تقدمت اليابان لجائزة الأوسكار لهذا العام بفيلم "الممر العظيم" The Great Passage، وهو مقتبس من رواية شهيرة تحمل نفس الاسم ليشيون ميورا، ومن إخراج يويا إيشي، وكتب له السيناريو كينساكو واتانابي. وعلى الرغم من أن الفيلم لم يتم اختياره ضمن الأفلام المرشحة، إلا أنه يدخل عالماً غير مطروق بشكل عام، فهو يتحدث عن تأليف قاموس؛ هذا الكتاب الذي تتداوله الأيدي باستمرار، وقد يصبح رفيقاً للبعض منا مدى الحياة، لكننا لا نعي تماماً الرحلة الشاقة لتأليفه. يبدأ الفيلم بكوهي أراكي (كاورو كوبياشي)، الذي يعمل محرراً للقواميس، ويريد أخذ إجازة مفتوحة للعناية بزوجته، فيطلب منه رئيسه أن يجد له موظفاً كفؤاً ليحل محله، وهو ما بدا صعباً للغاية. وقد كان المطلوب من أي شخص يمكن التفكير فيه جدياً كبديل أن يعرف كلمة "يمين"، كلمة نستخدمها طوال الوقت لوصف اتجاه، ولكن من الصعب تعريفها بشكل مبتكر وغير مسبوق. بعد فترة من البحث، يعثر أراكي على شاب انطوائي، يحب القراءة ومتخرج من قسم اللغويات ويدعى ميتسويا ماجيمي، وهو مندوب مبيعات فاشل يعمل في نفس شركة النشر التي يعمل بها أراكي. ينجح ماجيمي في إيجاد تعريف جديد لكلمة "يمين". يفرح أراكي ويطلب نقله لمكتبهم. يعرف أراكي مجايمي على الرئيس المشرف على المشروع واسمه ماتسوموتو (جو كاتو)، ويبين له أنهم يعملون على تأليف قاموس جديد للغة اليابانية يسمى "الممر العظيم"، فالقاموس يفترض أن يكون الجسر الذي يصل بين الناس وبحر الكلمات المحيطة بهم، وهو مشروع سيأخذ سنوات من عمرهم. يبدأ ماجيمي في إعادة اكتشاف العالم من حوله بتقصي الكلمات والتفكير في تعريف جديد لها. نصاحب ماجيمي في رحلة من العمل الدؤوب والشاق، ورغم عدم تقدير الشركة لنوعية هذا العمل، لكن التفاني والإيمان بقيمة ما يصنع، يجعل ماجيمي مصراً على أن يرى هذا المشروع النور مهما كان الثمن. نشاهد فريق العمل وماجيمي وهم يعملون في وسط ركام الملفات والكتب، أما في البيت، فماجيمي محاط أيضاً بالكتب، لينهل منها الكلمات ويعرفها ثم يراجع العمل باستمرار ليتأكد من أن التعريف واف ومكتوب بلغة سليمة. نرى ماجيمي الوديع والخجول والفاشل ينجح، بعد جهد مضن، في أن يعبر عن مشاعره للشابة التي أحبها، وهي حفيدة المرأة التي يسكن عندها في البيت. وينجح أيضاً في التأثير على فريق العمل وقيادته حتى يواصل معه إلى النهاية، بل وينجح في كسب تقدير رفيقه في العمل ماساكي نيشيوكا (جوي أوداجيري)، والذي كان يهزأ منه في البداية ولا يحتمل خجله وانطواءه. يصور الفيلم رحلة لمدة 15 سنة تتوالى فيها الصعوبات واحدة تلو الأخرى وتحمل قدراً كبيراً من الشاعرية والحب الجارف للغة بمشاهد ولقطات مدروسة وجميلة وإيقاع هادئ.
مشاركة :