حدد بنك السودان المركزي، أول من أمس، إجراءات جديدة لتشجيع المغتربين، المقدر عددهم بخمسة ملايين، والمصدرين، للتعامل مباشرة مع البنوك الوطنية عند بيعهم أو شرائهم العملات الحرة، وذلك بعد أن سمح بإعادة تطبيق سياسة الحافز، القائمة على مساواة سعر الجنيه الرسمي بسعره الموازي في السوق السوداء. وهو الإجراء، الذي اعتبره الخبراء المصرفيون خطوة نحو تخفيض قيمة الجنيه السوداني وتعويم سعر صرفه، المحدد رسميا بنحو ستة جنيهات مقابل الدولار، بينما يبلغ سعر الدولار أكثر من 15 جنيها خارج البنوك والصرافات وبقية جهات الاتجار بتحويل الدولار من الخارج. وعرف بنك السودان المركزي الحافز بأنه النسبة التي يحددها يوميا لتضاف لأسعار شراء وبيع النقد الأجنبي المعلنة لدى المصارف، فمثلا إذا كان سعر الدولار الرسمي 6.7 جنيه يضيف عليه المركزي نسبة تقربه من سعره في السوق الموازية، حيث يصدر منشورا يوميا لكل البنوك بأن يزيدوا سعره بنسبة تتجاوز أحيانا 130 في المائة، ليصل إلى سعر مقارب للسوق الموازية وهو 15.8 جنيه للدولار. وهذه المنشورات اليومية تصدر وفقا لقراءة البنك المركزي ومراقبته تجار السوق السوداء، والعرض والطلب. وترأس عبد الرحمن حسن عبد الرحمن، محافظ بنك السودان المركزي، أول من أمس، بمقره بالخرطوم اجتماعا ضم مديري البنوك لتنويرهم ومناقشتهم حول سياسات البنك الجديدة، التي عكف على إصدارها خلال الشهر الماضي، لإدارة سعر صرف الدولار، الذي بات محركا لاقتصاديات البلاد. كما أطلعهم على أداء الجهاز المصرفي حتى 30 سبتمبر الماضي، مؤكدًا تميز الأداء رغم الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية على السودان، وارتفاع تكلفة التشغيل. وفي حين تفهم مديرو عموم المصارف أهمية هذه السياسات التي قالوا عنها إنها حددت رؤية واضحة لتتنافس المصارف للحصول عل موارد واضحة، واعتبر مصرفيون قدامى وخبراء واقتصاديون، أن إجراء بنك السودان المركزي الأخير بإعادة إحياء سياسة الحافز التي طبقت عام 2010 وأثبتت نجاحها في جذب وحشد الموارد من السودانيين العالمين بالخارج، تعني تخفيض قيمة العملة المحلية في بلد يعتمد على الاستيراد بنسبة عالية، مما يعني أن هناك زيادات كبيرة ستحدث لكل ما هو مستورد وستتضاعف الأسعار، مما يعني انهيار قيمة الجنيه رسميا بعد أن انهار شعبيا. وأشار الخبراء في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن سياسة الحافز رغم ما تحمله من مخاطر، فإنها تضمن وجود وبقاء الدولار في البنوك وليس في السوق السوداء، لأن السعر واحد أو قريب بعض الشيء، وهذا هو المطلوب، معتبرين الذين سيتعاملون مع النظام الجديد لن تكون لديهم مشكلات في السعر، فالسعر واحد أو أقل قليلا، وكذلك فإنهم سيتعاملون مع جهات مضمونة ورسمية ويبتعدون عن مغامرات السوق السوداء والدولارات المزيفة. وأضاف الخبراء أن هناك مسائل ما زالت غير مفهومة، مثل الدولار الجمركي، وسعره، وموضوع الدواء، والسلع الاستراتيجية الأخرى، مثل القمح والوقود، هل سيستمر شراؤها بالسعر القديم أم بالسعر الجديد؟ في وقت تقل فيه احتياطات البنك المركزي من النقد الأجنبي. من جهة ثانية، قدم محافظ بنك السودان، خلال ترؤسه بمباني البنك المركزي اجتماعًا ضم مديري عموم البنوك والجهات ذات الصلة، تنويرا حول سياسات بنك السودان وأدائه حتى الفترة المنتهية في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، قال فيه إن «البنك المركزي ظل يتابع ويراقب ويقيم ما يجري في سوق النقد الأجنبي، ويتخذ السياسات التي تدعم القطاع الخارجي وتستهدف بشكل واضح حشد موارد النقد الأجنبي داخل سوق البنوك وشركات الصرافة والشركات المرخص لها بالتحويلات المالية، وذلك بعد اتخاذ إجراءات وتدابير تساعد على جذب تحويلات ومدخرات واستثمارات السودانيين العاملين بالخارج، وكذلك مواصلة إنفاذ سياسات الدولة في دعم وتشجيع الصادرات والمصدرين».
مشاركة :