من لجوء إلى لجوء، ومن استغلال إلى مواجهة الموت. بهذه الجملة اختصر جبريل حسين، طالب لجوء سوداني، قصة حياته منذ أن هرب من الحرب في دارفور، وانتهى به المطاف على متن قارب مطاطي صغير وسط البحر المتوسط، ليتم إنقاذه من قبل فريق أطباء بلا حدود على سفينة الكرامة مع العشرات من الساعين للهجرة إلى أوروبا. يروي جبريل لـالعربية التي رافقت منظمة أطباء بلا حدود في عرض المتوسط، كيف شردته الحرب في دارفور، وحولته هو وعائلته إلى لاجئين في الخرطوم. ولكن يقول جبريل إنهم واجهوا صعوبات كثيرة في الخرطوم، حيث كانت تكاليف المعيشة باهظة ولم يحصل أحد من أفراد عائلته على عمل، فاضطر أن يترك المدرسة ليبحث عن عمل، وعندما لم يحصل على فرصة، قرر الانتقال إلى ليبيا. كان جبريل يعتقد أنه سيجد حياة أفضل في ليبيا، ولكنه واجه واقعا أصعب بكثير، على حد قوله، واصفاً كيف تعرض للاستغلال وسوء المعاملة، بالإضافة إلى الضرب من قبل العصابات. بقي جبريل في ليبيا عشرة شهور لم يحصل فيها على عمل جيد فقرر أن يهاجر إلى إيطاليا، ليتمكن من مساعدة أهله في الخرطوم. 1500 دولار مقابل ركوب قارب الموت ولكن للوصول إلى الضفة الأخرى، كان لا بد لجبريل أن يخاطر بحياته في البحر، رغم أنه لا يعرف السباحة. فاتصل بأحد رفاقه الذي دله على مهرب في ليبيا، ودفع له ما يقارب ألف وخمسمئة دولار، جمعها على مدى عامين، مقابل ركوب قوارب الموت على أمل الوصول إلى أوروبا. انتظر جبريل بضعة أسابيع في ليبيا، ثم من نقطة في سواحل مدينة طرابلس الليبية، بعد منتصف الليل، ركب مع نحو مئة وعشرين مهاجرا آخرين القارب المطاطي. وعندما سألنا جبريل عن رحلة البحر، بكى وقال إنه شعر بأنه لن يخرج من هذا البحر حيا، شعر بأنه سيغرق حتما. أخبرنا جبريل كيف بدأت المياه تدخل إلى القارب بسبب ارتفاع الموج، واصفاً صرخات الصغار وبكاء النساء، وصمته الذي أخفى خلفه شعور الخوف. ولكن بعد إنقاذه من قبل سفينة الكرامة، يحمل جبريل ذكرياته الحزينة، ويتأمل البحر الذي كاد ينهي حياته، ولكنه يستعيد الأمل ليبدأ مرحلة جديدة في رحلة لجوئه في أوروبا.
مشاركة :