جاء الإعلان الأخير لوزارة الداخلية، عن كشف الخلية الإرهابية بالقطيف، بالتزامن مع الإعلان أيضاً عن إحباط عملية إرهابية استهدفت ملعب الجوهرة بجدة، خلال مباراة المنتخب السعودي بنظيره الإماراتي، قبل أكثر من أسبوعين، باستخدام سيارة مفخخة يتم وضعها في مواقف ملعب الجوهرة، ليوضح لنا أن عمليات الاستهداف الإرهابية وضرب الاستقرار والأمن، ربما تكون أكثر مما نتصور. صحيح أن العيون الأمنية الساهرة لا تألو جهداً ولا تضيع وقتاً في توجيه الضربات الاستباقية لهذه الخلايا المجرمة، ولكن هذا يعني أيضاً أن حجم التآمر على استقرارنا وأمننا يتجاوز كل الحدود، ولا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عما نتصدى له من خطط إقليمية وأخرى طائفية تحاول تنفيذ أجندتها على الأرض السعودية.. باستهداف مباشر، سوى إحدى ورقات هذا الصراع. أدرك جيداً أن محاولات الترويع الحوثية واستهداف الأراضي المقدسة بصواريخ الإجرام تنبئ عن تطور خطير وغير مسبوق في العصر الحديث، ولكن مخطط الجماعات الإرهابية ومحاولة استهداف ملعب الجوهرة، وخلال مباراة جماهيرية لكرة القدم، لا يقل خطورة ولا إجراماً، والهدف منه استباحة المزيد من الأرواح والدماء البريئة.. لأنه يشير إلى أن عمليات قتل رجال الأمن، واستهداف المساجد أو التجمعات العسكرية لم تعد كافية لتنظيم داعش الإرهابي لتبرير فشله على الأرض، بعد نجاح تتبعه والضربات الاستباقية الموجهة له. نقل الإرهاب إلى الأماكن والتجمعات الجماهيرية، إشارة جدية على ما وصل إليه الإرهابيون من إفلاس، وما يعانونه من تضييق شامل، إضافة إلى أنه فقاعة إعلامية يائسة للترويع والإحباط، قبل أن تكون جريمة أخلاقية أيضاً، لأنها تستهدف الأبرياء من رجال وشباب وأطفال. الإشارة الأهم في عملية استهداف الملعب، تكمن في وجود أربعة من الإرهابيين الأجانب (باكستانيين وسوداني وسوري) وهذه وحدها تعني الابتعاد الملحوظ للسعوديين عن التورط في الجريمة، والتوجه لاستغلال العنصر الأجنبي من المقيمين والوافدين لتنفيذ المخطط، بكافة أشكال الضغط أو الترهيب والترغيب المعروفة.. وهو مؤشر على صعوبة تجنيد وتغرير العناصر السعودية، نتيجة زيادة الوعي الاجتماعي والتضامن الشعب المتصاعد يوماً بعد يوم مع الدولة والأمن. هذا الأخير يجعلنا نضع رقابة المشكوك فيهم من المقيمين من قبل أرباب أعمالهم تجنباً لأي اتجاهات أو تحركات مشبوهة، هدفاً ممكناً، والأكثر أهمية بناء خطوط اتصال مفتوحة مع المقيمين، نشركهم في عملية حفظ الأمن والأمان، ليشعروا بالمسؤولية أيضاً كما يشعرون بالأمن والأمان والاستقرار، أما كيف، فهذا ما يجب أن يبحثه أصحاب الاختصاص. ... ورقة خاصة.. فقدت الرياض العاصمة الاثنين الماضي واحداً من أبنائها المعروفين الشيخ غيث الغيث.. والذي عُرف طوال حياته العملية بالإخلاص والتفاني.. كما عُرف من خلال معارفه ومحبيه بالأخلاق الكريمة، والوفاء وعفة اللسان.. رحمك الله أبا عبدالمحسن فقد كنت قريباً إلى القلب.
مشاركة :