بمناسبة مرور عشرين عاما على انطلاقها، أصدرت شبكة الجزيرة الإعلامية كتابا جديدا باللغتين العربية والإنجليزية بعنوان "الجزيرة في عشرين عاما: أثرها في الإعلام والسياسة والأكاديميا" ، يرصد التجربة المهنية للقناة التي دشنت فصلا جديدا في تاريخ الإعلام العربي والعالمي. ساهم في تأليف الكتاب ثلة من أبرز الباحثين وأساتذة الإعلام في عدة مؤسسات جامعية وبحثية تناولوا تأثير الجزيرة في مجالات الإعلام والسياسة والأكاديميا وعلاقتها بجمهورها في المنطقة العربية وخارجها وقدموا قراءة موضوعية وثرية لهذه "الظاهرة" الإعلامية، وهي تكمل عقدها الثاني. ويتناول الفصل الأول أثر الجزيرة في الإعلام العربي وما أحدثته من نقلة أصبح يؤرخ لها بما قبل الجزيرة وما بعدها، فبظهورها شهد ذلك الإعلام تغييرا عميقا انعكس في تحرره نسبيا من رقابة السلطة، وتجديد قوالبه الإخبارية، وظهور عدد من البرامج الحوارية السياسية المباشرة. كما تغيرت علاقة الجمهور بالإعلام العربي بشكل عام وأثيرت إشكالات عدة، من بينها إشكالية التلقي بوصفها المدخل الرئيس لتبلور رأي عام جماهيري، فالتعددية في الأخبار والبرامج التي أتاحتها الجزيرة لمشاهديها أصبحت سمة بارزة في الخطاب الإعلامي بالعالم العربي. هذه النقلة التي أحدثتها الجزيرة في المشهد الإعلامي العربي أثرت بدورها في بيئتها السياسية الواسعة، وهو ما يعالجه الفصل الثاني بعنوان "من تغيير الإعلام إلى التأثير في السياسة" وذلك بتسليط الضوء على دور الشبكة في تعرية السلطة وكشف الفساد وما ترتب عن ذلك من غضب تبلور في شكل حركات احتجاجية واسعة عُرفت بثورات الربيع العربي. إلى جانب الإعلام والسياسة، تركت الجزيرة أثرا آخر بالغ الأهمية في مجال البحث العلمي، تناوله الكتاب في فصل بعنوان "الجزيرة في المجال الأكاديمي" من خلال نحو مئة من أهم الإصدارات الأكاديمية عن الجزيرة (كتبا ومقالات منشورة في دوريات محكَّمة وفصولا في كتب). وحلل الفصل تلك الاتجاهات البحثية وصنفها -رغم ما بينها من تداخل في التخصصات- ضمن خمسة مجالات متمايزة، هي: الدراسات الصحفية، ودراسات الجغرافيا السياسية، ودراسات التواصل الثقافي، ودراسات الفضاء العام والمناهج المستخدمة. وفي الفصل الرابع يتوقف الكتاب عند ما حملته الجزيرة من مقاربة جديدة للمهنية الصحفية من خلال نماذج من محتوى القناتين الإخباريتين: العربية والإنجليزية، ويبحث في السياسة التحريرية التي تحكم ذلك المحتوى، يلقي هذا الفصل كذلك الضوء على جمهور الجزيرة، فتابع تطوره الذي تَواكَبَ مع صعود القناة كلاعب مؤثر في الإعلام العالمي. التغطية مستمرة كما يبحث الفصل الدوافع والمحفزات التي تجعل عرب المهجر ينجذبون إلى القناة ويفضلونها على غيرها، ويحلل أثر تلك العلاقة في إعادة تشكيل هويتهم وربطهم بزمان ومكان مغاير لموطن إقامتهم، وفي تغيير قناعاتهم السياسية والفكرية المرتبطة بالحياة السياسية داخل بلدان المهجر نفسها.
مشاركة :