دبي: غيث خوري افتتح فرع دبي لاتحاد أدباء وكتّاب الإمارات مساء أمس الأول موسمه الثقافي للعام الجديد، بأمسية تأبينية للشاعر المصري الكبير فاروق شوشة في مقر الاتحاد الكائن في مكتبة دبي العامة - فرع الطوار، وذلك بحضور الشاعرة الهنوف محمد المسؤولة الثقافية لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، رئيسة الهيئة الإدارية لفرع دبي، والدكتور أمجد الجوهري المستشار الثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة. وشارك في الأمسية الكاتب والباحث هيثم يحيى الخواجة، والإعلامية حورية عبيدة، والشاعرة ساجدة الموسوي، وأدارها الشاعر عبد العليم حريص. رافق الأمسية معرض من تقديم مؤسسة جمعة الماجد للثقافة والتراث، يستعرض السيرة الذاتية والفنية للشاعر فاروق شوشة، وأهم المحطات في حياته، إضافة إلى مجمل إنتاجه الشعري والفكري. وألقت الهنوف محمد كلمة الاتحاد، التي أكدت فيها أن هذه الأمسية التأبينية هي خير مفتتح للموسم الثقافي للعام الجديد، عبر تكريم واحد من عظماء هذه الأمة، فهو المثقف الأصيل والمتفرد الذي أغنى الساحة العربية بصنوف المعرفة والإبداع والجمال، وفاروق شوشة نجم يضيء سماء اللغة والشعر العربي، وجوهرة نادرة قل أن تعطي الأمم مثلها. ومن جانبه ألقى الجوهري كلمة قال فيها: الحقيقة أنه ليس بجديد علينا أن نشارك اتحاد أدباء وكتّاب الإمارات في فعاليات ثقافية متبادلة تعزز أواصر التواصل والتبادل الثقافي الخلاق بين الدولتين الشقيقتين الإمارات ومصر، ومن هنا فإني وبالنيابة عن أبناء مصر وسفارتها، نقدم جزيل الشكر للإمارات واتحاد كتّابها على هذه المبادرة القيمة، والتي نستذكر فيها أحد أعمدة الأدب والشعر العربي، وأحد رجالات الثقافة الذين كرسوا إنتاجهم وحياتهم لخدمة جميع أبناء الأمة العربية دون استثناء، محاولين بعث الحياة وثقافة التفاؤل في العقول والقلوب، ففاروق شوشة هو الإنسان والمثقف الذي وهب عمره في سبيل لغتنا العربية الجميلة لتأخذ مكانتها التي تستحقها عربيا وعالميا، مؤثرا في أجيال عديدة على مستوى الوطن العربي. بدأت الأمسية مع الشاعرة ساجدة الموسوي، التي قرأت مقتطفات من قصائد فاروق شوشة هي: يقول الدم العربي، وكل هذا الجمال، واعترافات عمر خائب. وقدم هيثم الخواجة ورقة جال من خلالها في تجربة شوشة الأدبية والفكرية الطويلة، مستخلصاً أهم الميزات التي جعلت منه اسماً وقامة كبيرة، مؤكدا أن شوشة آمن بالشعر الجيد ورفض الانحياز على الرغم من أنه تتلمذ على يد شعراء كبار الكلاسيكية، ومما قال في هذا المجال: أنا أكتب كل ألوان الشعر ولا تفضيل لدي للون معين على آخر لأن العبرة بكيمياء القصيدة وكهربائها وشدة نفاذها إلى المتلقي، لا أتوقف عند الأشكال والقوالب والتسميات، ولا ريب أن هذا الموقف كما أكد الخواجة يدل على وعي عميق وينطلق من رؤية ثاقبة لأنه من البديهي أن نفتح النوافذ أمام الجدة والتجديد، وألا نمنع رافدا من روافد الإبداع. وأضاف: لقد لقب فاروق شوشة بشاعر الحب والوطنية لأنه أحب الإنسان والجمال الذي زرع في دنياه البهجة والفرح وظل عمره كله يحرص على نبض الحب الذي يخترق شغاف القلب ويمده بمذاق آخر. واستطاع أن يوقظ بالحب معاني الأمل والوعد، وأن يبدع لحنا باهيا ليكون صلة وصل بينه وبين الحياة بقضها وقضيضها. وأشار الخواجة إلى أن فارس العربية الأمين أحب الوطن وهاله ما يحدث للأمة العربية، فتماهت الوطنية مع القومية وبرز ذلك جلياً في ديوانه الشعري الجميلة تنزل إلى النهر الذي تضمن عشر قصائد طويلة عبر من خلالها عن مكابداته تجاه العواصف التي تهد كيان الأمة وصور فيها أزمته النفسية إزاء ما يحدث في فلسطين المحتلة والعراق وسوريا وليبيا، معلنا موقفه تجاه الأحداث دون أن يأبه لزمهرير الشقاء ودخان الحرب التي أخذت من أبناء العروبة كل مآخذ. وبيّن الخواجة أن الشاعر الراحل فاروق شوشة وجد في صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الأمل الأخضر الذي تتطلع إليه الأمة العربية فقال فيه: إن التاريخ سيتوقف كثيراً أمام مبادرة قائد يؤمن بأن اللغة العربية هي أهم أركان الهوية الوطنية. وختم الخواجة ورقته بالقول: إن شوشة شاعر ملهم في نتاجاته الإبداعية وهو ابن عصره في الوعي والإبداع فقد اكتنز نزعة إنسانية طافحة بالنبل وأمن بحب الوطن والدفاع عن الأمة، ولهذا اقترب شعره من مصاهر الكشف واحترقت تجربته بنار المكابدة والمعاناة، هذا التوجه وهذا الاعتقاد بلور تجربته الشعرية فتقزحت كما خيوط الشمس وتسامقت قصيدته كنخيل الوطن. وقدمت حورية عبيدة ورقة قالت فيها: بعض الفرسان يترجلون ويغادرون إلا فرسان الشعر لا يرحلون، فالقصائد لا تموت بل تحيا، وهكذا هو فاروق شوشة ذلك الفارس الذي تربينا على صوته الرخيم الوقور، وتحرقنا شوقاً لنمارس معه عشق لغتنا العربية الجميلة المقدسة، فتضافرت في شخصيته كل أزاهير الروعة من رفيع أدب وعلو همة وغزارة ثقافة وعذوبة إلقاء ورهافة حس وجهد دؤوب مخلص ومثابرة للذود عن حياض لغتنا الشريفة حتى باتت مدن أحلامنا تفترشها قصائده، لا بل تعترشها معلنة أنه بدوره فاروق شوشة هو قصيدة من الجمال عصية على النسيان. مضيفة: هو فارس الضاد لأكثر من نصف قرن، عكف عليها يستنطقها ويغوص في بحورها، عشق اللغة فبادلته عشقاً، فمن منا ينسى ما وقر في آذاننا وأفئدتنا لعقود طوال ونحن نستمع عبر الأثير إلى برنامجه الشهير لغتنا الجميلة. من ناحية أخرى،يحتفي معرض الشارقة للكتاب في نسخته ال35 بفاروق شوشة، وذلك من خلال منصة تحمل نبذة عن حياته ومسيرته، بالإضافة إلى مقتطفات من أشعاره.
مشاركة :