تحرص كل دول العالم أن يكون لديها شبكة مائية تستطيع من خلالها توصيل مياه الشرب إلى جميع الأحياء السكنية والمجمعات المأهولة داخل المدن، وأن تصل هذه الشبكة لكل منزل، ومن المفترض أن تعنى الجهة المسؤولة بالمياه بالمدن، والمحافظات المليونية، والتجمعات الحضرية الكبيرة، مثل مدينة جدة، التي تفتقر لجزءٍ كبير من هذه الشبكة، خاصة في مخططاتها وأحيائها الجديدة التي تعد بالعشرات. بعض الأحياء لها أكثر من عشر سنوات لم تصلها هذه الشبكة، واعتماد معظم سكانها على السقيا عن طريق الصهاريج (الوايتات) التي أرهقت كاهل الكثيرين، وما زالوا يعانون حتى اليوم في انتظار وعود شركة المياه الوطنية التي غمرتهم بالوعود والتعهدات بأن مشكلة الشبكة سوف تُحَل في القريب العاجل، وأن الماء عبر الشبكة سوف يصل الجميع، كما وعد وزير المياه السابق في عام 1435هـ، بأن المشكلة سوف تُحل جذريًا في عام 1436هـ، لأن المقاول مُتعثِّر، ورغم كل الوعود لم تُحل المشكلة في العديد من الأحياء حتى اليوم. الماء موجود ومتوفر، والدولة لم تألُ جهدًا في توفير هذه السلعة الغالية، فأنفقت عليها مليارات الريالات، لكي تصل إلى بيت المواطن والمقيم عبر شبكة نظيفة وآمنة، تريحهما من عناء البحث والترحال، ودفع مبالغ خيالية، مع ملاحظة أن هناك سوقًا سوداء لبيع صهاريج المياه أوقات الأزمات، ولا يخفى أمرها على المتابع البسيط، وربما المسؤول، لمن هم في حاجة ماسة لصهريج ماء لتدبير أمور حياتهم المعيشية، وسد احتياجات المنزل من المياه التي لا يمكن الاستغناء عنها خلال اليوم من الصباح الباكر حتى المساء. مهمة شركة المياه الوطنية تركَّزت على توفير «الماء» عن طريق الصهاريج، فمجرد الاتصال يصلك الصهريج خلال ساعة أو ساعتين، ولكنها خدمة باهظة الثمن، ولذلك مداخيل الشركة عالية من عملية بيع وتوزيع المياه، وأعتقد أن الشركة استحسنت هذا الإجراء، فتهاونت في عملية إيصال الماء عن طريق الشبكة، وإراحة العباد من هذا العناء. نأمل من أمانة محافظة جدة التنسيق مع شركة المياه الوطنية والجهات الأخرى ذات العلاقة بخدمات البنية التحتية ألا تتم الموافقة على إجازة أي مخطط سكني في أحياء مدينة جدة إلا بعد عمل البنية التحتية للمخطط، وتنفيذ جميع الخدمات الأساسية (كهرباء، ماء، هاتف، صرف صحي، وغيره)، ولا يتم الإفراغ إلا بعد التأكد من استيفاء المخطط لجميع الخدمات السكنية. غياب التنسيق بين القطاعات الخدمية يُظهر لنا قصورًا واضحًا في تعاون الجهات الخدمية مع بعضها البعض، ويُظهر لنا أيضًا تعثُّر العديد من المشروعات التي يتمنَّاها سكان العروس، مع قصور في المتابعة من قِبَل الجهات الرقابية المختصة بهذه المشرع الحيوية التي تهم السكان في المقام الأول. لنا أمل في شركة المياه الوطنية أن تضطلع بمسؤولياتها في تنفيذ إيصال الشبكة المائية لجميع الأحياء في مدينة جدة، وأن تساعد في اختفاء هذه الصهاريج (البيضاء والصفراء) التي تذرع شوارعنا ليل نهار، والتي تعطي انطباعًا غير مرضِ عن تقدُّمنا الحضاري، الذي يُنتقد بشدة لوجود مثل هذه الخدمات حتى يومنا هذا. mdoaan@hotmail.com
مشاركة :