** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
مشاركة :