الشارقة : الخليج استضاف المقهى الثقافي في ثالث أيام المعرض، أربع ندوات ثقافية، جاءت أولها لتناقش أربعة إصدارات حديثة لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة والتي تسلط الضوء على الثقافة والتراث والأدب الموريتاني، قدمها الباحث محمد الأمين وأدارها مجدي محفوظ. تناول الأمين الكتب الأربعة بالشرح والتفصيل مؤكداً أهميتها في تصدير الأدب والثقافة الموريتانية إلى العالم العربي ليضطلع على إنتاجات أدبائها وأعلامها القدامى والمعاصرين، وجاء الكتاب الأول تحت عنوان الوسيط في تراجم أدباء شنقيط للعلامة أحمد بن الأمين الشنقيطي ومحققه الدكتور محمد ماء العينين، وهو أول موسوعة تتناول تراجم الأعلام والأدباء والشعراء الموريتانيين، وهي موضوعة قبل قرن من الزمان في مصر، أورد فيها المؤلف مدونة شعرية تقارب الخمسة آلاف بيت، والمحقق الآن أكمل النواقص في التراجم وصحح الأخطاء وأضاف في القصائد الناقصة حيث أضاف إليها ما يقرب من ثمانمئة بيت. أما الكتاب الثاني فجاء بعنوان ديوان الشيخ محمد اليدالي الشنقيطي ومحققه الدكتور الأمير باكاه. وهو من أقدم الدواوين الموجودة للشعراء االموريتانيين في القرن الثاني عشر الهجري، ويحتوي على ستة وأربعين نصا محققة تحقيقاً علمياً كاملاً، وفيه ترجمة أدبية للشاعر وفيه مقدمة عن التاريخ الأدبي والتراثي والبلاغي في البلاد. أما الكتاب الثالث الرواية الشنقيطية من الألفية والشواهد النحوية، ومؤلفه الدكتور أحمد السالكي، فيتناول بالدراسة الفرق ما بين النسخ الموريتانية من ألفية الممالك المشهورة في علم النحو ويتعرض لها بالدراسة والتمحيص مع الرجوع إلى المصادر من المخطوطات بالتفصيل، ثم يحاول تفسير هذه الاختلافات وإعادتها إلى أسبابها. وجاء الكتاب الرابع تحت عنوان الشعر العربي الموريتاني الحديث.. رؤى الإبداع وبنيات النص، لمؤلفه الدكتور ولد متالي لمرابط، يتناول الشعر الموريتاني الحديث منذ الاستقلال ويرصد الاتجاهات الأدبية منها التقليدية والرومانسية والشعر الحر والقصيدة النثرية وجاء لكل واحد من هذه الاتجاهات بديوان لأحد الشعراء يجري عليه التحليل والدراسة. كما شهد المقهى أمسيتين شعريتين، جاءت الأولى تحت عنوان أطياف. أحياها الشاعران أكرم قنبس وسعيد معتوق وأدارها الشاعر حمادة عبد اللطيف. قرأ قنبس مجموعة قصائد منها سلطان في عيون البيان يقول فيها: سكبت إلى القلوب ندى وعطراً وهيأت الزمان منى وفخراً وعشت العمر رحالا لمجد به رحل الأنام هدى ويسراً وقدم معتوق مجموعة قصائد منها دنيا المواجع يقول فيها: سألتني عن المحبة بنتٌ/ قلت والله لست أدري/ لي مكان من المحبة عذب بث أنغامه بكل الأماكن/ غير أني أرى الحياة كسجن / وبهذا السجن بنو آدم ساكن. وحملت الأمسية الثانية عنوان جماليات أحياها الشاعران جميل داري وماجد عودة وأدارتها الإعلامية منى أبو بكر. قرأ داري مجموعة قصائد منها: ما أضيق الدنيا يقول فيها: يا ليتني كنتُ فتىً غضا أحتضن السماء والأرضا أجوبُ في بحر بلا ساحل بغير موج الحلم لا أرضى وقرأ عودة قصائد: متنوعة منها مجالس العاشقين يقول فيها: للعاشقين مجالس ومجالسي خلف الظلال أحيا بها ولها ولي منها ترانيم الوصال لاحت وما بانت وما أقوى على فهم المقال ساءلتُ ما قالت فقيل تساءلتْ ومضى السؤال واستضاف المقهى في آخر ندواته الإعلامي طارق شديد للحديث عن كتابه الجديد الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، تحت عنوان الجواد الجامع رؤية في عالم حسن فتح الباب الشعري، وأدار الندوة الكاتب والناقد عبد الفتاح صبري. تناول شديد الأسباب التي دفعته إلى كتابة هذا البحث ويأتي قي مقدمتها التجربة الفذة للشاعر المصري حسن فتح الباب الذي كان ضابطا في الشرطة المصرية، وتنقل في ربوع مصر من خلال عمله محتكا بشرائح المجتمع المصري كافة خاصة في الريف وله من هذه التجربة تأثير كبير في شعره يتمثل في مناصرته الدائمة للطبقات المسحوقة، الأمر الذي جعل السلطة في ذلك الوقت تضيق عليه إلى أن هجر مصر إلى الجزائر ولم يعد إلا بعد وقت طويل. وأشار شديد إلى أن حسن فتح الباب غُبن في حياته من حيث عدم إلقاء الضوء من قبل الباحثين والنقاد على تجربته الثرية والمتنوعة جدا، التي بدأت في أربعينات القرن الماضي وتميزت بفرادتها وشموليتها وعمق طرحها، فهو من الجيل الأول الذي كتب الشعر الحر بعد صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي، وقد لفتت موهبة الشاعر حسن فتح الباب منذ بداياته أنظار النقاد أمثال الناقد د. محمد مندور ود. نعيم اليافي ود. شكري عياد، فكتبوا عن شعره وأجمعوا على أنه لم يتجمّد عند مرحلة بعينها، بل ظلّ يتطوّر عبر الزمن، فقال عنه الناقد رشاد رشدي بهرني حسن فتح الباب، فهو شاعر عالمي.. يجمع بين القديم والجديد، إلا أن هذه الأصوات النقدية قد خفتت ولم يعد لها أثر نتيجة موقف السلطة من الشاعر وعدائها له.
مشاركة :