المغرب يحاول امتصاص الغضب بعد «طحن» بائع سمك

  • 11/2/2016
  • 00:00
  • 50
  • 0
  • 0
news-picture

أحال المدعي العام في محكمة استئناف الحسيمة في المغرب أمس، 11 شخصاً على قاضي التحقيق بتهمة القتل غير العمد على خلفية قضية «طحن» بائع السمك محسن فكري الذي سحقته شاحنة للنفايات الجمعة الماضي في مدينة الحسيمة شمال البلاد. وجاء في بيان صادر عن المدعي العام أن المتهمين وبينهم رجلا أمن ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة في مندوبية الصيد البحري ورئيس مصلحة الطب البيطري ملاحقون بتهمة «القتل غير العمد وتزوير محرر رسمي والمشاركة فيه». وأتت تلك الإحالة في نهاية تحريات أفضت إلى التحقيق مع أكثر من 20 شخصاً على علاقة بالحادث، وطاولت إجراء معاينات ومواجهات خلال فترة الاعتقال الاحترازي (72 ساعة بعد التمديد). ونوّه المدعي العام بعمل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي استقدِم أفرادها من مدينة الدار البيضاء للتحقيق مع المتهمين في الحسيمة «نظراً إلى خبرتها وضماناً للتجرد والحياد في عملها، لإجراء هذا البحث المعمق حول ظروف وفاة سمّاك الحسيمة». وعرض بيان المدعي العام لملابسات الحادث، حيث أوضح أن سيارة الضحية التي كان يقودها شخص لم تُكشف هويته تمكنت من اجتياز نقطة الرقابة عند مغادرة ميناء الحسيمة من دون الحصول على رخصة تجيز نقل حمولتها التي كانت تضم حوالى نصف طن من سمك أبوسيف المحظور صيده منذ 1 تشرين الأول (أكتوبر) وحتى 30 تشرين الثاني (نوفمبر) من كل سنة بموجب قرار صادر عن وزير الصيد البحري في 8 نيسان (أبريل) 2013». وأضاف أن السيارة أوقِفت لاحقاً من قبل السلطات الأمنية بعد إشارة تبليغ من قبل عنصر الأمن المداوم في الميناء ليفحصها الطبيب البيطري الذي أفاد «بعدم صلاحية الأسماك للاستهلاك لعدم وجود وثائق تثبت مصدرها ما يحتم إتلافها». وكشفت التحريات ثغرات في عمل اللجنة التي أشرفت على عملية تلف أسماك الضحية، حيث أنها اصطدمت بطلب أحد المسؤولين عن ناقلة النفايات الحصول على أمر بذلك قبل نقل كمية السمك المحجوزة، ما جعل اللجنة التي كانت تضم رئيس ومندوب الصيد البحري والطبيب البيطري وممثل السلطة المحلية تعمد إلى «تحرير محضر بإتلاف السمك المحجوز قبل تنفيذ العملية تم تسليم أصله إلى ممثل الشركة»، الأمر الذي «يكتسي بنظر المدعي العام صفة جناية التزوير في أوراق رسمية». وأبعد البيان التهمة عن ضابط الشرطة الذي قال المحتجون إنه يقف خلف عبارة «طحن مو» وتعني «اطحن أمه» التي أخرجت التظاهرات في مدن مغربية عدة، مؤكداً أن سائق الشاحنة تلقى أمر تشغيل آلة الضغط التي سحقت الضحية حتى الموت من قبل أحد عمال الشركة. وتشتغل آلة الضغط التي تقع خلف ناقلة النفايات بواسطة الكهرباء، إما عن طريق زر في متناول السائق في مقطورة القيادة الأمامية أو بجهاز آلي يوجد في الجهة اليمنى الخلفية للشاحنة. وأفاد البيان أن الضحية «صعد رفقة بعض الأشخاص إلى الجهة الخلفية للناقلة للحؤول دون وضع الأسماك بها»، لكن «في هذه الأثناء اشتغلت آلة الضغط جراء جر الجهاز الموجود في يمين الجهة الخلفية للشاحنة ما أدى إلى وفاته». وقال المدعي العام إن «لا إثباتات حول صدور أي أمر بالاعتداء على الضحية من طرف أي جهة»، بيد أن «للقضاء الذي سيبث في القضية أن يقرر ما يراه ملائماً بشأنها طبقاً للقانون». ووعد بتوسيع التحقيقات لتشمل مخالفات الصيد البحري واحتمال حدوث ملاحقات جديدة «إذا توافرت أدلة على قيامها». وصدر بيان المدعي العام في وقت تحولت الوفاة «الغامضة» لبائع السمك إلى معركة إثباتات وأدلة بين السلطات والمحتجين في منطقة الريف (شمال)، ‫‬وبينما تسارع الدولة الخطى لتطويق بقعة الزيت التي بدأت في الاتساع، يسعى المتظاهرون إلى عرض «أدلتهم» حول الوفاة الدرامية على مواقع التواصل الاجتماعي. وصرح الصياد الذي باع الضحية السمك أنه سمع لفظة «طحن مو»، فيما قال صاحب السيارة التي شحنت فيها أسماك «أبو سيف» إن الحمولة «لا تزال داخل السيارة ولم تُطحن». في غضون ذلك، اعتصمت عوائل عمال ناقلة النفايات أمام محكمة المدينة دفعاً ببراءة أبنائهم. إلى ذلك، تواصلت الاحتجاجات في مدينة الحسيمة، حيث انضم طلاب المدارس الثانوية إلى الاحتجاجات، واعتصم آلاف المتظاهرين في وسط المدينة ليل أول من أمس، مطالبين بالقصاص من «قتلة محسن فكري». وتصاعدت مطالب المحتجين بمعاقبة «المسؤولين»، و«عدم الاكتفاء بالصغار». وبينما يحلق طيف البوعزيزي الذي فجّر شرارة الانتفاضة في تونس على أجواء الريف، خرج والد الضحية للتصريح بأنه لا يريد أن يتحول إلى «والد بوعزيزي المغرب». وشهدت العاصمة الرباط ومدن أخرى تظاهرات محدودة كما اتسع نطاق الغضب إلى خارج المملكة، حيث تظاهر مهاجرون مغاربة في باريس محتجين على الطريقة المأسوية لوفاة بائع السمك. وتتناقل المواقع الاجتماعية تظاهرات أخرى في عدد من العواصم الأوروبية، فيما دعا ناشطون إلى تظاهرة حاشدة الأحد المقبل في العاصمة الرباط. وقالت مصادر مطلعة لـ«الحياة» إن الضغط يزيد على السلطات مع استمرار الاحتجاجات، بخاصة مع اقتراب استضافة البلاد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2016 في 7 تشرين الثاني المقبل، الذي يُفترض أن يشارك فيه قادة عدد من البلدان. على صعيد آخر، (أ ف ب) طلب العاهل المغربي الملك محمد السادس من الرئيس التشادي إدريس ديبي بصفته رئيس الدورة الـ27 لقمة الاتحاد الأفريقي، التدخل من أجل توزيع طلب انضمام المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي على كل الدول الأعضاء.

مشاركة :