بعد سنوات من القطيعة بين كوبا والولايات المتحدة، وعودة العلاقات تدريجيا بين البلدين، وذلك بفضل إدارة الرئيس أوباما، هناك كثير يشككون في نوايا الأطراف الغريمة والتي دائما كانت تتراشق الاتهامات بالتجسس وعدم وجود جسور للثقة فيما بينها. الآن وبعد الكشف عن مذكرة بتاريخ 14 من أكتوبر (تشرين الأول) والتي تأتي في إطار تعليمات من الرئيس الأميركي باراك أوباما للتقارب مع الإدارة الكوبية، وجهت فيها إدارة الرئيس الأميركي رسالة إلى رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية، تقضي بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات الكوبية، أبدى أعضاء في الكونغرس الأميركي مخاوفهم جراء هذه المذكرة وعبروا عن قلقهم من قيام السلطات الكوبية بنقل معلومات حساسة عن الإدارة الأميركية إلى النظام الإيراني عبر هذه التسهيلات المعلوماتية الجديدة. وسائل إعلام أميركية تحدثت بالفعل عن هذه المخاوف، حيث نشر موقع «واشنطن فري بيكون» عن مخاوف عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي من تعاون إدارة الرئيس أوباما مع هافانا وإمكانية وصول معلومات حساسة إلى النظام الإيراني، وذلك بفضل العلاقات الوثيقة والقوية بين كوبا وإيران. السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا القريبة من الجزيرة، وصاحبة الحضور الأكبر للجالية الكوبية في الولايات المتحدة، ماريو دياس بالارت، قال إن الجزيرة الكوبية لم تتوقف عن عدائها للولايات المتحدة رغم التقارب الحالي، وأن مجرد قبول الكوبيين لزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بلادهم في الأشهر الماضية، هو دليل على التعاون مع أنظمة مناهضة للولايات المتحدة، كما كشف السيناتور عن أن هناك تقارير تشير إلى توسع عناصر ما يسمى «حزب الله» في كوبا، لدرجة تشمل قاعدة للتجسس في الجزيرة الكوبية. وأضاف بالارت أن مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابار، كان قد أدلى بشهادات في شهر فبراير (شباط) الماضي حول خطورة النظام الكوبي على الولايات المتحدة، وأن هذه الخطورة تتساوى مع إيران وتأتي مباشرة بعد تهديدات التجسس من دول مثل الصين وروسيا. وبالتالي أعرب السيناتور الأميركي عن قلقه من أن تعليمات الرئيس الأميركي لتسهيل التعاون الاستخباري مع كوبا قد تصب في النهاية لمصلحة دول أخرى. ويشير محللون سياسيون إلى أن إيران بالفعل اهتمت بتركيز تواجدها في الفناء الخلفي الأميركي، وذلك بفضل نشر عناصر تابعة لما يسمى «حزب الله» في دول أميركا اللاتينية عامة وكوبا بوجه خاص. ويقول جوزيف أوميري المختص في متابعة النشاط الإيراني في أميركا اللاتينية، إن إيران أقامت في الآونة الأخيرة مركزا ثقافيا لنشر المذهب الشيعي في هافانا، إضافة إلى دور عبادة، وهو ما يفسر الاهتمام الإيراني بنشر الفكر الثوري الإيراني هناك، واستقطاب عناصر كوبية لاعتناق الفكر الثوري الإيراني. ويقدر عدد الكوبيين المتحولين إلى المذهب الشيعي بنحو سبعين فردا، وهو العدد الذي تستثمر فيه طهران لزيادة عدد معتنقي المذهب من الكوبيين المتحولين. وبالفعل أشار أوميري إلى أن مدينة قم الإيرانية احتضنت عددا من هؤلاء الكوبيين الذين أرسلهم المركز الثقافي إلى الجامعة الدولية للأجانب في قم، والمسمى «جامعة المصطفى»، وذلك لتعلم المذهب الشيعي على يد الإيرانيين هناك. ويقول إيمانويل أوتولينغي الباحث في مؤسسة الدفاع الأميركية «FDD»، نقلا عن شهادات لخبراء، إن طهران بالفعل عينت رجل دين شيعيا لاتينيا من أصل أرجنتيني، ليقوم بتمثيل النظام الإيراني في كوبا، وهو إيدغاردو روبين سهيل أسد، ويوصف أسد بأنه تلميذ لرجل الدين الإيراني محسن رباني، وهو المتهم في تفجيرات بوينس آيرس. وأشار أوتولينغي إلى أن إيران لا تُكذّب هذه البيانات، بل تتباهى بنشرها، وذلك لأنها في أكثر من مرة قامت بإذاعة أفلام تسجيلية عبر الفضائية الإيرانية الموجهة باللغة الإسبانية «هيسبان تي في» للحديث عن رجال الدين الإيرانيين، ودورهم في نشر تعاليمهم في أميركا اللاتينية. من جهتها قالت فيكتوريا كوتيس المستشارة الأمنية للسيناتورالأميركي تيد كروز، إن تعليمات إدارة الرئيس أوباما لمدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابار للتعاون الاستخباري مع كوبا، تمثل تهديدا بالغا للأمن القومي الأميركي والشعب الأميركي. وأضافت كوتيس أن إدارة الرئيس أوباما أرادت تخفيف الحصار عن كوبا، إلا أن هافانا لا تزال توطد علاقاتها مع النظام الإيراني، والذي يستخدم أموال رفع العقوبات عنه لضخها في الجزيرة الكوبية. النظام الإيراني أبدى اهتمامه بالجزيرة الكوبية في أكثر من موقف، وذلك عبر السنوات الأخيرة، وهذا ما تعكسه الزيارات المتكررة للمسؤولين الإيرانيين إلى الجزيرة، وأيضا زيارات المسؤولين الكوبيين إلى طهران، وبرز ذلك هذا العام في زيارة وزير الخارجية الإيراني الأخيرة إلى أميركا اللاتينية، والتي شملت كوبا، وهي الزيارة التي وُجهت فيها أصابع الاتهام إلى النظام الإيراني بأنه يقوم ببناء شبكاته المدعومة بعناصر ما يسمى «حزب الله» للتجسس في الفناء الخلفي الأميركي.
مشاركة :