أطلق المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب هجومًا لاذعًا ضد منافسته المرشحة من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، وقال إن انتخابها رئيسة سيضع البلاد في «أزمة دستورية». وجاء هجوم ترامب في ضوء ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي إعادة فتح التحقيقات في موضوع البريد الإلكتروني الشخصي للمرشحة هيلاري كلينتون، الذي استخدمته خلال قترة توليها منصب وزيرة الخارجية، وهو ما يعد مخالفة لأنظمة الحكومة التي تفرض على جميع مسؤولي الحكومة الفيدرالية استخدام حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالحكومة فقط، وعدم استخدام حسابات البريد الإلكتروني الخاصة. لكن ما الذي يقصده دونالد ترامب بالأزمة الدستورية؟ وما احتمال حدوثها إذا نجحت في الانتخابات الرئاسية؟ الأزمة الدستورية المحتملة قد تحدث في حال اتهمت أو أدينت هيلاري كلينتون جنائيًا على خلفية قضية البريد الإلكتروني والمخالفات التي رافقتها، أو أن تتهم بمحاولة تعطيل العدالة، أو محاولة إخفاء الجريمة، أو الكذب بعد أداء القسم الدستوري. ولو فازت هيلاري كلينتون بالرئاسة، وأدت القسم الرئاسي، فلن يستطيع عزلها في حالة ثبوت أي اتهامات جنائية ضدها إلا الكونغرس الأميركي. وينص الدستور الأميركي على أن مجلس النواب يجب أن يتهم الرئيس ومجلس الشيوخ يدينه جنائيًا، بعد أن يقوم الكونغرس بالتحقيق واستجواب الرئيس، وهو ما حصل مع رؤساء قبل ذلك، منهم زوج المرشحة هيلاري كلينتون الرئيس الأسبق بيل كلينتون في القضية الأخلاقية مع موظفته مونيكا ليونسكي، إلا أنه لم يجرم جنائيًا من مجلس الشيوخ. كما انطبق ذلك على الرئيس ريتشارد نيكسون في قضية «ووترغيت» الشهيرة التي حاول فيها الرئيس الأميركي التغطية على عدة جرائم كان هو ومساعدوه قد تورطوا فيها، لكنه قدم استقالته من الرئاسة قبل أن يتم تجريمه جنائيًا من قبل مجلس الشيوخ. وفي حين لم ينشر مكتب التحقيقات الفيدرالي تفاصيل عن طبيعة التحقيقات الجديدة، فإنه من المحتمل أن تقود إلى تحقيقات جنائية لرئيسة منتخبة وطاقم مساعديها، وهذا يعد بداية مشؤمة لفترة رئاسية جديدة. يقول خبراء قانونيون بجامعة «جورج واشنطن» إن هناك 5 سيناريوهات محتملة قد تحدث في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة بهذا الصدد: أولها أن يفوز دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية، وهنا سوف تستمر التحقيقات مع هيلاري، ولكن لن يكون هناك قلق من حدوث أزمة دستورية. أما السيناريو الثاني، فهو أن يتم تبرئة هيلاري كلينتون من أي مخالفة للقوانين الفيدرالية قبل يوم الانتخابات، وألا يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بإرسال توصية إلى أي من وزارة العدل أو الكونغرس الأميركي لاتخاذ أي إجراءات قضائية ضدها. والسيناريو الثالث هو أن يتم اتهام هيلاري كلينتون جنائيا قبل يوم الانتخابات بعد إكمال التحقيقات عن طريق وزارة العدل، وتعيين مدعي عام خاص لهذه القضية، وفي هذه الحالة فإنه من المحتم أن يطلب الحزب الديمقراطي من هيلاري كلينتون التنحي جانبا، وتثبيت اسم نائب المرشحة الرئاسية السيناتور تيم كيم مرشحًا في صناديق الاقتراع يوم 8 نوفمبر (تشرين الثاني). السيناريو الرابع يكمن في أن تستمر التحقيقات إلى يوم الانتخابات، وهو ما قد يخدم المرشح المنافس دونالد ترامب. ولكن هذا لن يمنع الأزمة الدستورية المحتملة، لو استمرت التحقيقات بعد تنصيب هيلاري كلينتون في حالة فوزها، ولو أثبتت التحقيقات تورطها في تعطيل العدالة، أو محاولة التغطية على جريمة، فإننا من المحتمل أن نرى حربًا قضائية ضد الرئيس المنتخب، وسيؤثر على مجراها الأغلبية الحزبية الفائزة بالمجالس التشريعية (الكونغرس). وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تاريخيًا لم يقم الكونغرس الأميركي بتجريم رئيس أميركي على أفعال قام بها قبل تنصيبه، ولكن هذا لا يعدو أن يكون عرفًا يستطيع الكونغرس خرقه، إذ إن تجريم الرئيس بسبب أفعال جنائية قام بها قبل تنصيبه لا يعترض مع الدستور الأميركي أو القوانين الفيدرالية. أما السيناريو الخامس والأخير، فهو أن يتم اتهام هيلاري كلينتون بالجرائم المدعاة بعد فوزها في 8 نوفمبر، وقبل يوم التنصيب في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، وهذه الفترة تعرف بـ«الفترة المرحلية». والدستور الأميركي يضع خطة طوارئ لهذه الفترة، حيث ينص الدستور على أنه في حالة وفاة الرئيس المنتخب، أو عدم أهليته، فإن نائب الرئيس هو من ينصب، لكن الدستور لم يناقش ما يجب أن يحدث في حالة اتهام الرئيس المنتخب جنائيًا قبل يوم التنصيب.
مشاركة :