يتعرف الجنين على أمه قبل أن يستنشق نفسه الأول، إذ يتسلل صوتها بشكل يومي إلى أذنه، فيصبح الصوت من أهم عوامل الارتباط بين الطرفين. وتتشكل حاسة السمع عند الأطفال في الشهر الخامس من الحمل، فيبدأ الجنين سماع دقات قلب أمه طوال اليوم، وصوتها كلما تحدثت معه أو مع غيره. وكشفت دراسات عدة نشرتها صحيفة "هافنغتون بوست"، أن الطفل الوليد يصبح أكثر سعادة وهدوءاً بمجرد سماع صوت أمه، وفي حالة الأطفال الموضوعين في غرف العناية الخاصة، فإن صوت الأم يساعدهم في تناول طعام أكثر، ومغادرة الحضّانة بسرعة. ولا يقتصر تأثير صوت الأم على الأطفال الرضع، إذ بينت دراسة نشرتها جامعة "ستانفورد" الأميركية في أيار (مايو) الماضي، أن صوت الأم يسرع نمو أدمغة أبنائها في مرحلة الطفولة المتأخرة. وشملت التجربة 24 طفلاً تراوحت أعمارهم بين السابعة والثانية عشرة يتمتعون بذكاء متوسط. وشهدت أدمغة المبحوثين استجابات سريعة ومختلفة كلما سمعوا أصوات أمهاتهم، إذ لاحظ الباحثون زيادة في نشاط المناطق المسؤولة عن الاستجابة العاطفية والوظائف الاجتماعية والحالة المزاجية. وأكدت النتائج أن تأثير صوت الأم لا يتعلق بمعنى الكلمات، لأنهن تفوهن بعبارات لا تحمل أي دلالة معينة، وتوصلت إلى أن مجرد سماع الطفل لأمه يساعد في تطوير مهاراته اللغوية والاجتماعية والعاطفية. وتعتزم مجموعة الباحثين ذاتها إجراء بحثين آخرين مشابهين، الأول على أطفال يعانون اضطرابات نفسية مثل التوحّد، والثاني لدراسة تأثير صوت الأم على الأبناء البالغين.
مشاركة :