140 حرفاً هو العدد الذي يفرضه تويتر على مستخدميه لكتابة تغريداتهم، و140 ناشطاً اجتماعياً وسياسياً ومعارضاً بارزاً هم من حاولت وتحاول الحكومات الخليجية إسكاتهم بطرق انتقامية، بسبب ممارستهم الحق بالتعبير، فكانت الاعتقالات والمحاكمات والغرامات والسجن من نصيبهم. في موقع تفاعلي مفصّل، حمل عنوان " 140 رمزاً"، تسلّط منظمة "هيومن رايتس ووتش" الضوء على تجارب هؤلاء الناشطين، وكيف ردّت حكومات الإمارات والبحرين والسعودية والكويت وعمان وقطر عليهم بالعقوبات التعسفية. في تقرير "هيومن رايتس ووتش" 140 صورة واسماً لناشطين وناشطات من هذه البلدان، مع نبذة عن كل منهم، مبوّبة بشكل يمكن أن يختار المتصفح معرفة من هم في السجن الآن، ومن هم خارجه، ومن يتعرضون للملاحقة. كما يمكنه تحديد البحث بناشطين في بلد معيّن، كما بالمهن التي يضطلع بها كل منهم. من هؤلاء نبيل رجب وزينب الخواجة في البحرين، وليد أبو الخير ومحمد فهد القحطاني في السعودية، أحمد منصور ومحمد الركن في الإمارات، محمد بن ذيب العجمي في قطر، وغيرهم. وبحسب التقرير هناك 16 من الناشطين في سلطنة عمان، 31 في البحرين بينهم 5 نساء، 49 في الكويت بينهم 4 نساء، 26 في السعودية بينهم 4 نساء، وفي 17 الامارات بينهم ناشطة واحدة، وفي قطر واحد. مع العلم أن ثمة آخرين غيرهم تعرضوا لمضايقات مختلفة. وفي خانة المهنة نجد أنهم من الأكاديميين والفنانين والصحافيين والمدونين والمحامين والمهندسين ورجال الدين والكتاب والشعراء والأطباء... وقد تعددت التهم بين "إهانة الذات الإلهية" و"التحريض على الأديان" و"قلب نظام الحكم" و"الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها" و"الدعوة للفكر الإلحادي" و"خلع البيعة لولاة الأمر في البلاد" و"الاتصال أو التواصل مع أي من الجماعات أو التيارات أو الأفراد المعادين للمملكة"، بينما شملت الحملات الواسعة ضد النشطاء والمعارضين السياسيين التهديد والتخويف والتحقيقات والملاحقات والاعتقال والتعذيب وسحب الجنسية. أكمل القراءة ليس بالقمع وحده، بالتجسّس أيضاً إضافة إلى القمع المباشر، استخدمت حكومات دول مجلس التعاون تكنولوجيا المراقبة لتتبع نشاط المواطنين على الإنترنت، إذ كشفت وثائق شركات مسرّبة وتقارير باحثين أمنيين مستقلين أن شركات غربية باعت برامج تجسس لحكومات دول مجلس التعاون، يمكن استخدامها لانتهاك حق المواطنين في الخصوصية. وقد وجدت أبحاث أجراها فريق البحث "سيتيزن لاب" Citizen Lab دليلاً على أن حكومات السعودية وعمان والإمارات استخدمت برامج التجسس، في حين أن البحرين وعمان وقطر والسعودية والإمارات اشترت برامج أخرى مثل هذه. في أغسطس الماضي، بحسب "هيومن رايتس ووتش"، ذكرت "سيتيزن لاب" أن منصور وهو ناشط إماراتي عُرضت قضيته في تقرير "140 رمزاً"، تلقى رسائل نصية مشبوهة على هاتفه تعده بالحصول على معلومات حول تعذيب المعتقلين في سجون الإمارات إذا نقر على رابط مرفق، ليتبيّن في وقت لاحق أن النقر على الرابط قد يثبت برامج تجسس متطورة على هاتفه تسمح للمشغل الخارجي بالسيطرة على جهاز الهاتف والكاميرا، ورصد تطبيقات الدردشة وتتبع تحركاته. يُضاف إلى بحث "سيتيزن لاب"، ما كشفه موقع "ذا إنترسبت" عن جهود حكومة الإمارات في هذا الإطار. من جهتهما، تبيع شركتا "هاكنغ تيم" Hacking Team و"فين فيشر/غاما انترناشيونال" FinFisher برمجيات نفاذ تسمح للحكومات باختراق الحواسيب وأجهزة محمولة أخرى. لما يتم تثبيت هذه البرمجية على جهاز ما، تستطيع الحكومة الوصول إلى المراسلات الالكترونية والرسائل النصية وسجلات المكالمات وقائمة الأسماء والملفات، وربما كلمات السر. كما تسمح البرمجية للسلطات بتشغيل الكاميرا والميكروفون المثبتين على الهواتف والحواسيب المحمولة لالتقاط صور أو تصوير فيديوهات ومحادثات من دون علم أصحابها. وقد ذكرت الشركتان أنهما تبيعان هذه الأدوات والخدمات للحكومات حصراً. وتبدو ملاحقة وسائل التواصل الاجتماعي أكثر أهمية في دول الخليج من أي وقت مضى، ففي السنوات الأخيرة نمت شعبيتها بشكل هائل. حسب تقرير الإعلام الاجتماعي العربي، الذي أصدرته كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، فتح المواطنون والمقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي 17.2 مليون حساب على فيسبوك و3.5 ملايين حساب على تويتر، خلال الربع الأول من العام 2014. وفي أواخر العام 2015، حافظت السعودية وحدها على 2.4 مليوني مستخدم نشط على تويتر، أي أكثر من 40 في المئة من جميع مستخدمي تويتر في الشرق الأوسط. أقوال جاهزة شارك غرد140 حرفاً هو العدد الذي يفرضه تويتر على مستخدميه، و140 ناشطاً هم من حاولت وتحاول الحكومات الخليجية إسكاتهم شارك غردتجارب 140 ناشطاً اجتماعياً وسياسياً في دول الخليج، وكيف واجهاتهم حكوماتهم وقد استخدم معظم الناشطين في وسائل التواصل هذه المنصات لإطلاق حملات وبناء شبكات وزيادة الوعي بأفكارهم، كما انتقدوا كلهم صراحة أو ضمناً حكوماتهم. كما جرى، على سبيل المثال، في الدعوة إلى إطلاق سراح سمر بدوي، التي سجنت بتهمة "عقوق الوالدين" في العام 2010، وحملات المناصرة على الانترنت لتشجيع المرأة السعودية على القيادة. وساعدت شبكات التواصل الناشطين في تخطيط وتنظيم احتجاجات في شوارع بعض دول مجلس التعاون الخليجي خلال الانتفاضات العربية في العام 2011، مثلما جرى في البحرين وعمان. التشريعات الجديدة لجأت الحكومات كخطوة ثالثة إلى سنّ قوانين جديدة تضيّق من حرية التعبير، وتعاقب كل خطاب تصنّفه السلطات في خانة "الإجرامي". وهكذا توسعت قائمة التشريعات لتضم قوانين وممارسات جديدة خاصة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية والتجمع السلمي والجنسية، تهدف إلى تقييد التعبير السلمي، ومعاقبة المعارضين والناشطين السياسيين الذين ينتقدون ليس فقط قادتهم ولكن أيضاً قادة دول مجلس التعاون الخليجي وسياساتهم. رغم أن السعودية ليس لها قانون عقوبات رسمي، إلا أنها تفرض بدل ذلك فهمها للشريعة الإسلامية لمحاكمة عشرات المعارضين بتهمة "الخروج على ولي الأمر"، وتستخدم أدلة مثل الانتقادات العلنية لسياسات الدولة أو المسؤولين. وأصدرت السعودية قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب تضمن أحكاماً غامضة وفضفاضة تسمح للسلطات بتجريم حرية التعبير، وتمنحها سلطات مفرطة لا تخضع للرقابة القضائية. وتوجد "جرائم" مماثلة في دول مجلس التعاون الأخرى قد تتسبب في غرامات وعقوبات بالسجن بين 3 أشهر وعدة سنوات. في البحرين، أنشئت محاكم السلامة الوطنية التي فشلت بشكل متكرر في احترام وحماية الحقوق الأساسية في المحاكمة العادلة. وفي العام الماضي، أصدرت السلطات الكويتية قانوناً جديداً خاصاً بالحمض النووي ("دي أن إيه") كإجراء لمكافحة الإرهاب، ويفرض هذا القانون، الذي يشمل 1.3 مليون مواطن كويتي و2.9 مقيم أجنبي، عقوبة بالسجن لعام واحد وغرامة بقيمة 33 ألف دولار على كل من يرفض تقديم عينات الحمض النووي. وفي العام 2014، أصدرت الإمارات قانوناً تشوبه عيوب لمكافحة الإرهاب سمح للمحاكم بإدانة منتقدين سلميين للحكومة بالإرهاب، والحكم عليهم بالإعدام. يُعطي القانون تعريفاً فضفاضاً للعمل الإرهابي، الذي يشمل من بين أعمال أخرى، "إيقاع الرعب بين الناس" و"معاداة الدولة"، من دون اشتراط وجود نية التسبب في القتل أو في إصابات خطيرة. يضيء التقرير في خلاصته على انتهاك دول مجلس التعاون الخليجي للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان التي كانت هذه الدول قد صدقت عليها في وقت سابق، وفيها ضمان "الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية". في المقابل، يوصي بضرورة الإفراج عن السجناء على الفور وتوسيع النقاش بين أفراد المجتمع وتنفيذ الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها والتي طالب بها العديد من هؤلاء الناشطين على مدى سنوات. اقرأ أيضاً لهذه الأسباب نشبت الخلافات على ترسيم الحدود بين الدول العربية هل ينقذ التسلح العالم من الركود الاقتصادي... وتزيده حقوق الإنسان خراباً؟ تعرّفوا على أبرز المحتجزين بقضايا رأي في مجلس التعاون الخليجي هيفاء زعيتر صحافية لبنانية. عملت في صحيفة السفير، ثم مراسلة لقناة الجديد اللبنانية، وقناة فرانس24 الناطقة باللغة العربية. كلمات مفتاحية دول الخليج التعليقات
مشاركة :