لم تنطفئ بعد شرارات الغضب والسخط المجتمعي الذي أحدثته واقعة بائع السمك محسن فكري بطحنه عبر شاحنة النفايات بمدينة الحسيمة المغربية ليلة الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول 2016، إذ لا زالت الاحتجاجات مستمرة بمدينة الحسيمة، بالإضافة إلى الدعوة إلى مسيرة وطنية بالعاصمة الرباط يوم غد الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني وذلك تنديداً بمقتل بائع السمك والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن وفاة فكري. وعكس الحراك المجتمعي الذي يدعو إلى مواصلة الاحتجاج حتى يتم محاسبة المسؤولين عن الحادثة، تم ترويج مجهولة في شبكات التواصل الاجتماعي، تحذر من إشعال فتيل الفتنة والانزلاق بالبلاد إلى طريق مسدود، كما تم التشكيك في هوية الجهات التي تدعو للاستمرار في الاحتجاجات والدخول في اعتصامات مفتوحة. ويرى أمين السعيد الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن الدعوة للاحتجاج لم تكن مؤطرة ولم تنطلق من خلال حركات معروفة أو تقليدية، إذ كانت الدعوة –يقول السعيد- من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وإن كان النواة الأولى التي تنشط في وسائل التواصل الاجتماعي هي بقايا ما عرف بحركة "20 فبراير" - التي دعت إلى النزول للشارع في فبراير/شباط 2011- وبعض المنتمين لجماعة العدل والإحسان -المعارضة للنظام-. 20 فبراير وحلم العودة للشارع فسر أمين السعيد في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي"، دعوات نشطاء 20 فبراير للاحتجاج وعودة شعاراتها خلال المسيرات، بأن" هذه الاحتجاجات قد تكون امتداداً لحركة عشرين فبراير، لكن بصيغة أخرى ليس بنفس مطالب الربيع العربي الداعية إلى مطالب دستورية وإسقاط النظام". وأضاف المتحدث أن "شباب عشرين فبراير اعتبروا أن هذا الحادث هو فرصة لإعادة إحياء هذه الحركة الاحتجاجية، وإعادة رفع مطالبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية"، مشيراً إلى أن "الحركة تعتبر أن ما وقع في سنة 2011 هو التفاف على مطالبها، بالرغم من الإصلاح الدستوري وتشكيل الحكومة، وأصبحوا ينظرون إلى الحكومة بأنها حكومة استفادة من الحراك الاحتجاجي" يردف السعيد. من جانبه قال عبد الله نزار ناشط سابق في حركة 20 فبراير والمنسق وطني لمنتدى الحداثة والديمقراطية "بالنسبة لي استمرار الاحتجاجات والتصعيد من المطالب هي شيء طبيعي"، وأضاف "المطالب لا يجب أن تبقى حبيسة فتح تحقيق ومعاقبة المسؤولين بل أن تشمل المطالبة بإصلاح شامل للإدارة وتعامل رجال السلطة مع المواطنين". وتابع المتحدث في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي"، "يجب أن نأخذ ضمانات حقيقية من الوزارة المعنية بالأمر على أنها ستعمل في هذا الإطار حتى لا تتكرر مثل هاته المآسي". العدل والإحسان تنفي دعوتها للاحتجاج ومن جهته نفى محمد سلمي منسق الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان أن يكون لجماعة العدل والإحسان أي دخل في الدعوة للاحتجاج ضد ما يسمى اليوم بقضية "بائع السمك"، قائلاً "الجماعة لم تدع إلى أي احتجاج، كل المسيرات كانت عبارة عن تفاعل عامة الشعب المغربي تجاه هذه الحادثة"، مردفاً أن "بالنسبة لحضور أعضاء العدل والإحسان في المسيرات طبيعي لأن أعضاء الجماعة مواطنين مغاربة وهم متواجدون في جميع ربوع المملكة". وتابع سلمي في حديثه مع "هافينغتون بوست عربي"، "الاحتجاج الذي وقع هو احتجاج شعبي عفوي تجاه الحادثة"، مسترسلا "من إيجابيات هذا الاحتجاج أنه برهن أن المغاربة شعب واحد، واحتجاجهم احتجاج حضاري وسلمي واستجابة عفوية تجاه تصرف من قبل جهة إدارية معينة أخطأت". واعتبر السعيد عدم صدور أي موقف رسمي من جماعة العدل والإحسان تجاه الحادثة، "هو تكتيك سياسي منها، إذ تحاول حسب المتحدث أن تغتنم الفرصة السياسية لإحراج النظام السياسي، وذلك عن طريق التعبئة دون بروزها في الصورة كمتزعمة للاحتجاجات". وأضاف الباحث في العلوم السياسية "الجماعة تريد أن تبين أن الاحتجاجات هي حركة عفوية اجتماعية ضد الاستبداد وضد الظلم"، مردفاً أن "الجماعة تسعى لخنق النظام حتى يضعف، إذ أنها تعتبره نظاماً سلطوياً وتبحث عن الفرصة لإضعافه وترويضه، كما أنها لا تريد أن تغامر وتخرج بشكلٍ مباشر للشارع".
مشاركة :