يواصل المهندس والمبتكر السعودي الكفيف مهند أبو دية يوماً بعد يوم ضرب الأمثال في العزم والإصرار، وإثبات أن الإعاقة الحقيقية هي الفكرية وليست الجسدية، إذ تمكن أمس (الثلثاء) من حجز مكان له في قوائم «معهد إدارة المشروعات» (بي أم آي) العالمي، بإتمامه دورة «إدارة المشروعات للمحترفين» (بي أم بي) التي يديرها المعهد ونيله شهادة فيها، ليصبح بذلك أول كفيف في الشرق الأوسط يُعتمد في قوائم المعهد منذ تأسيسه العام 1969، بحسب ما نقلت «وكالة الأنباء السعودية» (واس). وجرى تكريم أبو دية وتسليمه الشهادة أمس في الكويت، من قبل رئيس فرع المنظمة في الخليج العربي المهندس هاشم الرفاعي، الذي بارك له هذا الإنجاز وعده وسام فخر لجميع أبناء دول مجلس التعاون، متمنياً له مزيداً من التوفيق. من جهته، أعرب أبو دية عن شكره لولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مركز الملك سلمان للشباب الأمير محمد بن سلمان، على دعمه ومساندته له في الحصول على الشهادة، مثمناً لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية برئاسة الأمير الدكتور تركي بن سعود، تكفلها تأهيله وتدريبه عبر برنامج «بادر» لحاضنات التقنية. وانقلبت حياة المهندس والمخترع السعودي رأساً على عقب العام 2008، لتعرضه إلى حادث سير في بداية دراسته الجامعية أدى إلى دخوله في غيبوبة لأكثر من 20 يوماً، استيقظ منها ليجد نفسه فاقداً بصره وساقه اليمنى، وقال أبو دية في مقابلة مع تلفزيون «الراي» أنه لم يتألم لما جرى له بقدر تألمه من عنوان خبر في إحدى الصحف التي كتبت عن الحادث جاء فيه «حادث شنيع يكتب نهاية انجازات المخترع السعودي مهند أبو دية» لما يحمله من سلبية، وأضاف: «إن كنت في حياتي السابقة أتغذى على التحديات، فإن ربي أعطاني وجبة كبيرة من التحدي في هذا الحادث»، واعتبر أن المرحلة الثانية من فيلم حياته بدأت بعد الحادث. وأثبت خريج الهندسة الصناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أنه قادر على تخطي محنته ومواصلة مشوار التميز، إذ ألقى بعد الحادث أكثر من 100 محاضرة جماهيرية وحصل على اعتمادت دولية في «تدريب الاختراع» من جهات أوروبية عدة، وأسس مركز اسطرلاب للتدريب ويرأس حالياً مجلس إدارته، وأنشأ «المركز السعودي لثقافة الاختراع» ويدير فيه مجموعة كبيرة من الموظفين، وألف كتاب «دليلك إلى ريادة الاختراع» حصل على جائزة دولية، كما تابع تخصصه في هندسة الطيران والفضاء. وأنجز أبو دية أكثر من 22 اختراعاً أبرزها غواصة أطلق عليها اسم «صقر العروبة» يمكنها الغوص إلى عمق ستة آلاف و525 متراً تحت الماء، متفوقة على الغواصة اليابانية «شينكاي» التي وصلت إلى ستة آلاف و500 متر. ومن المفارقة أنه كان من أواخر اختراعاته قبل الحادث بحسب تقرير سابق أعده تلفزيون «أم بي سي» قلم ممغنط للمكفوفين ورواد الفضاء والذين يعانون من مرض الرعاش، ومن اختراعاته أيضاً جهاز لكشف الحرائق عبر موجات الليزر، وجهاز لحماية المحفظة من السرقة وابتكار لضمان عدم انقلاب السيارة أثناء السير ونظام جامع لملحقات الحاسوب، وجهاز للتنبيه عند الجلوس الخاطئ وغيرها. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وجه الشهر الماضي بتحمل الدولة كلفة دراسة أبو دية درجة الماجستير في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
مشاركة :