نفى مدير عام الأندية الأدبية بالمملكة الشاعر محمد عابس تجاهل النقاد والباحثين لتجربته الشعرية سواء في الصحافة أو في الكتب أو الرسائل العلمية، مشيراً إلى معاناة الساحة الشعرية من قلة النقاد، وضعف تعامل بعضهم مع الشعر، حيث اتجه عدد لا بأس به منهم للرواية ولمشروعاتهم النقدية الخاصة، بعيداً عن الشعر والإبداع. وقال في حديثه لـالرياض: إنّ الصداقات والمنافع الخاصة موجودة في مختلف المجالات والثقافة ليست بعيدة عن ذلك، مؤكّداً على أنّ الشعر حاضر على مر العصور، وسيظل مرتبطاً بالإنسان، هو شذوة الروح ومواويل العواطف وتجليات الغناء وفلسفة اللغة وكرنفال الحقيقة، وفيما يلي نص الحوار: قلة النقاد في البداية حدثنا عن تجربتك الشعرية، وهل تعتقد أنه تم تجاهلك نقدياً؟ لا أعتقد أن هناك تجاهلاً بالمعنى المباشر فقد تناول شعري عدداً من النقاد والباحثين سواء في الصحافة أو في الكتب أو الرسائل العلمية، ولكننا نعاني ليس محلياً فقط من قلة نقاد الشعر من ناحية أو ضعف تعاملهم مع الشعر أو أن اتجاه الأكثرية منهم للرواية أو أن اتجاه بعضهم لمشروعه النقدي الخاص بعيداً عن الشعر والإبداع عموما إلى ما يسمى النقد الثقافي وغيره من الأشكال، ولعلي ألتمس العذر لبعضهم فربما لم يصلوا إلى دواويني الثلاثة- التي صدر أولها مطلع التسعينيات الميلادية- أو ما ينشر في الصحف والمجلات أو خلال الأمسيات الشعرية. ماذا تقول حول وجود خصومة مع النقاد؟ إلى جانب ما ذكرت سابقاً لا يوجد مبدع ليس له خصومات وهي في الغالب؛ نتيجة بعض المواقف الثقافية أو الفكرية أو الإنسانية أو لصراحته وسخريته أو نتيجة بعض الآراء، أما مسألة الاقتناع فهذا موضوع آخر فهناك شعراء كبار جداً في تاريخ الشعر لم يكونوا مقنعين لبعض النقاد، ولكنهم خلدوا في الذاكرة ومات النقاد الذين كانوا ضدهم أو لم يكونوا مقتنعين بشعرهم!! وربما يكون السبب الكسل وعدم الجدية في متابعة الإصدارات فكثير من الأبحاث والدراسات النقدية في الشعر السعودي لم تتناول إصدارات كثيرة لشعراء سعوديين، ولا أعلم سبب ذلك!! هل ترى أنّ النقاد يلتفتون في قراراتهم للتجارب الشعرية من خلال الصداقات والمنافع المتبادلة؟ في الواقع لا يمكنني النفي أو التأكيد، فالصداقات والمنافع الخاصة موجودة في مختلف المجالات والثقافة ليست بعيدة عن ذلك، وربما لا يجد بعضهم جدوى من ممارسة النقد على الأعمال الإبداعية، والنسبة الكبرى من النقاد أكاديميون ويهمهم بالدرجة الأولى أبحاث الترقية والمشاركة في المؤتمرات والملتقيات وغيرها. مارست العمل الإعلامي، ألا ترى أن هذا التنوع يخلق شتاتاً وضعفاً لديك؟ ربما يكون كلامك صحيحاً، ولكنني أفرق بين الكتابة كعمل وظيفي في الصحافة والإذاعة أو كتابة السيناريو وبين الشعر كمنتج إبداعي، الأولى أعمال حرفية أو وظيفية لضمان دخل مادي، أما الشعر فهو إبداع محض، وللحق أي عمل على المدى الطويل يشغل الشاعر عن مهمته الأسمى وهي التفرغ للشعر وحضور مناسباته ومنتدياته له تأثير سلبي، ولكن لو تفرغ الشاعر أو المبدع مات من الجوع فلابد من وظيفة يقوم بها، ولكي أكون صادقاً معك الوظائف التي مارستها حرمتني من أشياء كثيرة، ولكنني لا أحب البكاء على اللبن المسكوب، ولعل القادم من الأيام يساعدني في إخراج المشروعات الكتابية المؤجلة شعراً ونثراً. كيف ترد على من يقول بمساهمة عملك في وزارة الثقافة والإعلام في إبرازك؟ في الواقع أنّ عملي في الوزارة حرمني من المشاركة في كثير من الفعاليات الشعرية داخل وخارج المملكة والسفر لحضور المناسبات المختلفة إلاّ بشكل طفيف أو خلال إجازتي، ولكن وجودي في الوزارة أسهم في دعم حضور المبدعين عموماً من مختلف المناطق والتوجهات، وتعرفي عليهم عن قرب وتقديم خبراتي لصالح العمل الثقافي والفني والإعلامي على مدى أكثر من خمس وعشرين سنة، ولا أريد الخوض في التفاصيل فهناك المفرح منها وهناك المؤلم لي ولكن هذا قدري، وربما مستقبلاً أتناول ذلك. كيف ترى دور الأندية الأدبية؟ الأندية الأدبية مؤسسات بدأ بعضها منذ منتصف السبعينيات الميلادية ثم ازداد عددها إلى أن وصلت إلى (١٦) نادياً في مناطق المملكة، ولا شك أنّ هناك اختلافاً في مستوى أداء كل منها وليست على حد سواء وإن كان وضعها في السنوات العشر الأخيرة أفضل نسبياً ولا سيما في بعض الأندية على صعيد المطبوعات والملتقيات وبعض اللجان فيها، وأنا مع تحويلها إلى مراكز ثقافية شاملة تضم جميع الفروع الإبداعية والثقافية والفنية، ودمج جميع المؤسسات تحت مظلتها ويمكن أن يكون في المدن الكبرى أكثر من مركز ثقافي. لماذا خف وهج الشعر؟ وهل انتصرت الرواية عليه وعلى بقية الفنون؟ في الواقع إنّ الشعر حاضر على مر العصور، وسيظل مرتبطاً بالإنسان، هو شذوة الروح ومواويل العواطف وتجليات الغناء وفلسفة اللغة وكرنفال الحقيقة، أما الحضور الإعلامي فهو متغير بسبب ولادة الفنون الجديدة على فترات زمنية مختلفة مثل المقالة ثم القصة القصيرة ثم الرواية إلى جانب تعدد اهتمامات الناس بوسائل البث الفضائي والإنترنت ثم وسائل التواصل الاجتماعي، الرواية فن مهم ولكن نسبة كبيرة مما ينشر لا علاقة له بالرواية، المسألة ليست حرباً لينتصر فن على فن، كل فن له محبوه وعشاقه ومتابعوه وإن اختلف مستوى الاهتمام من فترة إلى أخرى، الشعر رفيق الإنسان وأنيسه وأقرب مجال لبوحه وانفعالاته وتعبيراته المختلفة وحميميته العالية ودفؤه العجيب وجمالياته الفريدة. كما أنّ الأشكال والفروع الإبداعية تداخلت واستفاد بعضها من بعض، المهم أن يتجذر حب القراءة والاطلاع وعندها سيجد القارئ نفسه يقرأ الشعر والقصة والرواية وغيرها.. والإبداع لا حدود له أبداً ونحن معه بأي شكل، حتى إن كثيراً من الشعراء أصدروا روايات وبعضهم يمارس الفن التشكيلي وبعضهم يكتب المقالة وبعضهم يمارس النقد. أين أنت وزملاؤك من دعم المواهب الجديدة شعرياً؟ في الحقيقة أنّ الدعم مسؤولية المؤسسات المختلفة سواء حكومية أم أهلية وليس من مهام الأفراد، ورغم ذلك فقد كنت وما زلت داعماً ومحباً ومرحباً بالمواهب المختلفة في مجالات الإبداع سواء خلال عملي في الصحافة أو في الإذاعة أو في الشؤون الثقافية، وللحق الموهبة الحقيقية تستطيع أن تشق طريقها حتى لو لم تجد الدعم وبخاصة في السنوات الأخيرة حيث الإنترنت ووسائل الإعلام الجديد أو التواصل الاجتماعي المختلفة. وماذا عن تجربتك في كتابة السيناريو؟ فيما يتعلق بكتابة السيناريو خضت عدة تجارب منها سيناريو أوبريت الجنادرية عشرين، وسيناريوهات عدة أفلام وثائقية، وعدة أوبريتات منها الوطن الأم، وأناشيد للأطفال، وعدة احتفالات فنية في مهرجان العيد في الرياض وتجربة درامية في هوامير الصحراء، وسبب حبي للسيناريو هو إمكانية المزج في كتابته بين مختلف الفنون الكتابية والبصرية والحركية.
مشاركة :