بعد التعهد الذي قطعه مرشح الانتخابات الرئاسية الأمريكية ترامب وهيلاري بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس حال الفوز بمقعد الرئاسة، يطرح هذا السؤال نفسه: هل يدخل هذا التعهد الذي ظل يعد به مرشحو الرئاسة الأمريكية طيلة ربع قرن حيز التنفيذ هذه المرة؟ حملة اليهودي الهارب يقول وليام كوانت في الإجابة على هذا السؤال، إنه ليس من الغريب أن تبرز مرة كل 4 سنوات مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، في حين يجري تأخير البت في مبيعات الأسلحة إلى الدول العربية، وأن يبرز المرشحون المتنافسون على الرئاسة في برامجهم ما يتفق مع مصلحة مؤيدي إسرائيل. وفي 1984، العام الذي بدأ فيه الكونجرس مطالباته بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، قاد توم لانتوس عضو مجلس النواب عن كاليفورنيا – اليهودي الهارب من ألمانيا - حملة لإصدار تشريع بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وتابع اللوبي الإسرائيلي تلك الحملة حتى نجحت في إصداره عام 1996. قرار «الشيوخ الأمريكي» باطل كان مجلس الشيوخ أصدر قرارا في أبريل 1990 باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال بالرغم من تناقض هذا القرار مع القانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 181 (قرار التقسيم) الصادر في 29 /11 /1947 الذي منحت إسرائيل بموجبه 53% من مساحة فلسطين، وحيث لم تكن القدس ضمن هذه النسبة. كذلك لم ينص المشروع على أي اتصال بري بين إسرائيل والقدس. كما أن القانون الدولي ينص على أنه لا يجوز نقل ملكية الأراضي قانونيًا إلا بعد أن تؤكده معاهدة. ولا توجد حتى الآن أي معاهدة بين إسرائيل وجيرانها العرب بشأن القدس.أي أن ضم القدس يعتبر باطلاً، وبالتالي فإن قرار مجلس الشيوخ باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل يعتبر باطلاً. مبدأ التعويض الدبلوماسي يرى دوري جولد مدير مشروع «السياسة الأمريكية الخارجية والدفاعية» في مركز يافي للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب ومستشار الوفد الإسرائيلي إلى مؤتمر مدريد في دراسة له نشرت أواسط التسعينيات أن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى الجزء الغربي من القدس من شأنه تحسين وضع إسرائيل التفاوضي بشأن القدس، لاسيما إذا تحقق الاعتراف الأمريكي بمكانة إسرائيل في القسم الغربي من المدينة بمعزل عن القدس الشرقية. ويضيف إنه من دون نقل السفارة، سيسعى الفلسطينيون لربط الاعتراف الأمريكي بمكانة إسرائيل في القدس الغربية باعتراف الولايات المتحدة بالعاصمة الفلسطينية في القدس الشرقية. ويستطرد بالقول: «وما دامت الولايات المتحدة لم تعرض على الفلسطينيين تعويضًا دبلوماسيا من أي نوع في القدس في مقابل نقل السفارة، فإن خطوة الولايات المتحدة ستكون في مصلحة إسرائيل». رأي الكونجرس ووفقًا للدستور الأمريكي، فإنه إذا اعترض الرئيس على تشريع أقره الكونجرس، يسقط عندئذ قرار الكونجرس ما لم يؤكد مجلس الكونجرس في تصويت جديد وبأغلبية الثلثين نفس القرار ضمن ما يسمى بـ «رأي الكونجرس». والتشريع في هذه الحالة يعتبر، أي رأي الكونجرس، قرارًا مخففًا غير ملزم للرئيس بوجوب تنفيذه. ويمكن تعليق تنفيذه في هذه الحالة كل 6 أشهر، وهو ما ينطبق على قرار الكونجرس الصادر عام 1996. مشروع قانون سنة 1995 وبتاريخ 9 /5 /1995، تقدم روبرت دول، زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ الأمريكي بمشروع قانون عرف باسم قانون سنة 1995، لتنفيذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقد أقره الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ بتاريخ 23 /10 /1995، وتضمن المشروع في القسم الثاني منه أن القدس هي عاصمة إسرائيل منذ العام 1950، وهي المركز الروحي للديانة اليهودية، وأعاد الكونجرس التأكيد على قرار مجلس الشيوخ رقم (113 لسنة 1992) والذي ينص على أن القدس يجب أن تظل موحدة تحت السيادة الإسرائيلية. وفي القسم الثالث من القانون طالب الكونجرس الإدارة الأمريكية بالاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وحدد إجراءات عقابية مالية ضد وزارة الخارجية الأمريكية في حال عدم التزامها بالانتهاء من إجراءات افتتاح السفارة في القدس في موعد أقصاه 31 /5 /1999. بيد أن الرئيس كلينتون ظل يؤجل تنفيذ هذا القانون، استنادا للصلاحيات الرئاسية التي تخوله هذا الحق عند نهاية كل ستة أشهر. «قانون بوش الابن» وفي تطور آخر خطير صدر في عهد الرئيس جورج دبليو بوش الابن قانون اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل في محاولة لضمان الفوز بفترة رئاسية ثانية. وتكمن خطورة هذا القانون في أنها المرة الأولى منذ عام 1948 التي يتبنى فيها رئيس أمريكي هذا التوجه. إلى جانب ما شكله من سابقة خطيرة في العلاقات الدولية لأنه لم يحدث قط أن حاول مشرعون في أي دولة اختيار أو تحديد عاصمة لدولة أخرى.
مشاركة :